Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زواج مغربيات بأجانب... أشجار المآسي تثمر في الخارج

يحاولن الهرب من الفقر فيقعن في دوامة العنف والتشرد ومحللون: عمليات "اتجار بالبشر" تحت لافتات شرعية

أحلامهن البسيطة سرعان ما تصطدم بالواقع بعد أن يتحول الزواج إلى جحيم يستحيل الخروج منه (أ ف ب)

يعتقد عدد من النساء المغربيات أن زواجهن برجل أجنبي الحل للهروب من الفقر وضمان العيش الكريم، لكن أحلامهن البسيطة سرعان ما تصطدم بالواقع، بعد أن يتحول الزواج إلى جحيم يستحيل الخروج منه.

مريم واحدة من هؤلاء النساء الحالمات، كانت تعمل في خدمة البيوت بمدينة فاس عندما التقت وسيطة مغربية أقنعتها بقدرتها على أن تجد لها رجلاً أجنبياً من خارج المغرب تعيش معه حياة ميسورة.

تقول مريم، "جاءت لي برجل تركي، وأنا لم أكن أعرف أي شيء عن تركيا سوى المسلسلات التركية، لكنها رسمت لي صورة مثالية عن هذه البلاد".

كانت الشابة المغربية قبل هجرتها تعمل في الشارع، حيث تجلس خادمات البيوت على الرصيف، في انتظار فرصة للعمل بتنظيف البيوت، وكانت تتقاضى راتباً هزيلاً لا يتجاوز 50 يورو شهرياً بالكاد تكفيها في مصاريف حياتها اليومية.

الاتجار بالبشر

هاجرت مريم قبل ثلاث سنوات، تقول "كنت أعتقد أنني بمجرد وصولي إلى تركيا ستتحقق أحلامي، وسأتزوج برجل جيد أعيش معه ويعوضني على سنوات الشقاء".

استقبلها في مطار إسطنبول الدولي وسيط تركي رافقها إلى بيته. تضيف مريم، "كان الوسيط التركي مرتبطاً بزوجة مغربية، وهي من كانت تترجم لنا أنا وشابات مغربيات أخريات".

انتظرت مريم في بيت الوسيط التركي وزوجته المغربية مدة ثلاثة أيام إلى حين قدوم الرجل الذي سيتزوج بها، وتمضي قائلة، "جاء الزوج وعائلته لرؤيتي، في البداية كانوا جد لطفاء، واتفقوا مع الوسيط على موعد الزواج".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

دفع الزوج الأجنبي للوسيط ثلاثة آلاف يورو، وكذا تكاليف رحلة مريم من المغرب إلى تركيا، لم يتم الزواج بشكل قانوني، بل في المسجد وبحضور الشيخ. تضيف مريم، "بمجرد أن انتقلت للعيش معهم تغيرت طريقة معاملتهم لي، كنت أعمل من الساعة السادسة صباحاً حتى منتصف الليل في المطبخ، وكانت عائلته مكونة من عدد كبير من الأفراد وأنا المسؤولة الوحيدة عن خدمتهم".

اتصلت مريم بالوسيطة في المغرب تطلب إعادتها إلى بلادها. فأخبرتها الأخيرة أنه إذا أرادت العودة فينبغي أن تدفع للوسيط التركي 3 آلاف يورو، وأيضاً تكاليف السفر.

لا تتخلوا عن ابنتي

تعد منصات مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة المغربيات المرتبطات بأجانب لإيصال أصواتهن والحديث عن تجاربهن مع العنف الزوجي، وكان آخر فيديو لغزلان، وهي شابة مغربية متزوجة برجل تركي، تتحدث فيه عن تعرضها للعنف، وتطلب من الناس أن يسألوا عنها حال غيابها عن نشر الفيديوهات قائلة، "أرجوكم إذا اختفيت، اسألوا عني، هل قتلوني أو قاموا بتسميمي، أرجوكم إذا تم قتلى أو حدث لي سوء، أرجوكم لا تتخلوا عن ابنتي، إنها مغربية وابنتكم".

نشرت غزلان فيديوهات توثق فيها تعرضها للعنف الزوجي، وتطلب من المغاربة مساعدتها، وفي حال موتها أن يساندوا ابنتها الصغيرة، تقول في أحد الفيديوهات المنشورة على منصة "تيك توك"، "أعيش حالياً في رعب وخوف، أرجوكم ساعدوني، لأحصل على حقوقي، أنا مهددة بوضعي في مستشفى الأمراض النفسية وسحب ابنتي مني". وتضيف غزلان، التي هاجرت إلى تركيا قبل خمس سنوات، "أنا خائفة من القتل، لا سيما بعد نشر الفيديوهات".

الفقر العاطفي والمادي

عن أسباب إقبال المغربيات على الزواج برجال أجانب، يرى رشيد المناصفي، المحلل النفسي والخبير في علم الإجرام بالسويد، أن "المسلسلات التركية المدبلجة قدمت صورة مثالية عن تركيا، وكرست لدى بعض النساء بالمغرب أن الرجل التركي وسيم ورومانسي".

ويضيف، "الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المغاربة جعلتهم يعتبرون أن تركيا هي الحل، لأنها لا تشترط تأشيرة لدخولها، والشباب يطمحون إلى تحسين وضعيتهم الاجتماعية عبر الهجرة إلى بلدان أخرى".

يعتبر المناصفي أن من أسباب إقبال المغربيات على الزواج برجل أجنبي أن "التنشئة الاجتماعية في المغرب تفتقد الحب والمشاعر، ما يجعل هذه الشابة الفقيرة عاطفياً ومادياً تصدق وعود الرجل الأجنبي وكلامه الرومانسي الذي اعتادت أن تسمعه فقط في الأفلام والمسلسلات الأجنبية".

يرى المحلل النفسي أن هؤلاء النساء يتصورن أنه بزواجهن من رجل أجنبي سيعشن الحب والمثالية، ولا تدرك الشابة المغربية المتزوجة بتركي أن هذا الرجل لديه عادات وتقاليد مختلفة عما يروج له في المسلسلات، فالزوجة هي ملكية للزوج وعائلته، وحتى بعد الطلاق، لا يمكن أن تعيش حياتها بحرية، وستعاني تدخله فيها".

يدعو المناصفي إلى ضرورة توفير فرص الشغل للنساء والرجال في المغرب، ومنحهم أجوراً تضمن لهم العيش الكريم، مشدداً "يجب تربية المغربيات والمغاربة على روح المواطنة، وتعليمهم منذ الطفولة أن لديهم قيمة، وتعزيز ثقتهم بذواتهم، وتغيير طريقتهم في التعامل مع أبنائهم، لأننا خلقنا مجتمعاً جافاً أفراده متعطشين للحب، وبخاصة النساء لأنهن ضحايا هذا النوع من التربية".

ويشدد المناصفي على ضرورة فتح نقاش في الإعلام المغربي حول الموضوع وإيجاد حل له، ويطالب السلطات المغربية بأن تدقق في ملفات الراغبات بالهجرة إلى تركيا، ومعرفة مستوياتهن التعليمية والهدف من هجرتهن لمنع استغلال النساء من لدن سماسرة الإتجار بالبشر.

في حوار للباحثة التركية أيلا دينيز، التي أعدت دراسة بعنوان "النساء المغربيات في تركيا"، مع صحيفة "Gazetewall" التركية، قالت إن "النساء المغربيات يتزوجن من رجال لم يلتقوا بهم قط في مدن مثل أورفة وماردين".

وتربط الباحثة التركية تزايد إقبال المغربيات على الزواج من الأتراك بالمسلسلات التركية، مشيرة إلى أن هؤلاء النساء بعد اكتشاف الواقع يتركن أزواجهن، وبعضهن يعملن في المكاتب السياحية لأنهن يتقن اللغة الفرنسية وتكلفة عملهن أقل من الموظف الفرنسي.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي