Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التخصيب الإيراني هل ينضب الموقف الأميركي؟

طهران بعثت برسائل تصرّ على عدم تسميتها بالتنازلات بل تفاهمات يمكن الاتفاق عليها مع واشنطن

أحد مراكز تخصيب اليورانيوم في إيران (أ.ب)

في الأيام الأخيرة ارتفعت وتيرة الحديث عن إمكان أن يكون اجتماع للجنة متابعة تطبيق الاتفاق النووي المؤلفة أساساً من دول مجموعة 5+1 المقرر عقده منتصف هذا الشهر يوليو(تموز)، اجتماعاً مفصلياً ومصيرياً في إطار المواجهة المحتدمة بين واشنطن وطهران. والأغلب أن هذا الاجتماع سيكون باستضافة فرنسية بناء على الجهود الدبلوماسية التي بذلها الرئيس إيمانويل ماكرون وفريقه مع القيادتين الإيرانية والأميركية، من أجل التوصل إلى آلية تسمح بفتح نافذة من أجل مواصلة الجهود لمنع تفاقم الأزمة ومنع إيران من الذهاب إلى مزيد من الخطوات التصعيدية وصولاً إلى الخروج من الاتفاق النووي وما فيه من تداعيات خطرة على الاستقرار الدولي والإقليمي.

المسعى الفرنسي

منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانسحاب من الاتفاق النووي في الثامن من يونيو 2018، حرصت طهران على وصف اجتماعات هذه اللجنة بأنها لدول مجموعة 4+1 لأنها كانت تجري من دون مشاركة المندوب الأميركي، إلا أن الحديث عن العودة إلى الآلية السابقة ومشاركة جميع الدول الموقعة على الاتفاق، يأتي بعد الحديث الهاتفي بين الرئيسين الفرنسي والإيراني، وأعقبه حديث آخر هاتفي بين ماكرون وترمب، إلا أن آلية المشاركة الأميركية لم تتوضح حتى الآن، هل ستكون مشاركة كاملة وفاعلة وعضوية تامة، بمشاركة وزير الخارجية مايك بومبيو في ظل الحديث بأن يكون الاجتماع على مستوى وزراء الخارجية، أم على مستوى مندوب عن هذه الإدارة، أم مشاركة تحت مسمى "مراقب" تحتفظ فيها واشنطن بتمسكها بقرار الانسحاب، وتبقى طهران تحت سقف الموقف الذي رسمه المرشد الأعلى برفض التفاوض، إلا أنها تحقق نقطة إيجابية في جرّ الولايات المتحدة للعودة إلى الاتفاق بشكل غير رسمي، ويتمكن كلا الطرفين من تبادل الرسائل بينهما مباشرة من دون وسيط، على قاعدة "لا غالب ولا مغلوب" إنما معادلة "رابح – رابح".

يبدو أن طهران استطاعت توظيف الإجراءات التي قامت بها من تقليص التزاماتها ببنود الاتفاق النووي في استنفار المخاوف الدولية بإمكان عودتها إلى ترجمة طموحاتها النووية التي كبحها الاتفاق النووي وأخّرها زمنياً وفرض عليها رقابة صارمة، خصوصاً المخاوف من الانتقال إلى المستوى العسكري أو لجوئها إلى خطوة أكثر تصعيداً بوقف التعاون مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ونقله إلى برنامج سري خفي "Underground program"، ما يسهم في تعقيد الأمور في تعامل المجتمع الدولي معها وقد تصل الأمور بالدول الرافضة هذه الأنشطة إلى اعتماد خيار المواجهة العسكرية لضرب هذه الطموحات. من هنا يأتي موقف المرشد الأعلى، الذي رسم السقف للإدارة السياسية للحكومة برئيسها حسن روحاني وعميد دبلوماسيتها محمد جواد ظريف بالتمسك بالشروط الإيرانية الرافضة أي مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة في ظل العقوبات المفروضة.

من هنا، يبدو أن الغضبة الأميركية التي برزت في مواقف سفيرتها لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية جاكي وولكوت خلال الاجتماع الطارئ الذي عقدته الوكالة بناء على طلب واشنطن متهمة طهران بالقيام بـ"ابتزاز نووي"، قد يكون تعبيراً واضحاً عن الجدار الذي وضعته طهران مدعومة بموقف روسي واضح من العودة إلى المفاوضات في ظل العقوبات على الرغم من كل الإغراءات في التعاون والحوار من دون شروط والعلاقات الثنائية التي عبّر عنها السفير الأميركي في الرياض جون أبي زيد (في حديثه إلى قناة العربية).

هل تشارك واشنطن في الاجتماع المرتقب؟

وفي حال نجحت الجهود الفرنسية في إقناع الولايات المتحدة بالمشاركة في اجتماع مجموعة 5+1 ولو بصفة مراقب، فإن ذلك يعني وجود توجه أوروبي بعدم القناعة بالتصعيد الأميركي وميلاً نحو تبني ولو جزئياً الموقف الإيراني من أجل تسهيل عملية التفاوض وعودتها للالتزام بالاتفاق النووي والتراجع عن الإجراءات التي اتخذتها في ما يتعلق بموضوع التخصيب والتهديد بخطوات تصعيدية أكبر. خصوصاً أن المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إلى طهران إيمانويل بون يبدو أنه سمع من المسؤولين الإيرانيين مقترحات تتعلق بآلية الخروج من الأزمة لم تتردد طهران بطرحها على كل الوفود والوساطات التي زارت طهران في الأشهر الماضية. وهي التي دفعت الرئاسة الفرنسية إلى التمسك بهذه الفرصة والعمل من أجل التوصل إلى حلول لهذه الأزمة.

وفي حال نجحت الرئاسة الفرنسية في تدوير الزوايا بين واشنطن وطهران واستطاعت إقناع الإدارة الأميركية في المشاركة في الاجتماع المقرر بأي مستوى تحدده، فإن ذلك يعني أن التخصيب الإيراني استطاع تنضيب الموقف الأميركي، في المرحلة الأولى، وهي عودته إلى الاتفاق النووي بشكل غير مباشر، وهذا يعني أن الشرط الأول لطهران قد تحقق، وبانتظار تحقق شرط رفع العقوبات، فإن باب الحوار سيكون مفتوحاً حول اعتبار العودة الأميركية إلى المشاركة في لجان الاتفاق النووي بمثابة عودة إلى هذا الاتفاق أو تذهب الحوارات داخل هذه اللجان إلى التفاهم على آليات لتخفيف العقوبات قبل الجلوس إلى طاولة حوار وتفاوض مباشرة بين الطرفين.

إلا أن الخطوة الأميركية في حال حصلت لن تكون إعلان هزيمة أمام إيران وشروطها، إذ تشير بعض الأوساط الإيرانية المطلعة على كواليس الحوارات التي تجري بين القيادة الإيرانية والوسطاء الدوليين، إلى أن طهران بعثت برسائل تصرّ على عدم تسميتها بالتنازلات بل تفاهمات يمكن الاتفاق عليها مع واشنطن تتضمن التعاون في توسيع دائرة المراقبة على الأنشطة النووية وبمشاركة أميركية مباشرة، والتعاون في الملفات الإقليمية مع الاعتراف الأميركي بدور طهران ومشاركتها في هذه الملفات ومصيرها، والتفاهم على البرنامج الصاروخي تلتزم فيه طهران بعدم تطوير مديات صواريخها الباليستية ووقف أي تجارب لتطويرها لتكون قادرة على حمل رؤوس نووية في المستقبل. أي أن أي ليونة في المواقف الأميركية ستكون مقابل "تفاهمات" إيرانية حول الملفات التي تشكل أساس الأزمة بينهما وصولاً إلى بحث التعاون والعلاقات المباشرة بين البلدين.

المزيد من آراء