Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ينهي اعتماد النظام الفيديرالي في ليبيا الاقتتال الحالي؟

مخاوف من انفصال الأقاليم الليبية وضياع الثروات

يعود تاريخ الفيديرالية في ليبيا إلى الحقبة العثمانية حين كان البلد منقسماً إلى إقليمين، إقليم برقة وإقليم طرابلس. وتوسع التقسيم الإقليمي ليصبح ثلاثياً مع إضافة إقليم فزان في عهد الاستعمار الإيطالي إلى حين انقلاب معمر القذافي على الملك إدريس السنوسي في العام 1969.
وتوحدت ليبيا تحت نظام مركزي اختزل القذافي جميع سلطاته في العاصمة طرابلس التي ضمت كل الإدارات المركزية السياسية والأمنية والاقتصادية، بينما همش سكان بقية المناطق الليبية، في مقدمهم أهالي مدنية برقة على الرغم من احتضانها أهم الثروات النفطية، العمود الفقري للاقتصاد الليبي، والتي تعاني من نسبة سكانية ضعيفة مقارنة بالمدن الغربية والجنوبية الأخرى، ما ولّد خوفاً من إمكان استباحة ترابها من قبل الدول المجاورة طمعاً في ثرواتها المنجمية. وإثر سقوط نظام القذافي في العام 2011، سارع أهالي برقة إلى المناداة بتبني نظام فيديرالي وكان ذلك في مارس (آذار) 2012، وفق دستور العام 1951، أول دستور ليبي بعد الاستقلال وينص على اعتماد الفيديرالية.

"الفيديرالية حل"

وتعاني ليبيا منذ قيام ثورة 17 فبراير (شباط) 2011 من شبح الانقسام السياسي والمالي والأمني، حيث توجد 3 حكومات على الأرض، "حكومة الوفاق" المعترف بها دولياً في العاصمة طرابلس و"الحكومة المؤقتة" في الشرق و"حكومة الإنقاذ" في مدينة مصراته، بينما توجد إدارة للبنك المركزي في طرابلس وإدارة أخرى في مدينة البيضاء (شرق) وقوة أمنية تابعة للمجلس الرئاسي في الغرب و"الجيش الوطني" الذي يقوده المشير خليفة حفتر في الغرب. في هذا السياق، يرى عضو لجنة المصالحة الليبية حسن الأشلم أن "النظام الفيديرالي يقدم حلاً من الحلول التي يمكنها إنهاء هذا النزيف الذي أنهك ليبيا". وأضاف "الفيديرالية ممكنة لكن بشرط إنهاء أزمة المركزية والتوجه نحو اللامركزية لتأخذ كل المدن الليبية نصيبها من التمثيل التشريعي والسياسي". وأشار الأشلم إلى أن "النظام الفيديرالي أثبت نجاعته في دول عدة على غرار ألمانيا وكذلك في ليبيا سابقاً ولا يوجد أي مانع من تبنيه فجميع إشكالات الاقتتال في ليبيا ولِدت من رحم النظام المركزي وحقد الشعب الليبي على هذا التوجه". وشدد على أهمية الفيديرالية كنظام توافقي أي "تقسيم ليبيا إلى ما لا يقل أو يزيد على عشر محافظات وفق الدستور المعدل عام 1963 وهو طرح مقبول جداً"، إلا أنه حذّر من تبني النظام الفيديرالي الثلاثي (إقليم فزان، إقليم برقة، إقليم طرابلس) الذي يعود إلى الفترة الممتدة بين عامي 1951 و1963.


 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)



ورقة تخوين

أما الناشط السياسي عيسى رشوان فقال إن زيارة مبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة إلى بنغازي (شرق) في 22 يونيو (حزيران) الحالي تأتي في إطار الترويج للفيديرالية إثر فشل مبادرة "مؤتمر غدامس" الذي كان يؤسس لتشكيل حكومة وحدة وطنية تنهي المراحل الانتقالية التي تتخبط فيها ليبيا منذ سنوات.
وشدد رشوان أن "سلامة لم يفصح عن توجهه نحو هذا الخيار مباشرةً، لكن أهم النقاط التي تضمنها برنامجه فضح هذا التوجه، وهي جلوسه مع أهم المشايخ الداعمين للحراك البرقاوي (نسبة إلى مدينة برقة) المنادي بالنظام الفيديرالي منذ العام 2012، زد على ذلك التأكيد على تأسيس هيئة برقاوية تشرف عليها بعثة الأمم المتحدة". وأضاف أن "التحدث عن الفيديرالية حالياً مجرد ورقة لإبعاد قوات خليفة حفتر عن الغرب الليبي (طرابلس، مصراته) وإلزامها العودة إلى الرجمة شرق البلد".
وذكر أنه "من الصعب تبني هذا النظام حالياً باعتباره رُفضَ سابقاً وتم تخوين من طالب به ثم إن الفيديرالية تقتضي وجود نظام إداري قوي وليبيا الآن في مرحلة انتقالية على جميع المستويات".

مخاوف التقسيم

وتنص مسودة الدستور التي تقدمت بها "الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور" إلى مجلس النواب للمصادقة عليها، تقريباً على أهم ركائز النظام الفيديرالي، إذ اعتمدت معيار التوزيع الجغرافي والسكاني في توزيع مقاعد مجلس الشيوخ حيث خص طرابلس بـ 32 مقعداً وبرقة بـ 26 مقعداً في حين حصلت فزان على 20 مقعداً.
ونصّ باب الحكم المحلي على اللامركزية، حيث حدد مقر السلطة التشريعية الممثلة بمجلس النواب ومجلس الشيوخ في بنغازي في حين تم اختيار سبها (جنوب) كمقر للمحكمة الدستورية. ويفسر المحلل السياسي السنونسي إسماعيل، عدم تطرق الدستور إلى نقطة التوزيع الجغرافي الفيديرالي بنظام الولايات الثلاث (برقة، طرابلس، فزان) انطلاقاً من الحرص على وحدة ليبيا وخوفاً من شبح التقسيم الذي يمكن أن تستغله أطراف خارجية لاستغلال ثروات أحد الأقاليم. ويخشى السنوسي من النظام الفيديرالي الذي يؤسس لعودة نظام الأقاليم الثلاثة الذي سيكون مقدمة لتقسيم ليبيا. وقال "الخوف كل الخوف من انفصال برقة حاضنة الثروات النفطية الليبية وسقوطها في أيدي أطراف خارجية ستجعل ليبيا تعيش في تبعية اقتصادية إذا تم تبني نظام الأقاليم". وساند الناطق باسم مجلس القبائل الليبية خالد الغويل، هذا الطرح، مشدداً على أن "الفيديرالية ستعمّق الإشكالية السياسية الحالية التي أسهمت فيها أطراف خارجية لإطالة الأزمة واستنزاف الثروات الليبية من خلال استغلال ضعف الدولة الليبية التي أثقل كاهلها شبح الاقتتال والانقسام على أسس جهوية".
وتحاول ليبيا منذ انتخاب هيئة صياغة الدستور في العام 2014 الخروج بدستور يحدد شكل الحكم بعد انهيار نظام القذافي وينهي حالة الانقسام غير أن تغيّر الحكومات وتفاقم موجة الاقتتال حالا دون ذلك لتبقي ليبيا رهينة المراحل الانتقالية.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي