Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"مول الحانوت" المغربي... بؤرة الغذاء والأمن والتعايش

يلعب دوراً رئيساً في توفير السلع ومساعدة الفقراء وحل المشكلات الاجتماعية وإشاعة الطمأنينة

يوجد أكثر من 300 ألف تاجر مواد غذائية في المغرب (وكالة المغرب العربي للأنباء)

"مول الحانوت"، لقب يسري على لسان ملايين المغاربة لتسمية البقال أو صاحب المحل التجاري الصغير الذي يبيع المواد الغذائية، الذي لا يكاد يخلو منه حي أو زقاق سواء في المدينة أو القرية.

ويضطلع التاجر الصغير أو "مول الحانوت" بمهمات وخدمات تجارية واجتماعية أيضاً تتجاوز مساحة محله التجاري الصغير لتعم الأسر القاطنة في الحي، وتسهم في إنعاش الرواج الاقتصادي للبلد، كما يعد صمام أمان خلال الأزمات الكبرى مثل جائحة كورونا.

ظهر دور "مول الحانوت" بشكل لافت إبان أزمة الجائحة التي تسببت في عديد من قرارات الإغلاق، فواجه التجار الصغار عبء المحنة من خلال التعامل مع هذه الظروف الصعبة وتموين السوق الوطنية، وأيضاً التعامل مع المستهلكين وجهاً لوجه، علاوة على تحمل التغيرات الاجتماعية التي تسببت فيها الجائحة، خصوصاً فقدان كثيرين لوظائفهم، بالتالي مقدرتهم على سداد ديونهم إلى "مول الحانوت".

الحكومة و"مول الحانوت"

تفيد أرقام رسمية بأنه يوجد في المغرب أكثر من 300 ألف تاجر مواد غذائية، وتشكل هذه الفئة من التجار الصغار 85 في المئة من التجارة في المغرب، كما أنه أكثر قطاع مشغل بالمغرب بعد قطاع الفلاحة، إذ يوفر 1.5 مليون منصب شغل.

وتعترف الحكومة بالدور المحوري الذي يقوم به "مول الحانوت" باعتباره الممون الأول للمغاربة بالسلع والبضائع اليومية، ودوره الرئيس في تقوية النسيج الاقتصادي والتماسك الاجتماعي أيضاً. وتسعى من جانبها إلى إقرار خطة مشكلة من أربعة محاور لدعم وتشجيع البقال الصغير في مواجهة التحديات والمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، لا سيما أمام حدة وشراسة المنافسة التجارية للأسواق الكبرى.

المحور الأول بحسب الاستراتيجية الحكومية المرتقبة تمكين "التجار الصغار" من شراء السلع بالثمن نفسه الذي تقتني به الأسواق الكبرى، والثاني إخراج قانون يتيح لـ"مول الحانوت" التموقع بشكل جيد داخل السوق الوطنية.

ويتمثل الثالث بمساعدته في الحصول على صيغ سهلة وميسرة لتمويل أنشطته في توسيع تجارته أو توسيع محله التجاري الصغير، بينما الرابع يتمحور حول ولوج الرقمنة بهدف توسيع عرض التجار الصغير ليتعدى الحي والزقاق إلى فضاء أوسع.

خدمات اجتماعية لا تحصى

يظل "مول الحانوت" الشخصية الأكثر حضوراً وتأثيراً داخل كل حي، فهو لا يبيع المواد الغذائية الأساسية للساكنة من زيت وحليب وخبز وطحين فقط، لكن أيضاً لأنه "العين" التي تسهر على راحة الحي وكفايته غذائياً واقتصادياً وأمنياً أيضاً.

بدوره يوضح الحسين أوكفانو، بقال صغير في أحد أحياء مدينة سلا لـ"اندبندنت عربية"، إن "مول الحانوت" يوفر السلع والمواد الغذائية للمستهلكين، وهو في الوقت نفسه يراعي أحوالهم المالية والاجتماعية، خصوصاً الفقراء والحالات الاجتماعية الصعبة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يضيف كثيراً ما يسمح لمثل هذه الفئات المحتاجة التبضع منه بشروط ميسرة، مثل سداد ما عليهم في آخر الشهر أو عندما تتوفر لديهم النقود، لكنه بسبب هذه المعاملة يتعرّض أحياناً للنصب والاحتيال عند رفض بعض الفئات أداء ما لديهم عندما يحين الأجل.

يلتقط خيط الحديث مولاي الطاهر، صاحب محل للبقالة، قائلاً إن "مول الحانوت" يقوم بدور "أمني" أيضاً في الحي والمدينة، بالنظر إلى الكاميرات المثبتة في محله، التي كثيراً ما يستعين بها الأمن للقبض على اللصوص أو المنحرفين.

أوضح أن خدمات "مول الحانوت" لا تتوقف عند هذ الحد، بل كثيراً ما يكون ملجأ لأسرار الجيران ونمائمهم، ومطلعاً على خصومات الأزواج وخلافاتهم من واقع احتكاكه بالنساء اللاتي يبحن له بمشكلاتهن حتى أنه أحياناً يتدخل لحل هذه النزاعات الأسرية.

واستدرك الطاهر أن هذه الخدمات الاجتماعية والاقتصادية التي يقدمها "مول الحانوت" لا تعني أنه ملاك لا يخطئ، بل هناك حالات عديدة يحتال فيها أصحابها على مستهلكيهم، أو يخون الأمانة، أو يغش في بضاعته.

"مول الحانوت"... عين الحي

من جانبه يرى الأكاديمي بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن "مول الحانوت" يضحي بوقته وصحته لإرضاء الناس بكل ما يحتاجون إليه من مواد غذائية وخدمات مختلفة لا توجد في الأسواق الكبرى أو المتوسطة.

يضيف يعد بحق عمود توزيع جميع المواد التي يحتاج إليها المستهلك كل يوم، ووجوده في التجمعات السكنية حضرية أم قروية يشكل حلقة حيوية في السوق المغربية، ومن دونه لكانت البوادي بالخصوص تعيش عجزاً فادحاً في ضمان المواد الاستهلاكية.

وتابع إضافة إلى هذا الدور الاقتصادي، يلعب "مول الحانوت" دوراً رئيساً في التواصل بين أفراد الحي أو القرية، إذ يهتم بالتدخل كوسيط بين العائلات، وكذلك بين أفراد العائلة كلما وقع تخاصم أو نزاع، كما أنه محط أخبار الحي كله.

يوضح أن "مول الحانوت" يراقب كل صغيرة وكبيرة في الحي، فهو العين التي لا تنام، يعرف كل سكان الحي صغارهم وكبارهم، ويعلم كل شيء عن الدخلاء بينهم، بالتالي فهو عنصر رئيس في معرفة أخبار الحي سيئها وجيدها.

ولفت إلى أن "البقال ليس خريج كلية أو مدرسة عليا للتجارة، لكنه يدبر تجارته أحسن تدبير، بفضل تعلمه لهذا المهنة منذ الصغر"، مردفاً أن "هذا الفاعل الاقتصادي يستحق التنويه، خصوصاً بفضل ما قام به إبان جائحة كورونا، إذ كان جندياً مجهولاً خاطر بحياته لتموين المغاربة بما يحتاجون إليه من سلع ومواد أساسية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير