يشكل الاقتراح بأن تعيد المملكة المتحدة النظر في اتفاقية بريكست – لإبرام بعض الاتفاقات القطاعية مع الاتحاد الأوروبي من أجل تقليص الضوابط ــ اقتراحاً عملياً، لكن في حزب المحافظين اليوم، هو أيضاً مادة استفزازية.
من المؤكد أن من شأنه أن يساعد المصدرين، والشركات التي تعتمد على سلاسل الإمدادات الأوروبية، وتخفيف التوترات حول بروتوكول إيرلندا الشمالية، وتعزيز النمو الاقتصادي المخيب للآمال الذي تشهده المملكة المتحدة عموماً. لكنه يعني أيضاً حرية حركة اليد العاملة، وبعض المواءمة بين التنظيمات، وتولي محكمة العدل الأوروبية الإشراف عليه – ولو جزئياً على الأقل.
لكن نفحة التلميح إلى اقتراح غامض يمكن استكشافه مبدئياً كانت كافية لإثارة عصبية المشككين في أوروبا المحافظين. ذلك أن مشهد هؤلاء البرلمانيين المصدومين في خوف وكرب من احتمال التدخل في بريكست الكامل الثمين في نظرهم كان هزلياً في شكل إيجابي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما مجموعة البحوث الأوروبية، التي لم تكن أوروبية قط، ولم تقم بقدر كبير من البحث، ولم تكن منضبطة إلى حد أنها عملت أحياناً كفصيل، فعقدت اجتماعاً طارئاً. وهددت بـ"الاضطرابات". وقال وزير الصحة ستيف باركلاي، وهو أيضاً وزير سابق لبريكست ومتشدد بعض الشيء، إنه لم يعترف بالخطة وكان ضدها. واصطف آخرون للتنديد بما قد يكون عليه هذا الأمر الكريه على الطريقة السويسرية: أصدرت كلوي سميث، التي عادت إلى مقاعد النواب بعد فترة وجيزة للغاية في مجلس الوزراء، واللورد (ديفيد) فروست وسيمون كلارك، المحروم من المناصب والمجرد منها على التوالي في عهد ريشي سوناك، ضجة تهديدية أيضاً.
من المعقول تقريباً أن يكون الشخص الذي أطلع "صنداي تايمز" في البداية على إمكانية التوصل إلى اتفاق على الطريقة السويسرية قد فعل ذلك بغرض "بث الضحك"، وفق العبارة الحديثة. إذا كان الكشف بغرض الإثارة، من المؤكد أنه نجح في ذلك. وإذا كان ممارسة لـ"تعويم" سياسة غريبة بعض الشيء لقياس مستوى المعارضة، فالمهمة أُنجِزت أيضاً. أثناء الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء أمام اتحاد الصناعة البريطاني، الذي دعا علناً إلى مزيد من الهجرة من أجل علاج العجز في العمالة، لم يكن أمام الخطيب أي خيار غير تسديد ضربة إلى الخطة السويسرية (لا سيما في ضوء إمساك سوناك بطريقة هشة بيمين حزبه). لن تحصل "مواءمة" للقوانين، ما يترك هامشاً قليلاً للمناورة في شأن بروتوكول إيرلندا الشمالية، لكن الهامش لن يكون كبيراً.
والواقع أن هذه المناوشة الصغيرة الغريبة بعض الشيء في حروب بريكست التي لا تنتهي افتُتِحت قبل بضعة أيام بملاحظة أدلى بها وزير المالية جيريمي هانت في مقابلات أُجرِيت معه بعد بيانه الخريفي. في مزاج من الصراحة النادرة في هذه الإدارة، اعترف هانت بالضرر الذي ألحقه بريكست بالتجارة وأعلن أنه يمتلك "ثقة كبيرة في أننا سنجد على مدى السنوات المقبلة ونحن خارج السوق الموحدة أننا قادرون على إزالة الأغلبية العظمى من الحواجز التجارية القائمة بيننا وبين الاتحاد الأوروبي. وسيستغرق الأمر بعض الوقت".
من الناحية التقنية، قد تظل المملكة المتحدة خارج الاتحاد الأوروبي، وخارج السوق المشتركة، حتى ولو أبرمت بعض الاتفاقات الثنائية في قطاعات معينة من الاقتصاد. وهذا من شأنه أن يعزز الإبقاء على الضرائب أقل مما كانت لتسجله بخلاف ذلك ويساعد في ذلك، وربما كان هذا ما لا يزال في ذهن هانت. لكن هذا من المستحيل سياسياً أيضاً في الوقت الحاضر، حتى ولو تمتع شخص ما، يعمل ربما في وزارة المالية، ببعض الضحك على طول الطريق.
© The Independent