Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قوى "ما بعد الفاشية" في طريقها إلى حكم إيطاليا

تقاليدها تمزج ما بين الأفكار المحافظة السائدة وبعض العناصر النيوليبرالية

رئيسة حزب "إخوة إيطاليا" جورجيا ميلوني مع قائد حزب النجوم الخمس ماتيو سالفيني في روما  (رويترز)

أوردت "واشنطن بوست" في تحليل أن حزب "إخوة إيطاليا" اليميني المتطرف ليس حركة فاشية، كما تزعم زعيمته جورجيا ميلوني، لكنه ليس براء من الفاشية. وفي توصيفه للحزب كتب المحلل في الصحيفة إيشان ذارور "على غرار الفاشيين الأوروبيين الجدد في بلدان أخرى، يكره ’الإخوة‘ الهجرة ويعتنقون نظرة منعزلة وضيقة إلى الهوية القومية. وعلى غرار الفاشيين الجدد في بلدان أخرى، يستمد الحزب جذوره من ماض فاشي في شكل مميز – في هذه الحالة من الحركة الاجتماعية الإيطالية، التي تأسست على أيدي مؤيدين للديكتاتور بينيتو موسوليني عام 1946، على رماد هزيمة البلاد في الحرب العالمية الثانية".

ووفقاً للكاتب، تعدد ميلوني بعضاً من المتحدرين من موسوليني باعتبارهم حلفاءها المباشرين، ولا تزال تستخدم شعاراً تبناه يوماً ورثته السياسيون. ويلفت إلى أنّه إن كانت روابط من هذا النوع قبل بضع سنوات مجرد جزء من مناخات الهامش السياسي، حين كانت "إخوة إيطاليا" حركة ضعيفة، لكن ميلوني وحزبها اليوم يتصدران استطلاعات الرأي في الساحة السياسية الإيطالية. وحين ينتخب الناخبون حكومة إيطالية جديدة في 25 سبتمبر (أيلول) – بعد الانفراط الدراماتيكي الأسبوع الماضي للحكومة الائتلافية التي قادها رئيس الوزراء التكنوقراطي ماريو دراغي – قد يختارون ميلوني كأول رئيسة للوزراء في البلاد.

حكومة دراغي التي استمرت 18 شهراً، لم تتعارض مع الوضع السائد لدورة السياسة الإيطالية. ونقل ذارور إشارة الكاتب توني باربر في صحيفة فاينانشيال تايمز، الذي قال إن استقالة دراغي جاءت متسقة تماماً مع الممارسة السياسية في الحقبة الديمقراطية في إيطاليا بعد عام 1945، لافتاً إلى أن "حكومة [دراغي] الوحدة الوطنية استمرت 17 شهراً، وهي فترة أطول قليلاً من متوسط فترة 69 حكومة منذ الحرب العالمية الثانية"، على حدّ قول باربر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وخلافاً للأحزاب اليمينية المتطرفة الرئيسية الأخرى، بقي "الإخوة" بقيادة ميلوني في صفوف المعارضة خلال السنوات القليلة الماضية، ويشير ذارور إلى أنّهم "استثمروا في امتعاض شعبي كبير إزاء المشاكل التي تشوب إيطاليا منذ زمن طويل، بما في ذلك البطالة المتجذرة في صفوف الشباب". وعلى غرار القادة اليمينيين المتطرفين الآخرين في أوروبا، تبدي ميلوني غضبها إزاء التدهور المستمر للبلاد في رأيها، مرددة شعارات مثل "نعم لحضارتنا! ولا لأولئك الذين يريدون تدميرها!".

ولفتت "واشنطن بوست" إلى أن حظوظ وصول ميلوني المثيرة للدهماء إلى السلطة تبدو أكثر واقعية من أي وقت مضى، فـ"الإخوة" يحلون في صدارة الاستطلاعات بهامش ضيق أمام الحزب الديمقراطي اليساري الوسطي، لكنهم قد يراهنون على دعم حزب النجوم الخمس الشعبوي اليميني بزعامة نائب رئيس الوزراء السابق ماتيو سالفيني وحزب فورزا إيطاليا اليميني برئاسة رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلسكوني اللذين تخليا عن دراغي. "ولو وصلت ميلوني إلى زعامة اليمين الإيطالي، سيمثل ذلك إحدى أهم الرحلات لسياسي يميني متطرف إلى التيار الأوروبي السائد، متفوقة على نظراء قدماء مثل الفرنسية مارين لوبن"، بحسب ما يكتب ذارور.

ونقل ذارور عن بييرو إيغنازي الأستاذ المتقاعد في جامعة بولونيا، قوله لمحطة "فرانس 24" التلفزيونية: "تنشط ميلوني في العمل السياسي ما بعد الفاشي منذ فتوتها، وهوية الحزب هي في الأساس مرتبطة بالتقاليد ما بعد الفاشية، لكن مواقفه عبارة عن خليط بين هذا التقليد وبعض الأفكار المحافظة السائدة والعناصر النيوليبرالية مثل اقتصاد السوق". ولفت ذارور إلى أن لإيطاليا تاريخاً حافلاً من الانتخابات المزعزعة للمؤسسة السياسية وموجات التفتت السياسي، والبلاد أرض خصبة لانتقال أتباع "ما بعد الفاشية" إلى السلطة.

ووفق الصحيفة، تدور أسئلة حول ما ستمثله حكومية يمينية متطرفة في إيطاليا للمؤسسة الليبرالية الأوروبية، "فاليمين الأوروبي القومي وغير الليبرالي والمشكك في الاتحاد الأوروبي – الذي لا يحكم إلى الآن سوى في الأطراف الشرقية للقارة – ستكون له قيادة إقليمية جديدة مفاجئة، فحكومة بقيادة ميلوني قد تكون أقل حماسة بكثير لدعم الجهد الحربي الأوكراني في مواجهة روسيا مقارنة بدراغي، على رغم إصرار ميلوني في الأسابيع الأخيرة على تأييدها لحلف شمال الأطلسي. وقد تكون حكومة كهذه رجعية في ما يخص الحقوق الجندرية وحقوق الأقليات، كما أن ميلوني معارضة علنية لمجموعات الضغط التي تمثل مجتمع الميم في الغرب". لكن الصحيفة نقلت عن الصحيفة الإلكترونية اليمينية "أنهيرد" استبعادها أن تقود ميلوني "ثورة" ضد "أوروبا" أو "المؤسسة السياسية"، لأنها في حاجة إلى دعم يمين الوسط، ولاسيما برلسكوني، للاستمرار.

المزيد من تحلیل