Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يستهدف "الثوار" اقتحام القصور الرئاسية؟

مئات الحالات تدل على سقوط السلطة بعد الهجوم على القصر وآخرها هجوم الشعب السريلانكي

ثوار سريلانكا يلقتطون صوراً تذكارية في إحدى غرف النوم بالقصر الرئاسي بعد اقتحامه (أ ف ب)

في أزمنة سابقة كانت بعض المراكز في الممالك أو الدول الحديثة بمثابة نقاط انطلاق لتغيير النظام. فلو أراد الثوار أو الفلاحون أو العمال أو الطبقات الفقيرة والشعبية تغيير النظام أو إعلان اعتراضهم على مسار الأمور، أي نوع من الأمور، وهي غالباً اقتصادية ومعيشية وسياسية ناتجة من خلافات في الرؤية بين الشعب والحاكم أو بين جزء من الشعب المعترض في مواجهة الجزء الآخر داعم الحاكم المطلق أو الملك أو الرئيس المنتخب، فإن الاعتراض كان يتم بالسيطرة على القصر الملكي، ويكون غالباً البناء الأكبر والأضخم والأثرى في الحاضرة التي يسوسها الملك.

وفي العصر الحديث ومع تحول الممالك إلى جمهوريات استولى الرؤساء على قصور الملوك وحولوها إلى قصور رئاسية ثم عاشوا فيها كالملوك، وفي العالم العربي أمثلة كثيرة عن هؤلاء الملوك الرؤساء، كصدام حسين أو زين العابدين بن علي أو حسني مبارك. وكان على الثوار أو التغييريين أو المعترضين أن يحتلوا أيضاً مبنى الإذاعة والتلفزيون حيث يذيعون البيان الانقلابي الثوري الذي يعلن تغيير السلطة في البلاد.

سقوط القصر وسقوط ساكنه

سلطة الإذاعة والتلفزيون لم تحل محل القصر الرئاسي خلال القرن العشرين، لكنها كانت ذات قوة وسطوة إعلامية تضاهي أهمية احتلال القصر الرئاسي نفسه. فالقصر يبقى أولاً وأخيراً رمز السلطة التي تحتكر القوة والعنف، وإذا نجح جماعة من الناس الثائرين في الوصول إليه فهذا يعني أن قوة السلطة قد تضعضعت بانهيار الحراسة الأمنية التي تحمي القصر الذي يرمز إلى السلطة وهذا ما كان يعني نجاح الانقلاب، فسقوط القصر الرئاسي هو بمثابة سقوط الرئيس نفسه حتى لو لم يكن فيه لحظة سقوطه، كما هو سقوط الإذاعة والتلفزيون في فترة من الفترات.

في التاريخ مئات الحالات التي تدل على سقوط السلطة بعد الهجوم على القصر وآخرها لم يكن بعيداً جداً، وهو هجوم الشعب السريلانكي على قصر الرئاسة قبل أسبوعين، حيث احتلوه والتقطوا صوراً لهم على السرير الرئاسي في غرف القصر كلها وأدى هذا الهجوم إلى سقوط الرئيس وتنحيته.

قبلها بسنوات سقطت أنظمة عربية كثيرة بعد الهجوم الشعبي على قصور الرؤساء سواء في تونس أو ليبيا أو السودان أو مصر، وبالعودة إلى الوراء قليلاً سقط النظام الملكي المصري والنظام الملكي العراقي والنظام الكوبي ونظام الشاه الإيراني ونظام ماركوس في الفيليبين ونظام بيرون في الأرجنتين بالهجوم على القصر الرئاسي.

أما الهجوم على القصور الملكية الذي أسقط ملوكاً، فهناك مئات الأحداث التي يمكن تُروى والثورة الفرنسية كانت على رأسها، وتكرر الأمر في كل أوروبا إبان فترات الانتقال من النظام الإقطاعي الفلاحي إلى العصر الصناعي، وفي داخل العصر الصناعي نفسه الذي أدى إلى انقلابات كبرى في الحكم حول العالم بعد أن ارتفع عدد طبقة العمال في المصانع الإنجليزية والألمانية والروسية الذين كانوا يحيون حياة قاسية في المصانع، لكن ثورات العصر الصناعي لم تكن انقلابات على السلطة قدر ما هي تغيير في شكل آلة الحكم ونوعها ونوع القوانين والنظم الحاكمة الجديدة بعد ظهور طبقات جديدة من السياسيين أصحاب رؤوس الأموال ليحلوا محل الحاكمين بالوراثة أو وفق ألقاب حصلوا عليها من السلطات العليا.

أما بخصوص سقوط الأنظمة في ما سمي "الربيع العربي" منذ عام 2011، فهو إسقاط لأنظمة دستورية كما يفترض كانت نفسها قد أسقطت أنظمة ملكية أو عشائرية أو مناطقية ظهرت بعد خروج الانتدابين الفرنسي والإنجليزي من العالم العربي. وكأن دورة إسقاط السلطة في العالم العربي لا تنتهي طالما أن النظام الذي يحل محل سابقه يتحكم بأسوأ منه.

قصور حول العالم

راشتراباتي بهافان في الهند وقصر بلفيو في ألمانيا وقصر الإليزيه في فرنسا، باتت أماكن للزيارات السياحية على الرغم من كونها لا تزال قصوراً للرئاسة. وهذه القصور وغيرها انتقلت من سلطة إلى أخرى تليها، لذا تحمل مجموعة من الخلطات الهندسية المعمارية من عصور الملوك إلى عصور الأرستقراطية والأسياد والنبلاء إلى الزمن الحالي ذي الفنون الهندسية الحديثة.

قصر راشتراباتي بهافان في نيودلهي يقع على مساحة 133.5 هكتار وهو مقر إقامة الرئيس الهندي. يأخذ المجمع الرئاسي شكل حرف H، وصممه المهندسان المعماريان السير إدوين لوتينز وهربرت بيكر. وتم الانتهاء من بناء المبنى الضخم في عام 1929 وكان بمثابة منزل نواب الملك في الهند، وكان آخرهم اللورد مونتباتن خلال الحكم البريطاني. فيه 2.5 كيلو متر من الممرات ويضم أيضاً 340 غرفة في أربعة طوابق ونحو 76.8 هكتار من الحدائق.

في سنغافورة بنى الإنجليز قصراً شبيهاً به واسمه القصر أو (Istana)  لكي يعيش فيه المسؤولون الإنجليز في عام 1867. أكمله المهندس جون فريدريك أدولفوس ماكنير في عام 1869، وخضع لتجديد كبير في التسعينيات وأضيفت ست غرف أخرى لأغراض وظيفية. يضم القصر الرئاسي الممتد على مساحة 40 هكتاراً مجموعة متنوعة من النباتات والحيوانات جنباً إلى جنب مع الحديقة اليابانية وحديقة التوابل، وهو مفتوح للجمهور منذ عام 1960.

أما الأكثر شهرة من بين القصور الرئاسية فهو البيت الأبيض الذي تم اختيار موقعه عام 1791 من قبل الرئيس الأميركي الأول جورج واشنطن، وصممه المهندس المعماري جيمس هوبان. بعد ثماني سنوات طويلة انتقل الرئيس جون آدامز مع زوجته إلى المجمع بينما كان البناء لا يزال مستمراً. ومع ذلك أحرق البريطانيون منزل الرئيس خلال حرب 1812، وتم تكليف هوبان مرة أخرى بإعادة بنائه. وهو يقع على مساحة 55000 قدم مربع. ويتكون أيضاً من ستة طوابق مع 132 غرفة و35 حماماً ومطبخ كبير يمكنه تقديم العشاء لـ140 ضيفاً دفعة واحدة.

بالاسيو دا ألفورادا القصر الرئاسي البرازيلي، بني في 30 يونيو 1958، وصممه المهندس المعماري البرازيلي أوسكار نيماير، وهو يمثل الحداثة المعمارية ويعلو المبنى الأفقي كنيسة صغيرة ككنائس المزارعين القديمة من  العصر نفسه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قصر بلفيو في برلين بُني بين عامي 1785 و1787 بتكليف من الأمير أغسطس فرديناند من بروسيا، ومزج المهندس المعماري مايكل فيليب بومان عناصر الباروك والكلاسيكية. ومن السمات البارزة الأخرى لهذا السكن الملكي الجميل الحديقة المحيطة به، التي سمي القصر بسببها باسم "بلفيو" مما يعني إطلالة جميلة.

ويعد قصر الإليزيه بمثابة المقر الرسمي للرئيس الفرنسي، بدأ بناؤه في عام 1718 واستمر حتى عام 1722، ولعب هيكله الرائع عديداً من الأدوار. فبعد أن خدم كفندق وكمسكن خاص في عام 1753، تم تحويله إلى حفظ الأثاث. وحصل القصر على اسمه الحالي من "Hôtel de Bourbon" و"Élysée-Bourbon" -  وهي الأسماء التي أطلقها مالكه دوق بوربون ابن عم الملك لويس الخامس عشر، الذي اشتراه عام 1787. وبعد أن نجا من تأثير ثورة 1789، تم استخدامه كمطبعة لطباعة القوانين الفرنسية، وفي عام 1874 أصبح القصر المقر الرسمي لرئيس فرنسا، وكان أول زعيم ينتقل إليه هو الرئيس باتريس دي ماكماهون، ويضم قاعات رقص كبيرة وحدائق مترامية الأطراف.

قصر الكرملين في موسكو عبارة عن مجمع مسور يتكون من كاتدرائيات وقصور مقببة، ويقع هذا المجمع الرئاسي في قلب المدينة، وقد ارتبط بكل الحكام الذين مروا على روسيا في كل الفترات على اختلافها. تم بناء الكرملين عام 1156 على تل بوروفيتسكي بجوار نهر موسكو وخضع لعديد من التجديدات والتوسيع على مر السنين بما في ذلك الجدران الحجرية البيضاء الشهيرة، وفُتحت عديد من أجزاء المبنى بما في ذلك المتاحف والكاتدرائيات للجمهور، ما جعله أحد أكثر الأماكن زيارة في موسكو.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير