Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تتصاعد الأسئلة حول نزاهة تفتيش منزل ترمب والقاضي الذي أمر به؟

لدى الأميركيين مصلحة جوهرية في فهم الأمر غير المسبوق لمنزل الرئيس السابق

لقطة جوية لعقار دونالد ترمب "مارا لاغو" في بالم بيتش بولاية فلوريدا (أ ب)

منذ أن دهم مكتب التحقيقات الفيدرالي منزل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في بالم بيتش بولاية فلوريدا، تتفاعل أسئلة كثيرة في الولايات المتحدة حول التفاصيل والمعلومات الواردة في أمر التفتيش القضائي الذي ظل سراً لم تتكشف تفاصيله حتى الآن، بينما تعرض القاضي الفيدرالي بروس راينهارت الذي أصدر أمر التفتيش لانتقادات واسعة بسبب علاقة ربطته بجيفري إبستين الذي اتُهم بممارسة الجنس مع فتيات قاصرات، وتمويله لحملتَي رئاسة كل من الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما والمرشح الجمهوري جيب بوش.

مصلحة ملحة وجوهرية

لا يختلف فقهاء القانون في أن الأميركيين لديهم مصلحة ملحة وجوهرية في فهم ما استند إليه أمر التفتيش غير المسبوق لمسكن خاص لرئيس سابق وخصم سياسي محتمل في المستقبل، بخاصة وأنه لم يتم الإفراج عن أي تفسير أو معلومات رسمية حول عملية التفتيش، ولم تنشر الصحف ووسائل الإعلام سوى تكهنات حول هذا الإجراء غير المعتاد في التاريخ الأميركي.
وفي ظل هذا الغموض، قدمت مجموعة "جوديشيال ووتش" القانونية المحافظة غير الهادفة للربح، طلباً أمام المحكمة الجزئية الأميركية للمنطقة الجنوبية في فلوريدا، للكشف عن فحوى مذكرة تفتيش منزل ترمب، وهي تهدف من وراء ذلك إلى التحقيق في التسييس المحتمل لمكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل الأميركية، وما إذا كانا قد أساءا استخدام سلطات إنفاذ القانون لمضايقة خصم سياسي محتمل للرئيس الديمقراطي جو بايدن في عام 2024، وتقدمت بطلبات مماثلة صحف ووسائل إعلام عدة، منها صحيفة "نيويورك تايمز".

 

من يكشف عن التفاصيل؟

ووفقاً لموقع "القانون والجريمة" الأميركي، فقد رفض ترمب حتى الآن الإفراج عن المعلومات التي تضمنتها مذكرة التفتيش التي قُدمت في مقر إقامته في "مارا لاغو" الإثنين الماضي، ما دفع العديد من الجهات الأخرى إلى بذل جهود للكشف عن هذه الوثيقة عبر المحكمة الفيدرالية، حتى في الوقت الذي تعرض فيه بروس راينهارت القاضي الفيدرالي الذي وافق على أمر التفتيش، لانتقادات واسعة في وسائل الإعلام وتهديدات من مجموعات اليمين المتطرف على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي حين طالب القاضي راينهارت بشكل علني من وزارة العدل الرد على طلب الكشف عن أمر التفتيش، يشك الباحثون القانونيون في نجاح هذا الجهد، حيث رجّح محامي الأمن القومي برادلي موس أن تعتمد وزارة العدل على الادعاءات العامة والقاطعة حول الضرر الذي قد يلحق بالتحقيق الجاري في حالة الإفصاح عن معلومات أمر التفتيش.
كما قال المدعي الفيدرالي السابق، ريناتو ماريوتي على "تويتر"، إنه "من المرجح جداً أن يتم رفض هذا الطلب"، مشيراً إلى أنه "ليس ضرورياً بالنسبة للجمهور الاطلاع على المذكرة، كما يمكن لفريق ترمب الإفراج عن أمر التفتيش وجرد العناصر المضبوطة في أي وقت، ذلك أن أمر عدم الإفصاح عن معلومات أمر التفتيش لا ينطبق عليهم".

القاضي تحت الأضواء

وتسبب كشف محامية ترمب "كريستينا بوب" لصحيفة "بوليتيكو" عن اسم القاضي الفيدرالي بروس راينهارت الذي وافق على أمر التفتيش في تسليط الضوء على تاريخه وإثارة التساؤلات حول انتماءاته السياسية ومدى نزاهته في القضاء، حيث استدعت الصحف ووسائل الإعلام وبخاصة اليمينية منها، ما ذكرته صحيفة "ميامي هيرالد" في نوفمبر (تشرين الثاني )2019 بأن جيفري إبستين المتهم بالاتجار بالجنس، وظف راينهارت في عام 2008 لتمثيل العديد من موظفيه السابقين في قضايا تتعلق بمشروع الاتجار بالجنس ومن بينهم طيارو إبستين نفسه، وسيدتان ورد أن إبستين وصف إحداهما ذات مرة بأنها من العاملات في تجارة الجنس، وجميعهم محميون بموجب اتفاقية عدم مقاضاة نهائية، التي حدد تحقيق لاحق لوزارة العدل أنها كانت نتيجة "حكم سيئ".

وذكرت الصحيفة أيضاً في عام 2011 أن اسم راينهارت ورد في دعوى قضائية واتُهم بانتهاك سياسة وزارة العدل من خلال تمثيل موظفي إبستين لكن راينهارت نفى ارتكابه أي مخالفات، وقال إنه لم يشارك في القضية الجنائية ضد إبستين أو علم بأي معلومات سرية أثناء عمله كمدعٍ عام فيدرالي.
وذكر موقع "بوليتيكو" أن راينهارت وافق على طلب من "غوغل" بمنحها أتعاب المحاماة بعد أن انتصرت شركة التكنولوجيا العملاقة في دعوى قضائية زعمت أن "غوغل" أدرجت موقعاً على الإنترنت في القائمة السوداء لأن الموقع يمتلكه ويديره محافظون، لكن راينهارت لم يصدر أحكاماً في الدعوى القضائية الأساسية، وبدلاً من ذلك حكم في نزاع حول الرسوم القانونية، وخفض مبلغ الرسوم المطلوب من "غوغل" من أكثر من 200 ألف دولار إلى أكثر بقليل من 145 ألف دولار.
ويشير موقع "فوكس نيوز" إلى أن سجلات تمويل الحملات الفيدرالية تظهر أن راينهارت تبرع في عام 2008 بألف دولار لحملة الرئيس باراك أوباما الرئاسية وألف دولار لصندوق "أوباما للنصر"، وهو لجنة مشتركة لجمع التبرعات، كما تبرع بـ500 دولار لحاكم فلوريدا الجمهوري السابق جيب بوش في عام 2016 عندما رشح نفسه للرئاسة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


مَن رينهارت؟

ورينهارت هو أحد قضاة الصلح الذين يعينهم قضاة المقاطعات وليس الرئيس الأميركي، للتعامل مع بعض الأمور بما في ذلك جلسات استماع للمتهمين لتقرير ما إذا كان ينبغي إطلاق سراحهم، والتوقيع على أوامر التفتيش. وفي المحاكم الفيدرالية بالولايات المتحدة، يشرف قضاة الصلح بشكل عام على المثول الأول للمتهمين الجنائيين، ويفرضون الكفالة، ويؤدون واجبات إدارية أخرى.
درس رينهارت في جامعة برنستون وجامعة بنسلفانيا واستمر في العمل في وزارة الخزانة الأميركية وقسم النزاهة العامة بوزارة العدل، وقضى أيضاً أكثر من 11 عاماً كمساعد للمدعي العام للولايات المتحدة. ويصف ديف أرونبرغ، المدعي العام لمقاطعة بالم بيتش، رينهارت، بأنه يتسم بالدقة الشديدة.

تهديدات للقاضي

وبحسب موقع "فايس نيوز"، وجه المتطرفون اليمينيون في مواقع الرسائل ووسائل التواصل الاجتماعي المؤيدة لدونالد ترمب، مثل "4 تشان" و"جيتر" و"غاب" و"تيليغرام" إضافة إلى منصة ترمب "تروث سوشيال" تهديدات عنيفة ومعادية لليهود ضد راينهارت، حتى إن العديد من أعضاء هذه المجتمعات المنتشرة عبر الإنترنت ينشرون ما يبدو أنه عنوان منزل القاضي وأرقام هواتفه وأسماء أفراد عائلته مع تهديدات بالعنف الشديد.
واعتبر الموقع أن هذه التهديدات لم تنبع من فراغ، ففي غضون ساعات من قيام مكتب التحقيقات الفيدرالي بتفتيش منزل ترمب في بالم بيتش، رد بعض أنصار الرئيس السابق بحدة، ودعوا إلى حرب أهلية وتفكيك مكتب التحقيقات الفيدرالي، بينما سارع ترمب إلى شرح سبب تفتيش منزله، ودفع وسط ذلك بنظريات المؤامرة حول زرع مكتب التحقيقات الفيدرالي للأدلة هناك، كما حاولت وسائل الإعلام اليمينية ربط القاضي بجيفري إبستين، من دون أن تتحدث عن أن ترمب نفسه كان له علاقة شخصية طويلة مع إبستين، وقال ذات مرة لمجلة "نيويورك" الشهيرة، إنه "كان رجلاً رائعاً".
وفي تصريح لموقع "فايس نيوز"، قال متحدث باسم خدمة "المارشال" الأميركية وهي وكالة فيدرالية مهمتها حماية العملية القضائية الفيدرالية، إن "الخدمة تتخذ الخطوات المناسبة لضمان نزاهة العملية القضائية الفيدرالية".

هل من دوافع سياسية؟

ومع ذلك، فإن شبهة الدوافع السياسية لا تزال تتغذى على تصريحات ترمب والقادة الجمهوريين للحزب في واشنطن، خصوصاً وأن ترمب يصور نفسه كضحية لسياسات متعمدة من قبل الديمقراطيين، بينما أعرب المشرعون الجمهوريون والمعلقون المحافظون عن قلقهم الشديد من أن الحملة كانت ذات دوافع سياسية، وهدد زعيم الجمهوريين في مجلس النواب كيفين مكارثي، بالتحقيق مع وزارة العدل بشأن الحملة إذا تولى الحزب الجمهوري السيطرة على الأغلبية في الخريف.
ومع ذلك، يظل الجميع في حالة ترقب حول ما إذا كانت وزارة العدل ستصدر بياناً أو توضيحات حول أمر التفتيش أو ما إذا كانت ستكشف عن فحوى الصناديق والمستندات التي ربما يكون عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي قد استحوذوا عليها خلال مداهمة منزل ترمب.

المزيد من تقارير