Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"بلوك باستر"... انتقام "نتفليكس" الهزلي

تدور أحداثه في آخر متجر لشركة تأجير الأفلام التي كانت الخصم الأبرز للمنصة ثم باتت أثراً بعد عين

استدعى الإعلان الترويجي للعمل الحرب الضارية التي دارت قديماً بين الشركتين (الحساب الرسمي لمادلين آرثر على "إنستغرام")

كيف بعد أن تسحق منافسك تأتي وتنتج مسلسلاً هزلياً عنه؟ وإذا كان الماضي في عالم الأعمال غير نزيه تماماً فما الداعي لأن يمعن الفائز في الضغط على الطرف الخاسر؟

"نتفليكس" و"بلوك باستر" خاضا حرب تكسير عظام منذ أوائل الألفية ولمدة عشر سنوات تقريباً تغلبت فيها الفكرة المغامرة على الخصم التقليدي الغارق في غروره، بينما الجمهور على موعد مع فصل جديد من هذه المعركة ولكن بأثر رجعي.

سيتكوم "Blockbuster" سيعرض في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) عبر منصة "نتفليكس"، وهو يتناول بطريقة كوميدية أجواء العمل في "الحصن الباقي" أو الفرع الأخير لشركة تأجير أسطوانات الأفلام الشهيرة أو التي كانت كذلك "بلوك باستر"، حيث تمتلئ المشاهد بشعار الشركة التي ظلت في السوق منذ عام 1985 ثم بدأت في التلاشي في العقد الثاني من الألفية الثالثة بسبب تضخم "نتفليكس" وطزاجة أفكارها، هذا الشعار باللونين الأزرق والأصفر الذي طالما رافق أيام وليالي عائلات كثيرة في أنحاء العالم عاد من جديد ولكن بطريقة وشروط لم يخترها مؤسسوه، بل ولم تأت مرة بخيالهم.

انتقام من الخصم القديم

"بلوك باستر" التي شهد عام 2014 نهايتها كان قد وصل عدد موظفيها إلى ما يقرب من 85 ألفاً في الولايات المتحدة الأميركية والعالم، وعدد المتاجر إلى أكثر من تسعة آلاف لم يتبق منها الآن سوى واحد فقط بولاية أوريغون الأميركية وهو الذي تدور حوله عشر حلقات من الموسم الأول للمسلسل المنتظر، فهل تنتقم "نتفليكس" من خصم قديم لم يعد له وجود على ساحة المنافسة منذ سنوات؟

لم تكشف "نتفليكس" حتى الآن عن تفاصيل الصفقة التي مكنتها من حق استخدام الشعارات والتصميمات الأصلية للمتاجر وللشركة، لكن في كل الأحوال استدعى الإعلان الترويجي، الذي شاهده نحو أربعة ملايين خلال أيام، الحرب الضارية التي دارت بين الشركتين، فقد انطلقت "نتفليكس" عام 1998 بفارق زمني قدره 13 عاماً عن "بلوك باستر" كشركة لتأجير الأفلام عبر الأقراص المدمجة، على يد كل من ريد هاستنغز ومارك راندولف، على رغم التوترات التي صاحبت البداية، كان هناك إصرار من قبل المؤسسين على تقديم الجديد للجمهور المتعطش على رغم وجود عمالقة يسيطرون على هذا العالم وأبرزهم في ذلك الحين "بلوك باستر" بالطبع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عقب عامين فقط تعثرت الشركة مالياً واقترح البعض على "بلوك باستر" أن تشتري بعض أسهم الخصم "الضعيف" الناشئ مقابل خمسين مليون دولار، وهو مبلغ بسيط للغاية في ذلك الوقت بالنسبة إلى "باستر" التي كانت أرباحها تتجاوز أربعة مليارات، ولكنهم لم يأخذوا الاقتراح بجدية، واعتقدوا أن "نتفليكس" لن تستمر، وأن شراء الأسهم في مثل هذه الظروف مضيعة للمال.

هذا الخطأ لم تغفره "نتفليكس" على ما يبدو، فعلى رغم أن الجميع كان يتوقع أن تكون المنصة البارزة قد طوت الصفحة تماماً بخاصة أن "بلوك باستر" لم تعد في الذاكرة أو على الخريطة، وكل ما تبقى منها بقايا نوستالجيا لجيل دأب على تأجير أقرص الـDVD"" عبر البريد عن طريقها، ولكن العمل الجديد يشير إلى أنه حينما جاءت الفرصة لكي ترد "نتفليكس" السخرية مضاعفة بملايين المرات لم تتردد، حيث سيتاح العمل الكوميدي لأكثر من 220 مليون مستخدم دفعة واحدة.

ولم يكن الانتقام متأخراً على الإطلاق ولكنه جاء على مهل في وقت تترسخ "نتفليكس" كمنصة هي الأعلى في عدد المشتركين بـ223 مليوناً، حيث عوضت الخسائر التي منيت بها في الربع الأول من هذا العام سريعاً.

قصة صعود وسقوط

العلاقة بين "نتفليكس" و"بلوك باستر" مرت بمنعطفات كثيرة، حيث كان يتجدد الأمل بينهما في التعاون لتعود الأخيرة وتستخف مجدداً بأهمية الشركة الواعدة التي حققت بعض الربح بعد طرح أسهمها في بورصة ناسداك، ومع ذلك تعثرت الأمور قليلاً قبل أن تبدأ طفرة الإنترنت حيث تأجير الأفلام عبر الويب، بخاصة أنه كان لديها ميزة أساسية تتعلق بإطلاقها نظام الاشتراك الشهري لتأجير الأقراص مقابل مبلغ ثابت، كما حققت شعبية أيضاً بعد إلغائها رسوم التأجير والشحن.

وفي 2007 حاولت "بلوك باستر" المنافسة باقتحام عالم "الأون لاين" وتعاونت مع بعض الشركات التي تدير حسابات المستخدمين لينمو عدد مشتركيها إلى أكثر من مليونين، لكن كانت هناك معضلة وهي تدني السعر مما يعني مزيداً من الخسائر، وكان هناك أكثر من عرض في تلك المرحلة منها ما يتعلق برغبة "نتفليكس" في شراء بعض المستخدمين وإدارة قسم التأجير عبر الإنترنت لـ"باستر" ولكنهم رفضوا مجدداً.

 

على رغم النمو والتوسع تأتي الخلافات بين الشركاء لتضرب "بلوك باستر"، وبعدها أعلنت "نتفليكس" الحرب مجدداً بخاصة بعد أن استنسخت "بلوك باستر" موقعها الإلكتروني السلس تماماً لكنها لم تنجح في استنساخ العقليات المدبرة، حيث سافرت "نتفليكس" بعيداً وبدأت في البث عبر الإنترنت بعد شراء محتوى متنوع من شركات إنتاج عدة، على رغم المقاومة الشرسة التي حذرت من تلك الهيمنة فإن الرهان على الجيل الجديد الذي يقضي ساعات مع الحواسيب والهواتف فاز في النهاية، لتضطر "بلوك باستر" إلى تقديم طلب للحماية من الإفلاس.

في 2014 اختفت الأسطورة، وفي غضون تلك السنوات قفزت "نتفليكس" قفزة عملاقة بالإنتاج الحصري الذي بدأ بـ"هاوس أوف كاردز" وزايدت على "أتش بي أو"، عملاق البث مقابل اشتراكات وصاحبة الإنتاجات القوية، بأن أتاحت جميع الحلقات لمشتركيها دفعة واحدة، وفي حين منيت بتعثر جديد عام 2011 بعد أن فصلت خدمة تأجير الأفلام عن خدمة البث عبر الإنترنت، حيث إن كلاً منهما بات باشتراك منفصل، تم تجاوز العثرة لتهيمن "نتفليكس" وتفتح المجال لتطبيقات بث إلكتروني أخرى، بينما تتربع على عرش الجماهيرية والشعبية بمكتبة عملاقة وببثها المتاح في أكثر من 190 دولة حول العالم.

من ينتهك الذكريات؟

مسلسل "بلوك باستر" سيناريو فانيسا راموس، ويتصدى لبطولته راندال بارك في دور تيمي، وميلسا فوميرو في شخصية إلزا، كما تظهر أيضاً مادلين آرثر بدور رئيس، ويستعرض العمل المفارقات التي تحدث في مكتب وحيد ينافس بسلعة بلا زبون تقريباً، فموظفو المكتب يحاربون في سبيل محاولة النجاح والحفاظ على المتعاملين معهم وسط مفارقات تثير الضحك والأسى في الآن نفسه على أيام ولت.

وعلى ما يبدو فإن الطريقة الساخرة التي تسيطر على العمل الذي تموله "نتفليكس" قد أغضبت بعض جمهور "بلوك باستر" المخلصين، وهو ما بدا واضحاً في التعليقات التي رافقت الإعلان الترويجي للمسلسل عبر موقع "يوتيوب"، حيث أبدى بعضهم استياءه من الطريقة التي ظهرت بها إدارة المكان، ومنهم من وصفها بأنها بعيدة كل البعد من الواقع استناداً إلى تجاربهم الشخصية، فعدد منهم ذكر شهادات بناءً على خبرات في المؤسسة نفسها، مشيرين إلى أنهم قضوا سنوات من العمل في بعض من متاجرها بالفعل، بالتالي فإن المؤسسة جزء من شبابهم ومراهقتهم وطفولتهم أيضاً، ولديهم ذكريات طيبة كثيرة مع خدماتها، ولم يرق لهم أسلوب "نتفليكس" في انتهاكها.

في المقابل، أبدى غالب المعلقين سعادتهم بالفيلم الوثائقي، الذي اقتربت مدته من ساعة ونصف الساعة، عن "بلوك باستر" والذي عرض قبل عامين وأخرجه تايلور موردن وحمل عنوان The Last Blockbuster""، حيث يتضمن مشاهد حية من يوميات العاملين في المتجر الأخير للمؤسسة بولاية أوريغون، فهو بالنسبة إليهم حمل الروح الحقيقية لهذا المكان وتعامل معها باحترام يليق بها.

المزيد من ثقافة