Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"فندق كريسنت" خديعة باسم الملكة انطلت على كل اليمنيين

ظل القصر الشهير في عدن جاذباً للإشاعات وتحول إلى ثكنة عسكرية بعد أن طاوله الإهمال

يردد كثير من العدنيين أن الملكة قضت شهر العسل في الفندق صحبة زوجها بعد أن سحرتها سواحل المدينة والمبنى الجميل (كتاب: تاريخ عدن للباحث بلال غلام)

مع وفاة الملكة البريطانية راح قطاع واسع من اليمنيين يستذكر شيئاً من التاريخ حين زارت صاحبة التاج مدينة عدن في الـ27 من أبريل (نيسان) 1954، في إطار زياراتها لدول الكومنولث حينها، ونشروا صوراً لمبنى فندق "كريسنت" بشرفاته الواسعة وإطلالاته الأنيقة التي تطل على بحر المدينة كأول فندق بني في شبه الجزيرة العربية في ثلاثينيات القرن الماضي لمستثمر فرنسي.

ويردد كثير من العدنيين أن الملكة قضت شهر العسل في الفندق صحبة زوجها بعد أن سحرتها سواحل المدينة والمبنى الجميل، وهي الإشاعة التي تلقى رواجاً واسعاً في البلاد حتى باتت مسلمة لا تخضع للنقاش أو التدقيق.

هذا الأمر منح الفندق الذي آلت ملكيته لاحقاً لتاجر يمني دعاية مجانية استمرت أكثر من 60 عاماً، دفعت كثيراً من زوار عدن للتزاحم على حجز إحدى حجراته لقضاء ليلة واحدة في غرفة ملكة التاج ولو بسعر مضاعف، أو التقاط الصور بداخله ومشاهدة المقتنيات الملكية التي احتفظ بها الفندق حتى وقت قريب قبل أن يطاوله الدمار على يد ميليشيا الحوثي خلال اقتحامها عدن في عام 2015، إذ حولته إلى ثكنة أثناء محاولتها احتلال المدينة.

الأعراف الملكية لا تعرف الفنادق

غير أن الباحث المتخصص في العلاقات البريطانية - اليمنية بلال غلام نفى صحة هذه المعلومات تماماً، وأكد أن الملكة لم تدخل هذا الفندق ولا أي فندق آخر.

وأضاف خلال حديثه لـ"اندبندنت عربية" أنه من المتعارف عليه في التقاليد والأعراف الملكية البريطانية "عدم السماح للملك أن ينزل في فندق، كما أن مدة برنامج الزيارة كان 24 ساعة فقط مليئة بالزيارات والفعاليات واللقاءات، وبين كل فعالية وأخرى كانت تعود إلى منزل حاكم مستعمرة عدن توم هيكنبوتم الذي بني خصيصاً لحكام المستعمرة الوليدة فوق مرتفع صخري في منطقة التواهي على الطراز الملكي بإطلالات واسعة على سواحل خليج الفيل".

وأوضح أن فريق استقبال الوفد الملكي حرص على تجديد وتزيين فندق "كريسنت" الذي نزل فيه عدد من أعضاء الوفد المرافق فقط.

القصر "المدور"

بعد الاستقلال الوطني في الـ30 من نوفمبر (تشرين الثاني) 1967، اتخذت حكومة "جمهورية اليمن الديمقراطية" (الجنوبية) من هذا المبنى قصراً رئاسياً كان يقيم فيه الرئيس، ويستذكر اليمنيون الأحداث التي شهدها، لعل أشهرها حادثة الانقلاب على الرئيس سالم ربيع علي (سالمين) وتصفيته في محيطه في الـ26 من يونيو (حزيران) 1978.

وبفعل الأحداث المتلاحقة طاول الإهمال القصر، وتحول اليوم إلى مبنى عسكري.

قطعة من لندن

بحسب غلام كانت مديرية التواهي حينها تبدو كقطعة من لندن، إذ كان مجسم ساعة "ليتل بيغ بن" يقع في أعلى الجبل المطل على الميناء، إضافة إلى التماثيل والمجسمات التي شيدها الاستعمار البريطاني لرموزه، ومنها مجسم حجري للملكة فيكتوريا ورصيف السواح وفنادق وبنايات أخرى مبنية على الطراز المعماري البريطاني القديم، وفندق روك الذي سمي لاحقاً أيضا بـ"الصخرة"، وفندق "كريسنت" الذي تحول لاحقاً إلى فندق الهلال وغيرها كثير.

مقتضى الزيارة

وعن دواعي الزيارة يؤكد أنها جاءت على خلفية توليها عرش الإمبراطورية البريطانية عام ١٩٥٢ بعد وفاة والدها الملك جورج السادس، كون التقاليد والأعراف الملكية البريطانية تقضي أن أياً من العائلة المالكة يتولى عرش الحكم يقوم بزيارة دول الكومنولث البريطاني، وعلى غرار ذلك جاءت زيارتها إلى مستعمرة عدن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحول كل هذه التفاصيل سبق للباحث بلال غلام إصدار كتيب خاص عنها بعنوان "24 ساعة في عدن"، تناول فيه حيثيات الزيارة وأهميتها في ذلك الوقت وتفاصيل تحركاتها في عدن.

وعلى الرغم من أنها كانت مستعمرة تابعة لبريطانيا طيلة 129 عاماً، إلا أن أبناء عدن ما زالوا يتذكرون تلك الزيارة وتفاصيلها وما نتج منها من مشاريع، لعل أهمها مستشفى الجمهورية الذي ما زال يقدم خدماته حتى اللحظة.

أطلال المكان

بالحديث عن فندق "كريسنت" اليوم تؤكد سارة عبد الله، وهي إحدى الناشطات اليمنيات التي تسكن منطقة التواهي، أن ما كان بجوار مبنى الفندق الشهير تعرض للدمار على يد ميليشيا الحوثي التي نشرت قناصيها في أسطحه واستخدمته لقصف مدينة عدن قبل أن تتمكن قوات الشرعية من دحرها واستعادة المدينة.

وأوضحت أن "كثيراً من المعالم والمباني البريطانية الأخرى تعرضت للتدمير حتى باتت مهددة بالاندثار بشتى معالمها الدينية والحكومية والعسكرية والثقافية والتجارية والرياضية وغيرها، تارة جراء عوامل الزمن والملوحة البحرية التي زحفت ونخرت طابعها المعماري الفريد، وتارة أخرى بسبب آلة الحرب التي ظلت بين وقت وآخر تنقب وجه هذه المدينة الجميل بالموقع ذاته والميناء الاستراتيجي، وألحقت كثيراً من الضرر البالغ بمبانيها ومعالمها، وتنوعت تلك الأضرار ما بين جزئي وكلي".

واحتلت بريطانيا عدن وعدداً من المحميات الأخرى منذ الـ19 من يناير (كانون الثاني) 1839 حتى خروج آخر جندي بريطاني منها في الـ30 من نوفمبر 1967، وإعلان الاستقلال الوطني وقيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.

وخلال استعمارها استوطنها تجار يهود وفرس وهنود، وخلال أربعينيات وخمسينيات القرن الـ20 أصبحت أحد أكثر موانئ العالم نشاطاً.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير