Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا لا يستعيد المغرب أطفاله من مخيمات "داعش"؟

السلطات تخشى نقل "العقيدة القتالية" إلى البلاد وحقوقيون: كلما تركوا أكثر ازداد الخطر

أحد أفراد قوات الأمن الكردية السورية يقف في حراسة خلال تفتيش الخيام بمخيم الهول (أ ف ب)

في قلب مخيمات روج والهول في شمال شرقي سوريا، وكذلك في مخيمات العراق ولدى الأكراد، يعيش عديد من الأطفال المغاربة أبناء مقاتلي تنظيم "داعش" العالقون أو المحتجزون هناك ظروفاً اجتماعية ومعيشية ونفسية معقدة.

وتفيد أرقام رسمية كشفت عنها وزارة الداخلية المغربية أخيراً بأن عدد المحتجزين في مخيمات سوريا والعراق ولدى الأكراد يصل إلى 277 شخصاً، موزعين كالتالي، 65 رجلاً و30 امرأة، و182 طفلاً، علاوة على وجود 17 طفلاً آخرين غير مرفقين بالوالدين.

"العقيدة القتالية"

في الوقت الذي قامت فيه دول عدة باستعادة رعاياها من مخيمات الروج والهول في سوريا ظلت بلدان عربية قليلة، من بينها المغرب، من دون ترحيل مواطنيها إلى بلدهم الأصلي.

وتبدي السلطات المغربية تخوفات بشأن إمكانية نقل "العقيدة القتالية" لهؤلاء العالقين أو المحتجزين إلى داخل البلد، وهو ما أكده السنة الماضية تقرير برلماني رسمي بشأن أوضاع المحتجزين والعالقين المغاربة في بؤر التوتر.

وذكر التقرير حينها أن تخوف السلطات المغربية يكمن في أن بعض هؤلاء المقاتلين السابقين المحتجزين أو العالقين "اكتسبوا خبرة في التعامل مع الأسلحة وصنع العبوات الناسفة وتجهيز السيارات المفخخة، إضافة إلى قدراتهم في الدعاية وتجنيد الإرهابيين".

وإذا كانت السلطات المغربية تستند في تخوفاتها إلى الهاجس الأمني عبر تسلل الفكر المتطرف إلى البلاد بعد عودة هؤلاء المقاتلين، فإن هيئات حقوقية ترى أنه يتعين النظر في الجانب الإنساني للموضوع، مع أخذ كل الاحتياطات الأمنية من خلال فتح تحقيقات مع العائدين لمعرفة مدى تشبثهم بالفكر المتطرف من عدمه.

وتدفع هيئات حقوقية أخرى في اتجاه مطالبة السلطات المغربية باستعادة النساء والأطفال من مخيمات "داعش" في سوريا والعراق، بالنظر إلى هشاشة هذه الفئة اجتماعياً ونفسياً، واستبعاد أن يشكلوا خطراً أمنياً على استقرار وأمن البلاد.

إشكالية الترحيل

في هذا الصدد تدعو التنسيقية الوطنية لعائلات العالقين والمعتقلين في سوريا والعراق، الممثل الوحيد لهذه الأسر في المغرب، السلطات إلى ترحيل النساء والأطفال من تلك المخيمات إلى البلاد في أقرب فرصة، بالنظر إلى حجم المعاناة التي يلاقونها هناك.

وكشفت التنسيقية قبل أيام عن أن قوات "سوريا الديمقراطية" شنت عملية تفتيش مفاجئة قبل أسبوع في مخيم الهول وروج، وعمدت إلى الإبعاد القسري لعدد من الأطفال عن أمهاتهم، من بينهن مغربيات محتجزات داخل المخيمات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفق التنسيقية المذكورة، فصلت قوات "سوريا الديمقراطية" أطفالاً تتجاوز أعمارهم 13 سنة عن أمهاتهن واقتادتهم خارج المخيمات التي تحتضن عديداً من المغربيات زوجات وأرامل مقاتلين مغاربة سابقين في "داعش".

التقرير البرلماني المذكور قدم توصيات رئيسة من بينها "إصدار قوانين تضع الإطار التشريعي لمعالجة الأوضاع الخاصة والاستثنائية التي يوجد فيها الأطفال والنساء المغاربة العالقون في بؤر التوتر في سوريا والعراق من أجل تسهيل عملية إرجاعهم بشكل سريع".

ودعا التقرير الحكومة المغربية إلى توقيع اتفاقيات التعاون القضائي والقانوني بين المغرب والعراق، لتيسير عملية نقل الأشخاص المحكوم عليهم بين البلدين"، وأيضاً تفعيل اتفاقية سابقة بين المغرب وسوريا في السياق نفسه، فضلاً عن توفير الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال والنساء العالقين في بؤر التوتر.

"لهيب النار"

جمانة، سيدة مغربية أم لطفلين، تحدثت لـ"اندبندنت عربية" من قلب مخيم روج في سوريا عن أوضاع الأطفال هناك، وقالت إن الأحوال جد مأسوية لأن المنطقة تعيش أزمة غذاء، والعملة مصابة بالانهيار، بالتالي المعيشة تشبه لهيب النار".

وأضافت المتحدثة أنه لا توجد منظمات تراقب الوضع أو تنقل ما يقع إلى العالم إلا قليلاً، متابعة أنه في خضم هذه الظروف من الصعب أن تقنع الأم أطفالها بالصبر و"قلة الحيلة"، ما يجعل نفسية هؤلاء الصغار منهكة ومتضررة أكثر من غيرهم.

وزادت جمانة قائلة إن "ما يفاقم هذه الأوضاع المعيشية الصعبة غياب التعليم وغياب الأنشطة التوعوية أو الترفيهية للأطفال"، مضيفة أن "المستقبل مجهول في انتظار إيجاد الدولة حلولاً فعلية لهؤلاء الأطفال وأمهاتهم".

نفسية مضطربة

من جهته، قال عضو التنسيقية الوطنية لعائلات العالقين والمعتقلين في سوريا والعراق عبد الفتاح الحيداوي، إن الأطفال الموجودين في المخيمات، سواء الروج أو الهول، يعيشون وضعية حرمانهم كأطفال من ضروريات متعلقة بعيشهم اليومي مثل الأكل واللباس والدواء.

وأضاف الحيداوي، في تصريحات لـ"اندبندنت عربية"، أن الوضعية صعبة أيضاً على مستقبل الأطفال بالنظر إلى كونهم محرومين من الدراسة ومن كل ما يمت بصلة لوطنهم المغرب.

وأوضح أن "مشكلة الدراسة عويصة، لأن معظم الأطفال المغاربة يعرفون تأخراً في مستويات التعليم لأنهم لم يتابعوا أية دراسة نظامية، حيث يوجد أطفال في عمر 14 سنة مثلاً ومازالوا يدرسون في مستوى الرابع الابتدائي، علاوة على أن من يدرسون هؤلاء الأطفال نساء داعشيات".

وبخصوص نفسية هذه الفئة داخل المخيمات، أفاد الحيداوي بأنها نفسية مضطربة حيث يخشون ترحيلهم إلى السجون، لأن كل من بلغ 14 سنة يرحل إلى سجن الكبار مع ما سيجده هناك من عقيدة وتصور "الدواعش".

وشدد على استعجال ترحيل الأطفال والنساء إلى بلدهم الأصلي، لأنه كلما عاشوا أكثر في المخيمات كلما ترسخت عندهم "عقيدة القتال"، مشيراً إلى أن عديداً من الدول مثل هولندا وإسبانيا وفرنسا استعادت أطفالها باستثناء المغرب.

وأفاد المتحدث بأن التنسيقية الوطنية لعائلات المحتجزين في سوريا والعراق قدمت مجموعة من الإحصاءات إلى البرلمان ومؤسسات الدولة، ودبجت تقارير تنبه السلطات إلى تداعيات عدم ترحيل الأطفال إلى بلدهم الأم، لكن من دون جديد في هذا الموضوع الحساس، وفق تعبيره.

المزيد من تقارير