نتيجة أزمة تغير المناخ تتدهور التربة وتفقد خصوبتها بشكل سريع وتصير عاجزة عن إنتاج الغذاء مع ما تترتب على ذلك من عواقب وخيمة على البشرية.
1. ما هو التصحر desertification؟
وفق "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ" (IPCC)، يتمثل التصحر في تدهور الأراضي في المناطق القاحلة وشبه القاحلة والجافة شبه الرطبة، وذلك نتيجة عوامل عدة من بينها تغيرات المناخ وأنشطة الإنسان.
ويعزى تدهور الأراضي إلى عمليات مباشرة أو غير مباشرة ناشئة عن النشاط البشري من بينها تغير المناخ المنسوب إلى الإنسان، ويعرف بأنه تراجع طويل الأجل في مستوى الإنتاجية البيولوجية أو السلامة البيئية أو المنفعة التي تعود بها الأراضي على الناس، أو فقدان هذه المميزات تماماً.
وباختصار فالتصحر هو التدهور الدائم للأرض [لا تعود التربة غنية بالمعادن] التي كانت ذات يوم صالحة للزراعة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
صحيح أن تدهور الأراضي يحصل طبيعياً، غير أن وتيرة التصحر تزايدت بسرعة كبيرة جداً حتى وصلت إلى مستوى يتراوح بين 30 و35 ضعف المعدل التاريخي وفق "الأمم المتحدة".
أما أسباب تدهور الأراضي فتشمل الزحف العمراني والتعدين وزراعة المحاصيل وتربية المواشي والدواجن والزراعة، إذ يجري قطع الأشجار والنباتات الأخرى، بينما تستنفد المحاصيل المغذيات في التربة.
وإلى هذه العوامل تفاقم حدة المشكلة زيادة خطر الجفاف الناجم عن تغير المناخ، وللأسف يقود التصحر إلى عواقب وخيمة على السكان من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية.
2. في أي مناطق يحدث التصحر؟
تقول "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ" إنه من الصعب تقدير مدى التصحر على نطاق عالمي، لكن البيانات الإقليمية تنذر بالخطر، وتشير التقديرات إلى أن 46 من أصل 54 بلداً في أفريقيا معرضة للتصحر، وأن هذه المشكلة تطرح أضرارها حالياً على 38 من أصل 48 دولة في آسيا.
تغطي الأراضي الجافة 33.8 في المئة من دول شمال البحر الأبيض المتوسط، نحو 69 في المئة من إسبانيا، و66 في المئة من قبرص، وما بين 16 في المئة و62 في المئة في اليونان والبرتغال وإيطاليا وفرنسا.
وأشارت "الوكالة الأوروبية للبيئة" (EEA) إلى أن ثمانية في المئة من أراضي دول الاتحاد الأوروبي (معظمها في بلغاريا وقبرص واليونان وإيطاليا ورومانيا وإسبانيا والبرتغال) لديها "قابلية عالية جداً" و"مرتفعة" للتصحر [عرضة أكثر للتصحر].
تتوزع الأراضي الجافة بشكل كبير بين أفقر بلاد العالم، مما يتسبب في فقدان التنوع البيولوجي من طريق تدهور ظروف الحياة بالنسبة إلى كثير من الأنواع الحية وغياب الأمن الغذائي بسبب تلف المحاصيل أو انخفاض الغلات وفقدان الغطاء النباتي والغذاء.
3. هل سيتفاقم التصحر؟
سبق أن تعرض للتدهور أكثر من 75 في المئة من مساحة اليابسة على وجه المعمورة، وفق "الأطلس العالمي للتصحر" التابع للمفوضية الأوروبية، ويحتمل أن يؤول إلى هذا المصير أكثر من 90 في المئة بحلول 2050.
وقد وجد "مركز البحوث المشتركة" التابع للمفوضية الأوروبية أن مساحة إجمالية تبلغ نصف مساحة الاتحاد الأوروبي (1.61 مليون ميل مربع) تتدهور سنوياً، علماً أن إفريقيا وآسيا الأكثر تضرراً.
4. كيف يمكن عكس مساره أو الحؤول دون حدوثه؟
تتمثل إحدى الطرق التي ترمي إلى التخفيف من تدهور الأراضي في إدخال تحسينات على خطط استخدام الأراضي، بما في ذلك إدارة موارد المياه والثروة الحيوانية والأنشطة الزراعية.
الاستعانة بتقنيات الزراعة من دون حراثة (وتسمى أيضاً صفر حراثة) تخفض من اختلال التربة وإزعاجها، وتقلل من احتراق الوقود الأحفوري وتعزز المادة العضوية للتربة.
بدوره، يؤدي الغطاء النباتي دوراً رئيساً في حماية التربة من التعرية بفعل الرياح والمياه، وذلك عبر بناء الحواجز وتثبيت الكثبان الرملية، والحفاظ عليه سيضع حداً لموجة التصحر.
كذلك اعتماد النهج العضوي والممارسات المستدامة في الزراعة من قبيل المحاصيل الدورية، بمعنى تناوب محاصيل مختلفة على قطعة أرض واحدة كل عام، والجمع بين الأشجار والشجيرات مع المحاصيل و/أو الماشية (المعروفة باسم "الحراجة الزراعية" agroforestry)، كلها تمنع تآكل التربة والجفاف، وفي الوقت نفسه تعمل إعادة التحريج على تجديد الغطاء النباتي وتخلق تنوعاً بيولوجياً.
© The Independent