Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المرض أرحم بـ"أطفال السرطان" في مصر من "التعويم والإشاعات"

حملة تبرع افتراضية لإنقاذ "57357" من الغلق ومسؤولو المستشفى: "الموازنة تكفي 4 أشهر فقط"

بحسب مجلس الأمناء تراجعت التبرعات منذ 2018 حين بدأ الكاتب الراحل وحيد حامد هجومه ضد المستشفى (مواقع التواصل)

بفعل التركيز الإعلامي وإعلانات التبرع الكثيفة ظلت مستشفى "57357" من أشهر المستشفيات في مصر، بما تحمله من رونق لفكرة علاج الأطفال المصابين بالسرطان بالمجان، لكن فوجئ المصريون قبل أيام بأنباء عن تهديد المستشفى بالغلق بسبب نقص التمويل القائم على الإنفاق من أموال التبرعات على رقم الحساب البنكي الذي استمد منه المستشفى اسمه، الأمر الذي دفع إلى إطلاق حملة عبر مواقع التواصل بعنوان "أنقذوا 57357" تدعو إلى التبرع للمستشفى وشارك بها فنانون ورياضيون.

بدأت فكرة إنشاء "57357" كأول مستشفى لعلاج أورام الأطفال في مصر بالمجان عام 1999، بعد ارتفاع نسبة المصابين بالسرطان من صغار السن وعدم قدرة المعهد القومي للأورام على استيعاب هذا العدد من المرضى في ظل قلة الإمكانات، حيث تم فتح حسابات بنكية عدة لاستقبال تبرعات المستشفى الذي وصفه كثيرون وقتها بالحلم.

في بداية عمل المستشفى الواقع بحي السيدة زينب بالعاصمة المصرية القاهرة، كان يضم 185 سريراً ارتفعت إلى نحو 345 سريراً، لكن ذلك الرقم الذي ورد في التقرير السنوي للمستشفى يشمل أيضاً فرع مدينة طنطا، الذي أغلق في يوليو (تموز) الماضي نتيجة الصعوبات الاقتصادية.

وبحسب المستشفى، فإن نسب الشفاء لمرضاها تصل إلى نحو 72 في المئة، وتستقبل أكثر من 3400 مريض سنوياً، وتخدم إجمالاً 17 ألف مريض بين المستشفى والعيادات الخارجية والمتابعة لما بعد الشفاء.

وبحسب الرئيس التنفيذي لـ"57357" فإن ودائع المستشفى لدى البنوك كانت قد وصلت إلى 3.4 مليار جنيه قبل سنوات، لكن تم فك جميع الودائع منذ تحرير صرف الجنيه عام 2016 والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تتابعت بعد ذلك.

تحقيق حكومي

يرجع عضو مجلس أمناء المستشفى عبادة سرحان بداية تراجع إيرادات التبرعات إلى عام 2018 حين بدأ الكاتب الراحل وحيد حامد سلسلة مقالاته ضد المستشفى، التي تساءل خلالها عن مصير أموال التبرعات، قائلاً إن الإدارة تصرف نحو 200 أو 300 مليون جنيه سنوياً على العلاج من إجمالي نحو مليار جنيه تبرعات والباقي يذهب معظمه على الإعلانات في وسائل الإعلام للدعوة إلى التبرع.

وقال سرحان إن "حامد كان رجلاً محترماً، لكن يبدو أن هناك من أعطاه صورة خاطئة عن المستشفى"، مضيفاً لـ"اندبندنت عربية" أن الحكومة المصرية شكلت لجان فحص عدة لمراقبة أوضاع المستشفى وحجم التبرعات التي تؤول له، وبرأت ساحته من تهم الفساد بعد نشر مقالات وحيد حامد، ليعقب ذلك أزمة كورونا وما تلاها من أوضاع اقتصادية صعبة أثرت بشكل كبير على تبرع العامة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي ديسمبر (كانون الأول) عام 2018، أصدرت لجنة شكلتها وزارة التضامن الاجتماعي بعضوية 16 مسؤولاً ورئاسة قاض، بياناً برأت فيه ساحة إدارة المستشفى بعد مراجعة وفحص سجلاتها الصادرة على مدار خمسة أعوام (2013-2018).

وبحسب وسائل إعلام محلية، فإن التقرير كشف عن أن التبرعات وعوائد الاستثمار التي وصلت المستشفى في الفترة الأخيرة بلغت 1.3 مليار جنيه سنوياً، ونسبة الإعلانات للدخل الكلي للمؤسسة في الفترة من 2013 وحتى 2017 تتراوح بين ستة و10 في المئة فقط، في حين أن النسبة التي صرحت بها وزارة التضامن للجهات المثيلة هي 20 في المئة.

وأوضح عضو مجلس أمناء المستشفى أن حملة إنقاذ المستشفى والتبرع له خلال الأيام الماضية لا يمكن قياس مردودها الآن، نافياً أن يكون نجم منتخب مصر لكرة القدم ولاعب نادي ليفربول الإنجليزي محمد صلاح قد تبرع للمستشفى حتى اللحظة، بعكس ما تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وأضاف أن ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري يعد أحد عوامل الأزمة المالية التي يمر بها المستشفى، بخاصة مع ارتفاع تكلفة الأدوية والمعدات الطبية بشكل كبير خلال السنوات الماضية.

وتابع "الظروف كلها أدت إلى الأزمة الحالية سواء الهجوم على المستشفى واتهام إدارته بالفساد، ثم كورونا، ثم تراجع الجنيه والأزمة الاقتصادية".

الرقابة على التبرعات

حملة الدعوة للتبرع قابلتها دعوات أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي بالرقابة على أوجه إنفاق تلك التبرعات، وتساءل كثيرون حول آلية الرقابة على إدارة المستشفى وغيره من المؤسسات القائمة على التمويل الأهلي. توجهنا بذلك التساؤل إلى عضو مجلس أمناء مستشفى "57357" الذي أجاب بأن "المستشفى يتبع جمعية أهلية تراقبه وزارة التضامن الاجتماعي وفقاً للقانون، وتدقق الوزارة في أوجه صرف التبرعات والميزانية الكاملة للمستشفى وكل تعاملاته المالية، وميزانية المستشفى معلنة ومراقبة من جانب الدولة، وإن وجدت الجهات الرقابية أي مخالفات فستحاسبنا وفقاً للقانون"، بحسب تعبيره.

وأكد سرحان أن مصروفات المستشفى ارتفعت بعد زيادة سعر صرف الدولار بشكل تعجز التبرعات بحجمها الطبيعي على توفير احتياجاته الأساسية، وهو ما حدث في فرع المستشفى بطنطا عندما قررت الحكومة تسليمه إلى جامعة طنطا لتشغيله بدلاً من الغلق، مضيفاً أن استمرار المستشفى وعدم إغلاقه خلال أشهر عدة يحتاج إلى تكاتف الشعب المصري بأكمله، واستبعد التوجه إلى طلب دعم حكومي لأن الدولة في ظل الظروف الحالية لا تستطيع تقديم أشياء كثيرة.

وتوقع سرحان اتجاه إدارة المستشفى إلى الغلق إذا استمرت الأوضاع الحالية من قلة التبرعات، معرباً عن تمنيه تكاتف المؤسسات المصرية مع المواطنين لإنقاذ "57357" من الانهيار، ومضيفاً "حرام أن يغلق هذا الصرح العملاق المخصص لإنقاذ المئات من السرطان، وأكيد ممكن يبقى فيه (هناك) مبادرات ما من البنوك أو مؤسسة الزكاة التابعة للأزهر لإنقاذه".

وأشار إلى أن "الأزمة الحالية انعكست تداعياتها على علاج المرضى بعد قرار الإدارة بالاكتفاء بمتابعة مرضاها من الأطفال حتى سن 22 فقط بدلاً من 25 كما كان الأمر في السابق لتقليل المصروفات، ما قد يؤدي لانتكاسة بعضهم".

وفي تصريحات تلفزيونية، قال المدير التنفيذي شريف أبو النجا إن "خزانة المستشفى بها 300 مليون جنيه تكفي الاحتياجات لمدة أربعة أشهر مقبلة"، لكنه أشار إلى ثقته في دعم المصريين الذين لن يسمحوا بغلق المستشفى.

ولدى سؤاله في شأن من يراقب أموال التبرعات أجاب بالقول "ربنا سبحانه وتعالى"، واستدرك أن "جهات الرقابة الإدارية وأجهزة الأمن القومي ووزارة التضامن جميعها تراقب المستشفى وأوجه الإنفاق"، كما نفى تراجع التبرعات في الأعوام الأخيرة، مرجعاً الأزمة إلى تغير سعر الصرف وزيادة المصروفات لأن المستلزمات الطبية مستوردة، ودلل على ذلك بالقول إن "علاج مريض سرطان الدم على سبيل المثال كان يتكلف 700 ألف جنيه (28.424 دولار) قبل انخفاض قيمة العملة المصرية".

وفي احتفالية بالمستشفى بمناسبة يوم التطوع الجمعة قال أبو النجا إن "المستشفى لن يغلق أبوابه، وسوف يستمر في أداء رسالته لأنه ملك لكل المصريين وليس ملكاً لأحد ولا باسم أحد".

أزمة المستلزمات الطبية

وتعاني مصر من نقص بعض الأدوية والمستلزمات الطبية والجراحية بعد ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه، وتواجه بعض المستشفيات أزمة في التشغيل نتيجة عدم توافر احتياجاتها الطبية سواء أجهزة أو أدوية أو حتى قطع غيار لأجهزة تمتلكها، وذلك بالتزامن مع أزمة في سوق الأدوية وصعوبة استيراد عدد من المواد الفعالة.

رئيس شعبة المستلزمات الطبية بغرفة القاهرة التجارية محمد إسماعيل طالب في تصريحات لصحف محلية، بوضع أجهزة الدولة المستلزمات الطبية والأدوية كأولوية في توفير العملة الصعبة وتذليل العقبات أمام استيرادها وسهولة دخول الشحنات من الموانئ، موضحاً أنه خلال الفترة الأخيرة وطبقاً لقرارات البنك المركزي توقف نحو 80 إلى 90 في المئة من إمدادات المستلزمات الطبية والدواء وغيرها وحدث نقص كبير في بعض الأصناف.

وأشار إسماعيل إلى أن البنك المركزي تدخل لتوفير النقد الأجنبي للإفراج عن 55 شحنة مستلزمات طبية مستوردة، وجار الإفراج عن 98 شحنة أخرى.

في الأيام الماضية تصدر وسم (هاشتاغ) بعنوان "أنقذوا 57357" قائمة الأكثر رواجاً على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، في حين تبنى عدد من الفنانين المصريين بينهم منى زكي وعمرو يوسف حملة لدعم المستشفى وحث المصريين على التبرع لها من أجل استمرار عملها في علاج أطفال السرطان بالمجان، وهو الأمر الذي كرره نجم نادي الزمالك محمود عبدالرازق شيكابالا، الذي رفع شعار "أنقذوا مستشفى 57357" بعد إحرازه هدفاً في إحدى مباريات الدوري المحلي.

ووصلت أصداء الأزمة إلى البرلمان المصري، حيث طالب النائب محمود قاسم الحكومة بسرعة التدخل لإنقاذ الأوضاع المالية داخل مستشفى "57357" قائلاً إن "المستشفى الآن يقوم بإبلاغ المرضى الجدد بالتوجه إلى مستشفيات أخرى".

وناشد النائب الحكومة الإسراع في تدبير الموارد المالية للمستشفى، سواء عبر المنح التي تصل إلى وزارة التعاون الدولي أو من أي مصادر مالية أخرى لدى الحكومة، كذلك دعا رجال الأعمال والمواطنين إلى سرعة التبرع لإنقاذ المستشفى.

وطالبت النائبة هناء سرور عضو لجنة الصحة بمجلس النواب الحكومة والجهات المتخصصة بإنقاذ مستشفى "57357" من الغلق وإسقاط المديونية ومعاملته مثل مستشفيات الحكومة في فواتير الكهرباء والغاز والمياه حتى يستمر المستشفى في علاج الأطفال بالمجان.

المزيد من متابعات