Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مدافن أثرية بيزنطية تظهر في سوريا مع انخفاض مياه الفرات

تشير الاكتشافات الحديثة إلى أهمية المنطقة والاستيطان التاريخي لها مع استمرار البحث والتقصي عن مواقع إضافية

اكتشف الفريق المختص 15 مدفناً ظاهراً للعيان تتضمن تجاويف في قلب الصخر محفورة يدوياً (اندبندنت عربية)

تحولت حادثة انحسار نهر الفرات المار بالأراضي السورية مخترقاً مدناً وقرى مثل الرقة وريف حلب ودير الزور من قضية يكتنفها كثير من القلق وتساور قاطني ضفافه هواجس بقاء نهرهم على قيد الحياة إلى فرصة للمتخصصين في علوم الآثار لإجراء مزيد من البحث والتقصي عن اكتشافات جديدة خلفها النهر المنحسر.

وتوافد صوب تلك الأماكن والضفاف الصخرية علماء ومتخصصون، وعدها بعضهم مواقع ربما بالكاد يمكنهم الوصول إليها سابقاً بسبب جريان النهر قبل انحساره بين أربعة وسبعة أمتار، والذي يجري أول دخوله بالأراضي السورية بمدينة جرابلس الحدودية في ريف حلب إلى محافظة الرقة، مكملاً طريقه ما بين جرابلس والرقة، ليتحد مع نهري الخابور والبليخ، ثم يمر بمحافظة دير الزور ومدينة البوكمال الحدودية مع العراق.

 

كنوز أثرية على ضفافه

وفي حين تابع الفريق المتخصص عمليات المسح والبحث عبر الدوائر الأثرية صاحبة الاختصاص، وطبقاً للمعلومات الواردة عن تمكنهم من دراسة مناطق واسعة في مدينتي الرقة والطبقة امتدت قرابة كيلومتر واحد، اكتشف الفريق 15 مدفناً ظاهراً للعيان تتضمن تجاويف في قلب الصخر محفورة يدوياً، وذلك مع استمرار التقصي على الرغم من ظروف قاسية يغلب عليها مشقة التنقل بين الضفاف، علاوة على طبيعة التضاريس الصخرية وشدة الانحدارات بها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعتبر الباحث الأثري زردشت عيسو أحد أعضاء الفريق المشارك بالمسح في حديث إلى "اندبندنت عربية" أن هذا الانحسار فرصة قد تكون سانحة لتطبيق مشروع مسح شامل ونوعي بغرض توثيق هذه المدافن، قائلاً، "تنتشر على طول ضفتي نهر الفرات مدافن أثرية اكتشفت ولوحظ أنها منهوبة سابقاً، وامتد عبر مساحة ممتدة من قرية شمس الدين حتى سد تشرين كثير من المدافن، ولعل انحسار الفرات بهذه الرقعة وانخفاض منسوب المياه فيه نحو أربعة أمتار يعطيان مزيداً من الفرصة للتقصي عن مدافن إضافية من قبل فريق علمي يوثق هذه المكتشفات الجديدة".

وتكمن أهمية هذه الاكتشافات، بحسب رأي الباحث عيسو، والتي جاءت بظروف طبيعية بعد انحسار المياه، بانتشار الحضارات والاستيطان على ضفاف النهر، لا سيما تاريخها العائد للعهود البيزنطية، إذ يقول، "يمكن اعتبار ضفاف النهر أغلبها مدافن أثرية".

 

أوجاع النهر المتفاقمة

في غضون ذلك، يقرع السوريون ناقوس خطر استمرار جفاف أحد أبرز الأنهار الضخمة التي تمر ببلادهم والاضمحلال مع مرور الوقت لأسباب يعزوها مراقبون إلى أسباب طبيعية وأخرى من صنع البشر. فالجفاف والتغير المناخي اللذان يضربان العالم وعوامل الاحتراز الحراري وارتفاع درجات الحرارة المتزايد، لها تأثير بطبيعة الحال، لكن التأثير الأكبر يتمثل في السدود المقامة من قبل الجانب التركي.

وفي الوقت الذي يزداد فيه انخفاض المنسوب عن حدوده الطبيعية، يعاني المزارعون نقصان الكميات القادمة لري محاصيلهم الموسمية، كالقطن والقمح والشعير، وعدم توفر المياه الصالحة للشرب، علاوة عن توقف محطات توليد الطاقة الكهربائية وخروج بعضها عن الخدمة.

ويلقي خبراء اللوم على إنشاء سدود تفوق الحد الطبيعي من قبل الأتراك، وأكبرها سد أتاتورك. وطالب المحامي والباحث في الشأن السياسي، عواس الخليل، الأمم المتحدة الراعية للقانون الدولي، بإلزام تركيا ببنود الاتفاق الدولي الخاص بالأنهر العابرة لعام 1997. وقال في مستهل حديثه عن انخفاض المنسوب، "نحن أمام أزمة دولية إنسانية مختلقة تمنع أنقرة من خلالها وبشكل غير إنساني من الانتفاع بمياه نهر عابر على حساب حرمان دول يمر بها هذا النهر".

 

وحذر المرصد السوري لحقوق الإنسان في شهر مايو (أيار) عام 2021 من مغبة الانخفاض الذي يحدث للمرة الأولى في التاريخ، ورد ذلك إلى حجب مياه النهر، وبات لا يتجاوز تدفقه 200 متر مكعب في الثانية.

في المقابل، يشكو معنيون أتراك بعد التواصل معهم، من "حقيقة الجفاف الذي يصيب النهر حتى في مجراه بالأراضي التركية، حيث يتدفق من شمال شرقي الأناضول، ويشق طريقه بالأراضي التركية والسورية والعراقية ليلتقي مع نهر دجلة قبل مصبه في شط العرب في الخليج العربي. وحالة الانخفاض تشتكي منها كل الدول التي يمر بها عاماً بعد عام من هذا النضوب، وتدني غزارته".

ويبدو أن الانحسار لم يقتصر على اكتشافات أثرية على ضفاف النهر في الأراضي السورية، بل أدى أيضاً انحسار مياه بحيرة سد كيبان شرق تركيا في وقت سابق إلى ظهور أجزاء قلعة أثرية اسمها "هاستيك" التاريخية. أما في العراق فقد أدى انخفاض المنسوب إلى ظهور مدينة أثرية تدعى "مملكة تلبس" يعود تاريخها إلى ما قبل الميلاد.

المزيد من تقارير