تقدمت الحكومة الروسية بعدد من مشروعات القوانين إلى مجلس الدوما (البرلمان الروسي)، تستهدف توسيع سلطة الكرملين على الشركات والأعمال وتعديل قوانين العمل، بما يضمن دعم المؤسسة العسكرية واحتياجاتها المتزايدة نتيجة الحرب في أوكرانيا. وقد عدلت الحكومة خطط الإنفاق لمساعدة الشعب الروسي على تحمل تبعات العقوبات الاقتصادية التي يفرضها الغرب على روسيا والمتوقع أن يتم تشديدها وتستمر لفترة طويلة.
وبدا من المذكرة التوضيحية المرفقة بمشروعات القوانين أن الدولة تسعى إلى تأمين السيطرة على الشركات الخاصة والعاملين، لضمان صمود الاقتصاد الروسي وقدرته على مواجهة العقوبات الغربية لفترة طويلة مع استمرار الحرب في أوكرانيا. والغرض من تلك القوانين هو دعم القوات المسلحة الروسية وتلبية الحاجة "المتزايدة على المدى القصير إلى إصلاح الأسلحة والمعدات العسكرية وتأهيلها"، بحسب المذكرة التفسيرية.
واعتبر عدد من المعلقين أن تلك القوانين تعكس حقيقة أن خطة الكرملين لتحقيق نصر عسكري حاسم وسريع في أوكرانيا لم تنجح، بالتالي يجري الاستعداد لطول أمد العملية العسكرية، وكذلك التعامل مع التأثير السلبي المتزايد للعقوبات الاقتصادية على المدى الطويل. ويبدو أن موسكو تستعد لحرب استنزاف طويلة الأمد في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا، خصوصاً أن العقوبات الاقتصادية الغربية بدأت تلقي بظلالها على الاقتصاد الروسي وعلى مستوى معيشة المواطنين.
دعم المجهود الحربي
في كلمته أمام النواب الروس في مجلس الدوما، قال نائب رئيس الوزراء يوري بوريسوف "تقوم روسيا بعملية عسكرية خاصة في إقليم دونباس، منذ أربعة أشهر، وفي ظل ضغط هائل للعقوبات الاقتصادية... وزاد العبء على كاهل المجمع الصناعي - العسكري الروسي. ومن أجل ضمان إمدادات الأسلحة والذخيرة، من الضروري تحسين ظروف عمل المجمع الصناعي - العسكري والشركات التي تعمل بالتعاون مع الصناعات العسكرية".
ووافق الدوما على مشروع القانون الأول، الذي خضع للتصويت مرتين في مجلس النواب ويحتاج إلى الموافقة في مجلس الشيوخ قبل أن يحول إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ويصبح نافذاً بمجرد توقيعه عليه. ويسمح القانون للحكومة الروسية بأن تلزم الشركات بتنفيذ العقود الدفاعية للدولة، ويمنح وزارة الدفاع وهيئات أخرى معنية حق تعديل شروط التعاقدات. وعلى سبيل المثال، يسمح القانون للسلطات الروسية بإجبار أي مصنع بإعادة توجيه إنتاجه لتلبية الاحتياجات العسكرية، والتحكم في نوع المنتج أو الخدمة التي توفرها الشركة وكمية الإنتاج.
وعلى الرغم من حاجة الكرملين إلى تشريعات تؤمن دعم الأعمال والشركات للمجهود الحربي للجيش الروسي في حرب أوكرانيا، فإن كل تلك الإجراءات تستهدف الشركات والأعمال المسجلة على قوائم الموردين لوزارة الدفاع والقطاعات العسكرية فحسب. وقال نائب رئيس الوزراء للنواب "لا تسمح هذه القوانين بالتحويل الإجباري لعمل الشركات المدنية الصغيرة والمتوسطة الحجم من أجل تلبية احتياجات القوات المسلحة".
تعديل شروط العمل
يستهدف مشروع القانون الثاني إجراء تعديلات على قانون العمل الفيدرالي ليعطي الحكومة الروسية الحق في فرض إجراءات تتعلق بالقوى العاملة، إذ يسمح القانون للسلطات الروسية "بوضع القواعد والشروط القانونية في عقود العمال في الشركات والمؤسسات". ويتضمن ذلك، بحسب نص مشروع القانون، تحديد "القواعد والشروط المتعلقة بالعمل خارج ساعات الدوام الرسمية، أي العمل ليلاً وفي عطلات نهاية الأسبوع والعطلات الرسمية الأخرى، والخاصة بالإجازات السنوية مدفوعة الأجر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال بوريسوف في شرحه للقوانين لمجلس الدوما إن تلك التعديلات تستهدف حل مشكلة نقص العمالة الماهرة والمتخصصة في شركات الصناعات الدفاعية وإنجاز التعاقدات مع الحكومة. وسيتم دفع أجور إضافية وبدلات للعاملين الذين يضطرون إلى العمل ساعات إضافية خارج الوقت الرسمي للعمل.
وأضافت المذكرة التفسيرية لمشروعات القوانين أن تلك الإجراءات والتعديلات ضرورية بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد.
تغيير أوجه الإنفاق الحكومي
مع ارتفاع أسعار الطاقة، تحقق روسيا حالياً عائدات ضخمة من صادرات النفط والغاز مكنت الحكومة من تفادي تأثير العقوبات في الاقتصاد الوطني، ووفرت للكرملين موارد كافية لدعم الاقتصاد والقوات المسلحة، بحسب ما ذكرت صحيفة "فايننشيال تايمز"، لكن تأثير العقوبات على روسيا سيزداد في الفترة المقبلة مع استمرار الحرب وسعي الدول الغربية لإنهاء اعتمادها على واردات الطاقة من روسيا.
لذلك، أعلن بوتين أخيراً عن حزمة دعم مالي للمواطنين الروس. وكما تقول نائب كبير الاقتصاديين في معهد التمويل الدولي، إيلينا ريباكوفا، "إنهم يستعدون لما هو أسوأ... كل تلك العائدات ربما تنفد قريباً جداً".
واقترحت وزارة المالية الروسية، الأسبوع الماضي، خفض الإنفاق الحكومي في بعض المجالات، بما في ذلك ميزانية الإنفاق على البنى التحتية لقطاع النقل ومشروعات التطوير العلمي والتكنولوجي، على مدى السنوات الثلاث المقبلة بنحو 1.6 تريليون روبل روسي (25 مليار دولار). وبحسب صحيفة "فيدوموستي" الروسية، تخطط وزارة المالية لزيادة الإنفاق على برامج الرفاه الاجتماعي بنحو 3.4 تريليون روبل روسي (55 مليار دولار) في العام المقبل وحده.