"تيك توك" طريق للنجومية في موريتانيا

تقضي خديجة ميمون (23 سنة) معظم أوقاتها في عملها، كمدبرة منزل، في أحد منازل "حي الصحراوي" بالعاصمة الموريتانية نواكشوط، في النهار، وحين يحل المساء، تطل على جمهورها على منصة "تيك توك" كنجمة لها متابعوها الذين يتلقفون جديدها وينتظرونه بكل شغف.

حظيت خديجة بشهرة كبيرة بعد تداول مقاطع مصورة تتحدث فيها عن حياتها، وعن تحدياتها التي يشاركها فيها آلاف الشباب المنحدرين من بيئات فقيرة في موريتانيا، وتوجت الشابة القادمة من محافظة "تكانت"، البعيدة من العاصمة، شهرتها، بعد أن شجعها منتج تلفزيوني على ما تقدمه عبر منصة "تيك توك"، وقدم لها هاتفاً تثميناً، معتبراً أن ما تطرحه يمثل حالة من التصالح الذاتي تعيشه خديجة.

متاعب الشهرة

حين ذاع صيت خديجة بعد انتشار مقاطعها المصورة، انهالت عليها عروض الزواج من أشخاص لا تعرفهم، وظهرت خديجة في فيديو قالت فيه إنها تلقت تهديداً، "هددتني إحداهن في اتصال هاتفي من أنني سأندم إن قبلت الزواج بشاب ادعت أنه ابن عمها".

البسطاء يكتسحون المنصة

وعزا المنتج التلفزيوني فؤاد الصفرة سبب انتشار حسابات الشباب المنحدرين من أوساط فقيرة وبيئات اجتماعية مهمشة إلى "سهولة فتح الحسابات على منصة تيك توك، كما أن نوع المحتوى يميل إلى الترفيه، فهو إما تقليد لأغانٍ شائعة في أوساط الشباب، أو محاكاة لمواقف معروفة في فيديوهات منتشرة بين الجمهور، كما أن الوجود بقوة على هذه المنصة قد يتحقق بتصوير مقاطع من بيئات فقيرة، عكس بعض المنصات الأخرى التي يكون الإبهار فيها والمباهاة ضروريين لحجز مكانة في عالم نجوم التواصل الاجتماعي."

الأصلي يكسب

وتتفاوت أسباب إعجاب جمهور نجوم الهامش في موريتانيا بهؤلاء المؤثرين، ويعتبر الطالب الجامعي محمد الأمين أن "السر يمكن في جوهر الرسالة، فمعظم نجومه الذين يتابعهم، يشبهونه في الخطاب، والبيئة التي أفرزتهم، فهم ينتمون للواقع المعيش الذي يستحق أن يمثل في وسائل التواصل الاجتماعي".

كما ترى الممرضة الشابة سارة محمد أن اهتمامها بطفرة نجوم "تيك توك" الجديدة تعود "إلى شغفها بمعرفة عالم هؤلاء الشباب الذي لا تعرفه، نظراً إلى اختلاف البيئات الاجتماعية التي قدموا منها"، مضيفة، "أرى أنهم مسليون وأتابعهم من حين لآخر ما دام ما يقدمونه في حدود اللياقة ولا يحمل إساءات للغير".

عالم رحب

ويستهوي صخب منصات التواصل الاجتماعي شباب الأوساط الفقيرة في موريتانيا، ويفسر الباحث الاجتماعي موسى فال سر ذلك الاهتمام المتزايد من قبل هذه الفئة "لكون العالم الافتراضي، بصفة عامة، ينسي الشباب المنحدرين من فئات هشة اقتصادياً واجتماعياً واقعهم الصعب، حيث البطالة والفقر والتفكك الأسري، فيلجأون إلى رحابة هذا العالم الذي تنتفي فيه معايير الوجاهة السائدة في العالم الحقيقي، فيحققوا ذواتهم، ويحظوا بتقدير طالما افتقدوه ".

شهرة

جلب "تيك توك" الشهرة لكثيرين من شباب الضواحي في العاصمة نواكشوط، إلا أن هذه الشهرة لم يستطع معظمهم ترجمتها إلى عائد مادي، ويرجع المنتج التلفزيوني فؤاد الصفرة الأمر إلى أن "تسويق هؤلاء النجوم فنهم تعترضه صعوبات حسابات السوق التي لم تعترف بعد ببضاعة نجوم اليوم"، وعلى الرغم من ذلك، فإن نجوم الهامش في منصة "تيك توك" مكتفون بما حققوه بغض النظر عن أي عائد مادي قد يغير حياتهم إلى واقع أكثر أماناً.