Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"زوبعة شيرين" على الشاشة... إعلام أم إلهاء؟

التركيز على الحياة الخاصة للفنانين يثر انتقادات المتابعين في مصر وأساتذة: "مقصود لفصل المواطن عن قضاياه"

كان الحديث عنها طاغياً في معظم برامج "التوك شو" على القنوات الفضائية طيلة أسبوعين (صفحة الفنانة على "فيسبوك")

75 دقيقة قضاها المطرب حسام حبيب للحديث عن زوجته السابقة الفنانة شيرين عبدالوهاب، خلال مداخلة مع الإعلامي عمرو أديب في برنامجه التلفزيوني الأشهر في مصر، وهي المداخلة التي اعتبرها بعض الناس الأطول في تاريخ الإعلام المصري، ودفعت كثيرين للتعليق على مواقع التواصل الاجتماعي بأن قضية "شيرين وحسام" هي أزمة مصر الكبرى حالياً في نظر الإعلام، وليست الحال الاقتصادية الصعبة أو قضايا التعليم والصحة وغيرهما.

برنامج عمرو أديب ليس الوحيد الذي اهتم بالحال الصحية للفنانة شيرين، بل كان ذلك الحديث طاغياً في معظم برامج "التوك شو" على القنوات الفضائية طيلة الأسبوعين الماضيين، منذ ظهور أنباء عن إيداعها مصحة للعلاج من الإدمان بضغوط من أسرتها.

مشاهدات وانتقادات

على الرغم من ملايين المشاهدات والتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي لكل ما له علاقة بملف شيرين عبدالوهاب وحسام حبيب، فإن أرقاماً متقاربة ظهرت لتنتقد الاهتمام الكبير بالحياة الشخصية للفنانين في أجندة الإعلام المصري، في وقت تمر مصر والعالم بأزمة اقتصادية دفعت الحكومة لعقد مؤتمر اقتصادي لمدة ثلاثة أيام لمناقشة تلك التحديات.

انتقل انتقاد الإعلام إلى بعض الشخصيات العامة مثل رئيس نادي الزمالك مرتضى منصور، الذي قال في قناة النادي إن قضايا مصر ليست "شيرين وحسام"، وإنما يجب أن يتطرق الإعلام إلى قضايا المواطن مثل غلاء الأسعار.

العميد الأسبق لكلية الإعلام جامعة القاهرة حسن عماد مكاوي وصف مشهد الإعلام المصري حالياً بأنه "عبثي إلى حد كبير"، مؤكداً لـ"اندبندنت عربية" أن الإعلام في مصر لا يملك استراتيجية أو توجيهاً حقيقياً لمناقشة ما يهم المجتمع خلال السنوات الماضية، متمنياً تطوره للأفضل مستقبلاً.

"عملية موجهة"

يرى مكاوي أن مناقشة قضايا الفنانين أو غيرها مما قد يشكل إلهاء للمواطن عن قضاياه الحقيقية هو "عملية موجهة" وليست عفوية، مشيراً إلى أنه يجب أن يكون هناك تنوع في القضايا التي يجري مناقشتها إعلامياً سواء ثقافية أو اجتماعية، لكن الاستمرار في مناقشة نوع واحد فقط هو توجه مقصود، بحسب قوله.

وأضاف العميد الأسبق لكلية الإعلام أن هناك وظائف عدة للعملية الإعلامية، أهمها إحاطة المواطن بالمعلومات التي تحدث في المجتمع وخارجه، بجانب التثقيف والتوجيه والترفيه الذي يهدف للارتقاء بمستوى الذوق العام، موضحاً أن فشل الإعلام في أداء وظيفته يحدث ما يسمى الخلل الوظيفي الذي ينتج عنه عكس الأهداف المراد تحقيقها، فبدلاً من توعية المواطن يتم تضليله، وبدلاً من تقديم أخبار ومعلومات حقيقية سينتج كل ما هو "تافه" أو ساذج مما يجعل المتلقي بعيداً من الواقعية ومشكلات الحياة الأساسية.

وأكد أن التناقض بين تقديم ما يهم المواطن بالفعل مقابل الترويج لسلعة إعلامية خارجة عن الإطار الوظيفي هو عملية إلهاء للمتلقي عن قضاياه الأساسية التي تشكل أولويات من تعليم أو صحة لينشغل عما قد يشكل نوعاً من التذمر.

أزمة إعلامية

كذلك، قالت عميدة كلية اللغة والإعلام بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا عزة هيكل لـ"اندبندنت عربية" إن الإعلام المصري يمر بأزمة كبيرة ويحتاج إلى إعادة نظر في أولوياته، بجانب مزيد من الحرية والشفافية والدراسة لمتطلبات المواطن والقضايا المهمة بالنسبة إليه، لافتة إلى أن دور الإعلام في مصر أصبح يقتصر على عمليات الإلهاء والتعبئة وفشل في مواكبة العصر الحديث.

وأضافت أن كل ما يهم المواطن المصري غير معروض في الإعلام المصري الذي أصبح غائباً عن الأحداث المهمة أو القضايا الملحة في المنطقة، إلى جانب عدم تقديم واستعراض مشكلات المواطن أو ممارسة دوره في تثقيف الشعب وإطلاعه على ما يحدث خارج حدوده.

ورداً على امتلاك الإعلام المصري عدداً من الإعلاميين الكبار، قالت هيكل "هؤلاء لا يعتبرون إعلاميين كباراً إلا في السن فقط، لكن في الإعلام والمادة المقدمة على الشاشة فهم يبحثون فقط عن الوجود والمكاسب المادية بعيداً من ماهية ما يقدمونه في حلقاتهم يومياً".

كما أشارت إلى ابتعاد الإعلام المصري عن مناقشة القضايا الشائكة في ظل وجود كثير من المحاذير الإعلامية ونقص شديد في الإعداد والمعلومات والشفافية مما يؤدي لغياب الحقيقة وزيادة الإشاعات والبلبلة، بحسب قولها.

الخيار الوحيد

اللافت أن بعض المنتقدين لزيادة التناول الإعلامي لقضايا الفنانين من بين متابعي تفاصيل ما تعرضه البرامج عن القضية الأخيرة لشيرين عبدالوهاب، وعن ذلك التناقض تقول عميدة كلية اللغة والإعلام بالأكاديمية العربية، إن المشاهد يتابع تلك القضايا رغماً عنه، إذ ليس لديه إعلام بديل يقدم منتجاً حقيقياً يختلف عن الأسلوب المعروض في الإعلام الحالي، مضيفة أن زيادة التكتم ومنع النشر في كثير من القضايا جعلت المشاهد يعيد توجيه اهتماماته لقضايا الفنانين الشخصية كونها متاحة للعرض".

وأوضحت هيكل أن تناول الإعلام المصري لأزمة المطربة شيرين عبدالوهاب يختلف بشكل كبير عن وضع الإعلام الأميركي ومناقشته قضية الفنان العالمي جوني ديب بسبب الفوارق الكبيرة بين إعلام البلدين، سواء على صعيد الحريات أو تنوع القضايا المختلفة المطروحة في أميركا وغياب ذلك عن مصر بشكل كبير، موضحة أنه ليس مطلوباً أيضاً أن ينساق إعلامنا العربي وراء الإعلام الغربي، وعلينا النظر لوضع مجتمعنا ومتطلباته.

كانت النيابة العامة المصرية أعلنت قبل أسبوع أنها تحقق في البلاغ المقدم من محامي المطربة شيرين عبدالوهاب، الذي يتهم فيه شقيقها وآخرين بالتهجم عليها داخل مسكنها واصطحابها عنوة لأحد مستشفيات الصحة النفسية على أثر خلافات بينهما.

وذكرت النيابة في بيان أن وكيل الفنانة شيرين المحامي ياسر قنطوش قدم صورة ضوئية تحمل رقم الملف الطبي باسم موكلته، والمنسوب صدوره إلى المستشفى. وأضافت "في ضوء هذا البلاغ سألت النيابة العامة مدير عام المستشفى والمدير الفني الطبي به، اللذين تناقضت شهادتهما مع ما ورد بمضمون البلاغ، وعلى ذلك فإن النيابة العامة تسعى باستكمال تحقيقاتها إلى جلاء الحقيقة فيها، وتهيب بالكافة الالتزام بما تعلنه وحدها من بيانات رسمية".

وكانت شيرين أعلنت عبر صفحتها على "فيسبوك"، مطلع الشهر الحالي، التصالح مع طليقها الفنان حسام حبيب، بعد رده جميع المتعلقات الخاصة بها، وأعقب ذلك تراشق بالتصريحات بين أسرة الفنانة وزوجها السابق.

المزيد من تقارير