يرأس البابا فرنسيس الثلاثاء 26 يوليو (تموز) قداساً كبيراً في إدمنتون غرب كندا، غداة اعتذاره عن "الطرق التي تعاون بها كثير من أعضاء الكنيسة" في "المشاريع المدمّرة للثقافات"، لا سيما الممارسات التي شهدتها المدارس الداخلية.
ويتوقّع وصول البابا البالغ من العمر 85 سنة في الساعة 09:15 بالتوقيت المحلي (15:15 بتوقيت غرينتش) إلى ملعب الكومونولث في إدمنتون، حيث سيلقي عظةً باللغة الإسبانية في خطاب ثالث منذ بداية زيارته إلى كندا الأحد.
وخلال خطابه الأول الاثنين أمام أفراد من شعوب "الأمم الأولى" و"ميتيس" و"إينويت" في ماسكواسيس في ألبيرتا، اعتذر البابا من الشعوب الأصلية ثلاث مرات قائلاً، "أطلب المغفرة، لا سيما للطرق التي تعاون بها عدد من أعضاء الكنيسة والجماعات الرهبانية، وأيضاً اللامبالاة التي أظهروها، في تلك المشاريع المدمّرة للثقافات، وفي الاستيعاب القسري الذي لجأت إليه حكومات ذلك الوقت، الذي بلغ ذروته في نظام المدارس الداخلية الإجبارية".
وتحدّث عن "كيف أدّت سياسات الاستيعاب إلى تهميش الشعوب الأصلية بصورة ممنهجة"، بالإضافة إلى "تشويه وإلغاء" لغات وثقافات الشعوب الأصلية "من خلال نظام المدارس الداخلية الإجبارية".
وتطرّق البابا أيضاً إلى "تعرّض الأطفال إلى اعتداءات جسدية ولفظية ونفسية وروحية، وكيف تمّ اختطافهم بعيداً من بيوتهم وأهلهم عندما كانوا صغاراً".
بحيرة سانت آن
وسيُحيي البابا فرنسيس الثلاثاء الحشد على متن مركبته النقّالة، على الرغم من آلام ركبته التي تجبره على استخدام عصا أو كرسي متحرّك والتقليل من تحرّكاته.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويتوقّع المنظّمون أن يشارك نحو 63 ألفاً في هذا القدّاس المحاط بتدابير أمنية واسعة.
وسيتوجه بعدها في الساعة 17:00 بالتوقيت المحلي (23:00 بتوقيت غرينتش) إلى بحيرة سانت آن البعيدة 80 كيلومتراً غرب إدمنتون، التي تشكّل أحد أهم مواقع الزيارة الدينية في أميركا الشمالية.
ويزور آلاف الزوار الآتين من كندا والولايات المتحدة كل عام منذ نهاية القرن الـ19 بحيرة سانت آن، للاستحمام فيها والصلاة في المياه التي يُقال إنها تتمتع بخصائص علاجية، وفق طقوس الأميركيين الأصليين.
ويُحتفل في 26 يوليو بعيد القديسة آن، والدة مريم العذراء وجدّة المسيح بحسب التعاليم الكاثوليكية، وهي قديسة رئيسة بالنسبة للعديد من مجتمعات السكان الأصليين الكنديين.
قضية المدارس الداخلية
وقدّم البابا فرنسيس الاثنين اعتذارات تاريخية للشعوب الأصلية في كندا عن تعامل الكنيسة الكاثوليكية طيلة عقود، مع الطلاب الذين كانوا في المدارس الداخلية التي تديرها. واعتبر عدد من قادة شعوب الأصليين هذا اليوم "تاريخياً".
وكان الاعتذار مُنتظراً منذ سنوات بين شعوب "الأمم الأولى" و"ميتيس" و"إينويت" الذين يشكلّون حالياً 5 في المئة من سكان كندا.
وقال جورج أركاند جونيور، الرئيس الأكبر لـ"اتحاد الشعوب الأولى في كونفدرالية المعاهدة 6"، "لن أنسى أبداً، لا يجب أن ننسى أبداً".
وسجّل نحو 150 ألف طفل من أبناء الشعوب الأصلية قسراً في هذه المدارس، حيث فصلوا عن أسرهم ولغتهم وثقافتهم، وغالباً ما تعرضوا للعنف الجسدي والنفسي والجنسي، ولقي 6 آلاف منهم حتفهم بين نهاية القرن الـ19 وتسعينيات القرن الـ20.
واعتذرت الحكومة الكندية التي دفعت مليارات الدولارات كتعويضات لتلاميذ سابقين، بشكل رسمي قبل 14 سنة عن إنشاء هذه المدارس التي أقيمت "لقتل الهندي في قلب الطفل".
ثم حذت الكنيسة الأنغليكانية حذوها، لكن الكنيسة الكاثوليكية التي كانت تدير أكثر من 60 في المئة من هذه المدارس الداخلية، رفضت في السابق القيام بذلك. لكن في أبريل (نيسان)، تغيّر كل شيء مع اعتذار البابا فرنسيس الذي وعد بالمجيء إلى كندا.
وسينتقل البابا إلى كيبيك الأربعاء قبل المحطة الأخيرة الجمعة في مدينة إيكالويت (نونافوت) التي تقع في أقصى شمال كندا في أرخبيل القطب الشمالي.