Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يفتح الاتفاق النووي بوابة خلفية لتصدير النفط الروسي؟

موسكو حريصة على الاستفادة من خبرة طهران في الالتفاف على المنع بينما لن تفعل العواصم الغربية الكثير

ناقلة تحمل وقوداً روسياً منعت من دخول ورتردام في هولندا (أ ف ب)

وسط إشارات إيجابية على قرب التوصل إلى اتفاق نووي جديد بين طهران وواشنطن، بعد أكثر من عام ونصف العام على عودة الطرفين لموائد المفاوضات في فيينا، بدأت عيون الغرب، الذي يعاني أزمة طاقة منذ الحرب الروسية في أوكرانيا، تتجه نحو النفط الإيراني الممنوع من التصدير بموجب العقوبات الأميركية، لكنه سيكون حتماً جزءاً من حزمة الإعفاءات الغربية في حال إعلان اتفاق جديد.

وبعد عام ونصف العام من المحادثات المتعثرة، والتي توقفت مرتين وسط خلاف بين الطرفين، شهد أغسطس (آب) الماضي، انفراجة مع استئناف المحادثات في فيينا بمشاركة الولايات المتحدة في شكل غير مباشر.

وبعد أربعة أيام من التفاوض، أكد الاتحاد الأوروبي أنه طرح على الطرفين الأساسيين صيغة تسوية نهائية، والتي من بين أكثر مؤيديها ميخائيل أوليانوف سفير روسيا لدى المنظمات الدولية التي تتخذ من فيينا مقراً لها، بما في ذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة.

وأكدت إيران أنها أرسلت بحلول منتصف ليل 15-16 أغسطس، "الرد الخطي" على المقترح الأوروبي الأخير، معتبرة أنه "سيتم التوصل إلى اتفاق إذا كان الرد الأميركي يتسم بالواقعية والمرونة"، وفق ما أفادت حينها وكالة الأنباء الرسمية "إرنا".

وفيما أعلنت طهران مطلع الأسبوع الماضي أنها تقدمت بمقترحاتها على النص النهائي الذي اقترحه، في الثامن من أغسطس، الاتحاد الأوروبي الذي ينسق المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن ضمن محادثات إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، أفادت وزارة الخارجية الإيرانية، الأربعاء 31 أغسطس، بأنها تلقت رد الولايات المتحدة على مقترحاتها في شأن النص النهائي. في حين أفاد مسؤول أميركي رفيع لوكالة "رويترز"، الإثنين الماضي، بأن إيران تخلت عن بعض مطالبها الرئيسة بشأن إحياء الاتفاق الرامي إلى كبح برنامجها النووي، ومن بينها إصرارها على أن يغلق المفتشون الدوليون بعض التحقيقات في برنامجها النووي، مما يعزز إمكانية التوصل إلى اتفاق.

وأتاح الاتفاق المبرم "خطة العمل الشاملة المشتركة" بين طهران وست قوى دولية كبرى، وهي: فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين والولايات المتحدة، قبل انسحاب الأخيرة في مايو (أيار) 2018، رفع العقوبات عن النظام الإيراني لقاء خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. لكن عندما انسحبت واشنطن خلال عهد إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، أعادت فرض عقوبات مشددة على إيران، وهو ما يشترط الجانب الإيراني رفعه بالكامل حتى يتسنى توقيع اتفاق جديد.

بوابة خلفية لروسيا

هذه الأنباء بقدر ما أثارت التفاؤل بين الأوروبيين الباحثين عن النفط قبل موسم الشتاء، فإنها تثير الحذر الغربي بشأن المنفعة التي يمكن أن تحصل عليها روسيا في حال رفع العقوبات الغربية المفروضة على النفط الإيراني. إذ أشار دبلوماسيون غربيون إلى إمكانية أن تعمل إيران كبوابة خلفية للنفط الروسي للالتفاف حول العقوبات الغربية المفروضة ضد موسكو منذ بدء الحرب على أوكرانيا، بحسب مجلة "بوليتكو" الأميركية.

وفي يوليو (تموز) الماضي، أرسلت موسكو وفوداً من مسؤولي التجارة والتمويل، بالإضافة إلى المديرين التنفيذيين من شركة "غازبروم" وشركات أخرى إلى طهران، بعد اجتماع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع القيادة الإيرانية لوضع الأساس لتعاون أوثق بين البلدين. كانت زيارة بوتين لإيران هي الأولى خارج دول الاتحاد السوفياتي السابق منذ اندلاع الحرب. وكبادرة حسن نية، استغلت طهران وموسكو المناسبة لإعلان مذكرة تفاهم بشأن مشاريع مشتركة بقيمة 40 مليار دولار، تهدف بشكل خاص إلى تطوير احتياطيات الغاز وإنتاج غاز طبيعي مسال عالي القيمة.

وفي الأسابيع الأخيرة الماضية، بعثت إيران أيضاً وفدين رسميين إلى موسكو ركزا في لقاءاتهم على الطاقة والتمويل. وكان من بين كبار المسؤولين الذين حضروا الاجتماع، رئيس البنك المركزي الإيراني علي صالح عبادي، ونائب وزير الاقتصاد علي فكري، ورئيس لجنة الاقتصاد في المجلس التشريعي الإيراني محمد رضا بور إبراهيمي، حيث أمضى الإيرانيون أياماً عدة في اللقاءات مع نظرائهم والمديرين التنفيذيين في القطاع الخاص الروسي، وفقاً للدبلوماسيين الغربيين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تواجه صادرات النفط الروسية حظراً تدريجياً من دول الاتحاد الأوروبي حتى ديسمبر (كانون الأول) العام الحالي. لكن يخشى المسؤولون الغربيون أنه إذا تم إبرام اتفاق نووي دولي مع إيران، فسيوفر ذلك خطة بديلة في الوقت المناسب تماماً لبوتين. وبموجب ما يسميه التجار ترتيب "المقايضة"، يمكن لإيران استيراد الخام الروسي إلى ساحلها الشمالي على بحر قزوين، ثم بيع كميات معادلة من الخام نيابة عن روسيا في ناقلات إيرانية تغادر من سواحلها. وستعمل إيران على تكرير النفط الروسي لتلبية طلبها المحلي النهم، بينما سيتم إعفاء النفط الإيراني المُصدَر من الجنوب من العقوبات، وذلك بفضل الاتفاق النووي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لإيران استخدام أسطولها من الناقلات، بمجرد رفع العقوبات، لنقل النفط الروسي في الموانئ خارج بحر قزوين.

ويقول مراقبون إن طهران أثبتت على مدار سنوات من العقوبات الدولية، أنها بارعة في إيجاد السبل للالتفاف حول تلك القيود، في المقام الأول من خلال اللجوء إلى الصين والشركاء الآسيويين. ومن ثم فإن روسيا حريصة على الاستفادة من هذه الخبرة، وتراهن على أن إيران ستواجه عواقب قليلة لتعاونها مع موسكو، لأن العواصم الغربية ستبذل قصارى جهدها لعدم تعريض أي اتفاق نووي جديد للخطر.

تنافس في آسيا

التعاون بين البلدين المثقلين بالعقوبات الغربية لا يعني عدم التنافس بينهما، فوفقاً لشركة تحليلات الشحن "فورتكسا"، فإن هناك أدلة على أن روسيا تتنافس مع إيران وفنزويلا على أسواق النفط في الصين والهند. ويقول تقرير أصدرته الشركة في أواخر يوليو الماضي، إن صادرات النفط الخام والمكثفات الإيرانية تراجعت خلال النصف الأول من عام 2022 بعد زيادة أولية في يناير (كانون الثاني) 2022، حيث انخفضت الصادرات 160 ألف برميل في اليوم من الربع الأول إلى 820 ألف برميل في اليوم في الربع الثاني، عندما بدأت روسيا في الاستحواذ على حصص أكبر من أسواق النفط الإيراني والفنزويلي في الصين.

وأفاد التقرير بأنه اعتباراً من 18 يوليو الماضي، بدأت "فورتكسا" تتبع 11 من الناقلات العملاقة، معظمها من طراز "أفراماكس" متوسطة الحجم بسعة حوالى 750 ألف برميل، التي تحمل الخام والمنتجات النفطية الروسية منذ أبريل (نيسان) الماضي. وأضافت أن ناقلات النفط العملاقة التي تبلغ سعتها 2 مليون برميل، التي كانت قبلاً تحمل الخام الإيراني، بدأت أخيراً في نقل النفط الروسي، ما أدى إلى تحفيز صادرات موسكو بمقدار 250 ألف برميل في اليوم في النصف الأول من شهر يوليو.

ويقول التقرير الذي نشر موقع "إيران إنترناشونال" مقتطفات منه، إنه مع تراجع المزيد من الشركات عن نقل الخام والمنتجات الروسية، فإن المطلعين على تجارة النفط الخاضع للعقوبات، سيواصلون استخدام ناقلاتهم لمساعدة روسيا في تصدير النفط. ويشير إلى تزايد عمليات النقل المظلمة من سفينة إلى سفينة للنفط الروسي في المحيط الأطلسي، والتي تتضمن ناقلات نقلت في السابق الخام الإيراني. واعتباراً من 18 يوليو، تتبعت "فورتكسا" سبع ناقلات نفط عملاقة وسبعاً من "أفراماكس" كانت في المحيط الأطلسي في الأسابيع الأخيرة مع نظام إرسال مغلق.

لكن يظل الاتفاق النووي فرصة لإيران لملء الفراغ الذي خلفته روسيا في سوق النفط الأوروبية. ويتوقع المراقبون أن تسعى طهران لاستعادة العملاء في دول مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا وتركيا في حال رفع العقوبات عن صناعة الطاقة لديها، ما من شأنه أن يساعدها في تخفيف آثار المنافسة الشديدة في سوقها الآسيوية مع روسيا وفنزويلا. وتقول شبكة "بلومبيرغ"، الأميركية، إن جميع دول البحر المتوسط اشترت الخام الإيراني سابقاً، إذ كانت أوروبا تستورد حوالى 600 ألف برميل يومياً من طهران قبل العقوبات. ومع ذلك، حتى إذا تعافت المبيعات إلى تلك المستويات، فإن ذلك لن يسد سوى جزء من غياب النفط الروسي، حيث تشير شركة "سيتي غروب" إلى أن نحو 1.25 مليون برميل من مبيعات الخام والمنتجات المكررة الروسية إلى أوروبا معرضة لخطر العقوبات.

المزيد من تحلیل