Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معيار موحد لـ"سوق الكربون" يربط التمويل بخفض الانبعاثات

تريليون دولار استثمارات تحتاج إليها الاقتصادات الناشئة سنوياً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة

يرى مراقبون أن ولادة معيار عالمي موحد للكربون ستكون مهمة بالنسبة إلى منظمات التمويل الدولية (أ ب)

حذر البنك الدولي من تعرض العمل المناخي لخطر التعثر، مع ما لذلك من عواقب وخيمة على جميع البلدان، ولا سيما أشدها فقراً. وقال البنك الدولي في جلسة حملت عنوان "الاستثمار في البشر والكوكب: تمويل التحول منخفض الكربون القادر على الصمود"، ضمن اجتماعات البنك وصندوق النقد الدوليين في واشنطن، إنه الممكن أن تؤدي الأزمات المتداخلة - الحرب في أوكرانيا، وأزمة كورونا، وارتفاع معدلات التضخم - إلى عرقلة الاستثمارات اللازمة لتدابير التصدي لأزمة المناخ وإخراجها عن مسارها. وشدد البنك الدولي على أهمية العمل على الارتقاء بالتمويل المناخي كماً وكيفاً، والتأكد من وصوله إلى أشد المتضررين من آثار تغير المناخ، وإعطاء الأولوية لأنشطة التكيف وبناء القدرة على الصمود. وأشار البنك إلى أن 10 في المئة فقط من التمويل المناخي العالمي تساند مشروعات الاستثمار في مجال التكيف، فيما لا يوفر القطاع الخاص سوى جزء صغير فقط من ذلك.

وبمشاركة كل من رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس والمدير المنتدب ونائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة التمويل الدولية مختار ديوب والمديرة المنتدبة لشؤون سياسات التنمية والشراكات بالبنك الدولي ماري إيلكا بانغيستو ورئيسة مجلس النزاهة لسوق الكربون الطوعي أنيت نازاريث ورئيس الخدمات المصرفية العالمية وحلول المستثمرين والرئيس التنفيذي القادم لبنك "سوسيتيه جنرال" سلاومير كروبا والرئيس والمسؤول التنفيذي الأول في الرابطة الدولية لتداول الانبعاثات ديرك غوريستر وأستاذ كرسي "إندرابراساد جوردهانبال باتيل" في الاقتصاد والعلوم الحكومية بكلية لندن للاقتصاد نيكولاس ستيرن، ناقشت الجلسة سبل زيادة التمويل المناخي وإتاحة أدوات وتحليلات ووسائل مبتكرة للاستفادة على نحو أفضل من الموارد العامة وإطلاق رؤوس الأموال الخاصة وتوجيه الموارد إلى الفئات الأكثر احتياجاً، كما ناقشوا التحديات والحلول التي تواجه تمويل المنافع العامة العالمية وما هو دور رأس المال الخاص في التحول المناخي. وكذلك السبل التي يمكن من خلالها تلبية حاجات العمل المناخي والتنموي معاً، ومساندة السكان والمجتمعات المحلية في عملية التحول منخفضة الكربون والقادرة على الصمود. 

معيار موحد للكربون 

افتتح الجلسة رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس قائلاً "تجمعنا اليوم أزمة المناخ، ونشارك في هذه الجلسة للتركيز على جزئية معينة في ملف المناخ، وهي تلك المتعلقة بكيفية خلق سوق تسمح بخفض الانبعاثات الكربونية، عبر خفض الدول لانبعاثاتها الكربونية التجارية، ومن خلال أنظمة تجارية محددة".
وسأل مالباس ضيفته رئيسة مجلس النزاهة لسوق الكربون الطوعي  أنيت نازاريث عن كيفية مواجهة تحدي فقدان الوظائف في العالم بسبب تراجع الإنتاج على خلفية التغيير المناخي، وبخاصة من خلال عملها في جانب توفير الائتمان في مشاريع خفض البصمة الكربونية، فردت بالقول "لقد كان علينا أن نحدد ما هو الائتمان الكربوني العالي الجودة، وقمنا بجمع آراء واستشارات لمتخصصين على امتداد 6 أشهر، ونحن الآن بصدد تحليل ما خرجنا به، والهدف هو الوصول إلى ولادة معيار موحد لقياس الكربون، وبرأيي إن ذلك سيساعد الأسواق في ما يتعلق برصيد الكربون، وسيجعل قياس الكربون موثوقاً به ويمكن الاعتماد عليه والأخذ به". وأضافت، "برأيي إذا جذبنا مزيداً من النزاهة إلى سوق الكربون فسيتحسن بلا شك". 

وسأل مالباس، نازاريث مجدداً عن أسباب تأخر ولادة معيار من هذا النوع على رغم رصيد البيانات الهائلة التي يمتلكها البنك الدولي. وأضاف أنه "بحسب الأرقام التي بحوزتنا، فإن الاستثمار في هذا الجانب يتجاوز 1.6 مليار دولار"، منوهاً بأن البنك الدولي يستخدم تلك البيانات ليكون محايداً في إنتاج الكربون". فردت نازاريث "في غياب المعايير يكون سوق الكربون مشرذماً وثنائياً، حيث يتفاوض البائع مع المشتري في شأن كل العقود، وهذا يستغرق كثيراً من الوقت والجهد"، منوهة بأن "الشركات التي تقوم بالرصد حالياً، عادة ما تستند إلى العلماء". وأضافت "لهذا نحن بحاجة إلى إزالة كل هذه العوائق من السوق من خلال اعتماد معيار عالمي لسوق الكربون يمكن الوثوق به، بحيث إن من يحصل على تصنيف هذا المعيار يكون قد استوفى كل الشروط، ما يعزز الثقة بالسوق". وأضاف مالباس على حديث نازاريث أن "ولادة معيار عالمي موحد للكربون ستكون مهمة بالنسبة إلى منظمات التمويل الدولية، حيث بإمكانها أن ترصد بوضوح مدى التزام المقترضين بخفض الانباعاثات الكربونية في مشاريعهم، وهو ما سيظهره هذا المعيار".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تبادل أرصدة الكربون

من جانبه، قال الرئيس والمسؤول التنفيذي الأول في الرابطة الدولية لتداول الانبعاثات ديرك غوريستر، "أنا أمثل جزءاً من السوق يستخدم رصيد الكربون بشكل ناجح، لذلك نحن نعمل بشكل وثيق مع فريق البنك الدولي في هذا الصدد. وننتظر لنرى كيف ستستخدم الحكومات هذا المعيار وما المسؤولية التي ستقع على عاتق القطاع الخاص". وشدد غوريستر على "الحاجة إلى تطبيق المادة 6.2 من اتفاق باريس المناخي، حيث وافقت الدول على إنشاء نظام جديد لسوق الكربون من أجل العمل على إزالة ثاني أكسيد الكربون من الهواء بسرعة أكبر وبكلفة أقل، ومن شأن هذا النظام أن يساعد الحكومات التي ترغب في شراء أرصدة كربون لتطوير مشاريع خضراء، ويتيح من ناحية أخرى، للدول التي خفضت انبعاثاتها أكثر من المتوقع، بيع فائضها لغيرها ممن لم يتمكنوا من تحقيق هدفهم". 

واعتبر غوريستر أن "التحدي القائم حالياً يكمن في عدم وجود أسواق كربون في العالم تقبل بتبادل رصيد الكربون، وفي حال أرادت دول تحقيق صفر من انبعاثات الكربون يجب أن يكون هناك انفتاح أكبر، فعلى سبيل المثال، أعلن الاتحاد الأوروبي عن التزامه بروتوكول كيوتو (مثلت هذه الاتفاقية خطوة تنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة المبدئية في شأن التغير المناخي)، إلا أن القواعد والأنظمة تغيرت لأنهم أرادوا أن يركزوا على مزيد من الانخفاضات الكربونية في أوروبا، مما تسبب في تراجع رصيد الكربون مع دول خارج أوروبا". 
وتحدث مالباس عن "صندوق ائتماني لصندوق النقد الدولي نقوم من خلاله بدفع الدول نحو خفض انبعاثات الكربون، ولكن هذا يعني أنه سيكون هناك دول بحاجة إلى سنوات مقبلة من أجل هذا الخفض والسؤال هنا: ما مصدر الأموال لدعم هذه الجهود؟"، مضيفاً "هذا ما يطلق عليه بالإنجليزية تسمية Scale أو المقياس، وهو ما سنركز عليه بشكل أكبر تمهيداً لاجتماع مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 27)، والذي ستستضيفه مصر في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وسيسهم هذا المشروع في ولادة مشاريع تخفض من انبعاثات غازات الدفيئة" (تنشأ عن مجموعة واسعة من النشاطات البشرية المسببة للتغير المناخي، إذ تزيد تركيزها في الغلاف الجوي للأرض). وتحدث مالباس عن نموذج ناجح لمشروع في جنوب أفريقيا لخفض الكربون في مجال إنتاج الفحم الحجري.

أهداف التنمية المستدامة بعيدة المنال 

واستضاف الجزء الثاني من الجلسة رئيس الخدمات المصرفية العالمية وحلول المستثمرين والرئيس التنفيذي القادم لبنك "سوسيتيه جنرال" سلاومير كروبا، والذي حاوره المدير المنتدب ونائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة التمويل الدولية مختار ديوب. وبدأ ديوب بتأكيد التزام المؤسسة الدولية خفض الانبعاثات الكربونية، وسأل كروبا عن جهود بنك "سوسيتيه جنرال" في دعم المشاريع ذات البصمة الكربونية المنخفضة، فرد كروبا بالقول "نحن نتحدث عن تحول في الدول الناشئة بحجم هذا التحدي المناخي". وأشار إلى أن "الانبعاثات الكربونية القائمة تمثل نحو 25 في المئة في الاقتصادات الناشئة، مقارنة بمتوسط كل منزل في الدول المتقدمة". 

الاستثمار والمخاطر في الأسواق الناشئة 

وفي ما يتعلق بالنمو في العقد المقبل أشار كروبا إلى أنه "وفقاً للترجيحات العالمية نتوقع نمواً بنحو 5 غيغا/ طن من الانبعاثات الكربونية، وقد تصل إلى 2 غيغا/ طن في الدول المتقدمة، مع استبعاد النمو في الصين وباقي الدول، وهذا يعني أنه لا يوجد طريقة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في حال لم تبذل جهود كافية في الاقتصادات الناشئة، وهذا يحتاج إلى مضاعفة الاستثمارات المطلوبة بنحو سبع مرات في الاقتصادات الناشئة لتصل هذه الاستثمارات إلى تريليون دولار سنوياً، مما يخلق حاجة كبيرة إلى رؤوس الأموال، وهذا يدخلنا أيضاً في صلب الموضوع ألا وهو استحضار الاستثمارات من القطاع الخاص، وهذا أمر صعب في ظل ثغرات التمويل والمخاطر القائمة، بخاصة أن رؤوس الأموال الخاصة لا تريد أن تتحمل هذه المخاطر، بالتالي التحدي الأكبر هو في كيفية تخطي هذه المخاطر في هذه الأسواق".