Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تعصف أزمة "كابيتر" بمستقبل الشركات الناشئة في مصر؟

رواد أعمال اعتبروا أن ما حدث تعثر وسوء إدارة وليس احتيالاً ومؤسسو الشركة هربوا خوفاً من مطاردات الدائنين

إعلان هروب مؤسسي شركة كابيتر من مصر أثار مخاوف حول مستقبل الشركات الناشئة (أ ف ب)

استيقظ رواد مواقع التواصل في مصر الجمعة الماضي على صورة منتشرة تضم أربعة شباب مصحوبة بمنشور يفيد بهربهم خارج البلاد بعد أن جمعوا 33 مليون دولار لتأسيس شركة إلكترونيات، مما أثار جدلا واسعاً حول مستقبل الشركات الناشئة وريادة الأعمال في مصر، وهل تلك الواقعة تشير إلى عملية احتيال أم ناتجة من تعثر وسوء إدارة.

وتفجرت أزمة "كابيتر" مع بيان رسمي من مجلس إدارة الشركة قررت فيه عزل الرئيس التنفيذي للشركة محمود نوح، والرئيس التنفيذي للعمليات أحمد نوح من منصبيهما، وهو القرار الذي يسري اعتباراً من الثلاثاء الماضي.

وأوضح بيان الشركة أن هذا الإجراء يأتي عقب عدم وفاء محمود وأحمد نوح كشركاء مؤسسين للشركة بالتزاماتهم وواجباتهم التنفيذية خلال الأسبوع الماضي، وعدم الحضور أمام ممثلي مجلس الإدارة والمساهمين والمستثمرين.

وأعلن مجلس الإدارة تعيين الرئيس التنفيذي للشؤون المالية لشركة "كابيتر" ماجد الغزولي كرئيس تنفيذي موقت للشركة، وذلك حتى حضور محمود وأحمد نوح فعلياً وشخصياً للاجتماع مع مجلس الإدارة والمساهمين والمستثمرين، وتهدئة المخاوف بين الموظفين والموردين والدائنين وأصحاب المصلحة، بينما تعمل القيادة على إدارة العمليات ومواصلة المحادثات مع الكيان المخطط له الاندماج مع الشركة، والذي لا يزال يبدي اهتماماً بأصولها.

وانطلقت " كابيتر" في يوليو (تموز) 2020 بعد أن أسسها محمد نوح الذي شغل منصب الرئيس التنفيذي قبل عزله وشقيقه أحمد نوح الرئيس التنفيذي للعمليات بنشاط جديد يهدف إلى الربط بين أطراف منظومة تجارة التجزئة عبر منصة إلكترونية واحدة، ليصل مع مرور الوقت عدد المنتجات على منصة الشركة إلى أكثر من 22 ألف منتج و1000 بائع، ويصل عدد الشحنات إلى 600 شحنة ويعمل بها 2000 موظف، باستثمارات 33 مليون دولار أميركي جمعتها كتمويلات واستثمارات من شركات مصرية وعربية وعالمية أبرزها "كوانا كابيتال" و"ماسا كابيتال" و"صافولا".

وبدأت "كابيتر" نشاطها بالعمل على قطاع الأغذية والمشروبات والمنتجات سريعة الدوران، مثل منتجات العناية الشخصية والمنظفات، وتوسعت إلى قطاعات الإلكترونيات والأدوات المنزلية والمكتبية ومستلزمات الشركات، ثم وقعت في مارس (آذار) 2022 برنامج تمويل مع "كونتكت المالية" بقيمة 100 مليون جنيه مصري (5.7 ملايين دولار)، كما وقعت اتفاق تعاون مع بنك QNB لتوفير تمويلات ميسرة للتجار على منصتها، وكذلك وقعت في مايو (أيار) الماضي مع بنك مصر لتمويل تجار المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر.

جرس إنذار

ورفض المحللون والمتخصصون الربط بين أزمة شركة "كابيتر" والتأثير السلبي على الاستثمار في الشركات الناشئة وريادة الأعمال في مصر مستقبلاً، لكنهم أكدوا على أن ما حدث جرس إنذار يجب العمل على تلافيه للانتباه مستقبلاً في دراسة نموذج الأعمال وتأسيس الشركات الناشئة، وقال المستشار الأسبق لرئيس هيئة الرقابة المالية الاقتصاد مدحت نافع إن "نسبة الفشل في الشركات المماثلة لـ ’كابيتر‘ تكون كبيرة"، مرجعاً ذلك إلى "اعتماد هذا النوع من الشركات على نموذج أعمال فاشل"، موضحاً أن "نموذج الأعمال التي اعتمدت عليه الشركة هو نظام الاستثمار الهرمي، ويعني دخول مستثمرين جدد من طريق مستثمرين قدامى أو قائمين، ويتوقف النجاح هنا على حجم الاستثمارات التي يقدمها المستثمرون الجدد وليس على جودة النشاط القائم عليه الشركة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع أن "الشركات الممولة تعتمد معايير غير دقيقة عند اتخاذ قرار التمويل، منها على سبيل المثال السمعة الجيدة في مشاريع سابقة" لافتاً إلى أن "ذلك معيار جيد لكن يجب ألا يكون المعيار الوحيد".

وحول حقوق المساهمين والمستثمرين قال المستشار الأسبق لرئيس هيئة الرقابة المالية إن "المستثمر هنا مسهم وليس مقرضاً للشركة وبالتالي يتحمل أخطار الإفلاس، بل ويتحمل ديون الشركة في حدود مساهمته".

سوء إدارة وليس احتيالاً

واعتبر رائد الأعمال المصري وليد راشد أن أزمة "كابيتر" لا تزيد على كونها سوء إدارة موارد الشركة أكثر من كونها احتيالاً، موضحاً في صفحته الرسمية على "فيسبوك" أن "الشركة تعاني نقصاً في السيولة خلال الفترة الأخيرة، ومع تلك الأزمة المالية الطاحنة اضطر المسؤولون عن الشركة إلى الحصول على قروض مصرفية بأسمائهم الشخصية من بنوك مصرية وجهات تمويلية لسداد رواتب ومصاريف على الشركة، ووصلت القروض إلى 33 مليون دولار أميركي".

وأوضح أن "المؤسسين تعرضوا إلى مضايقات وهجوم من المستحقين في بيوتهم وهجوم على أهلهم في محل سكنهم خارج القاهرة، ما دفعهم إلى السفر خارج البلاد قبل أن تتخذ السلطات المصرية والبنوك أي جراء رسمي".

في السياق نفسه قال الشريك المؤسس لصندوق "مينا جروس" الاستثماري هشام عبدالغفار إن "طبيعة ريادة الأعمال والشركات الناشئة في العالم كله والعالم المتقدم قبل النامي هي ارتفاع معدل الخطر"، مؤكداً عبر صفحته على "فيسبوك" أن "أول درس نعلمه لطلاب الفرقة الأولى في كليات إدارة الأعمال أن الإحصاءات على مستوى العالم الغربي المتقدم ذاته تشير إلى أن 90 في المئة من الشركات الناشئة تفشل في الاستمرار خلال ثلاث إلى خمس سنوات"، مضيفاً "نقول للطلبة أيضاً إذا كنت غير مستعد لتقبل الفشل وغير راغب في هذه المخاطرة الكبيرة فنحن نرجوك الانسحاب من هذا البرنامج على الفور".

قوانين التجارة المصرية

وأرجع مؤسس صندوق "جروس" الاستثماري أزمة شركة "كابيتر" إلى القوانين المصرية التي لا تعترف بالتعثر، وهو ما دفع المجتمع لتبنى ثقافة النصب وليس تعثر الشركات في المشاريع التجارية، وخصوصاً في مشاريع المخاطر العليا التي نطلق عليها اسم الشركات الناشئة.

وأوضح عبدالغفار أن "القانون التجاري المصري لا يعترف بالتعثر ولا يسمح للشركة المتعثرة أن تخطر الدائنين بتعثرها، وتطلب مهلة لتوفيق الأوضاع على غرار القانون الأميركي، بل إن عملية الافلاس نفسها في غاية الصعوبة وهو ما يدفع أصحاب الشركة إلى الهرب خوفاً على أنفسهم من مطاردات الدائنين، بل وتهديد بالعنف يصل إلى حد محاصرة منازلهم".

وأشار إلى أن "حال ’كابيتر‘ ما هي إلا حال تعثر في ظل ظروف اقتصادية"، مستبعداً قيام المؤسسين بجمع الأموال ثم الهرب، ومنوهاً بأن "الشركات الناشئة لا يمكن أن تحصل على تمويلات كبيرة من دون فحص كاف من الممولين والمستثمرين، والتأكد من تطبيقها جميع المعايير العالمية للحوكمة وحسن الإدارة والفصل التام بين الملكية والإدارة.

ودعا عبدالغفار الحكومة المصرية إلى "إعادة النظر في مجمل القوانين التجارية وخصوصاً قوانين الإفلاس والحماية من الإفلاس حتى لا يتكرر هرب المؤسسين، ولتوفير مناخ أفضل للفشل لأن الفشل في حد ذاته هو أفضل معلم للنجاح، خصوصاً أن جميع الشركات الناشئة تعاني حالياً سلسلة أزمات اقتصادية متكررة على صعيد ارتفاع الكلف وانخفاض الأرباح التشغيلية".

من جهته قال المتخصص في قطاع الشركات الناشئة وريادة الأعمال أيمن أبو هند إن "أزمة شركة ’كابيتر‘ فردية ولا تعبر عن أداء قطاع الشركات الناشئة وريادة الأعمال، ومصر سوق جيدة في هذا النوع من الاستثمارات"، معتبراً أن أزمة الشركة فشل إداري من مديري صناديق الاستثمار وحسب.