على الرغم من أكثر من ثلثي الفلسطينيين يمتلكون بطاقات التأمين الصحي، فإن النظام الصحي الحالي في فلسطين يعاني كثيراً من "الضعف وسوء الخدمة"، في ظل تغطيته نحو 10 في المئة فقط من نفقاته، ما دفع جهات حقوقية إلى تقديم مقترح بتبني نظام تأمين صحي شامل وإلزامي وإنشاء مؤسسة مستقلة لإدارته.
وينفق الفلسطينيون (5.4 مليون نسمة) نحو مليار و700 مليون دولار، على الخدمات الصحية، بينها 700 مليون دولار تنفقها الحكومة، و600 مليون دولار ينفقها الفلسطينيون من جيوبهم، والبقية من وكالة "الأونروا".
وتقدم الخدمات الصحية في فلسطين وزارة الصحة والخدمات الطبية العسكرية التابعتان للسلطة الفلسطينية، إضافة إلى وكالة "الأونروا"، والمنظمات الأهلية، والقطاع الخاص.
ومع أن عدد الأسرّة في المستشفيات في فلسطين (87 مستشفى) بالنسبة لعدد السكان يقل عن المعدل العالمي، فإن عدد الأطباء يبلغ (13 ألفاً) بنحو ثلاثة أطباء لكل ألف نسمة، مرتفعاً على المعدل العالمي.
وتعتبر وزارة الصحة الفلسطينية المشغل الأكبر للكوادر البشرية العاملة في فلسطين، إذ يوجد نحو 14 ألف موظف في وزارة الصحة.
وتخصص ميزانية دولة فلسطين 14 في المئة منها لقطاع الصحة، بأكثر من 650 مليون دولار أميركي، لكن معظمها يذهب إلى الرواتب والإنفاق التشغيلي، في ظل تدني المخصصات المالية للمشاريع التطويرية.
وبسبب ذلك، فإن المستشفيات الحكومية تعاني نقصاً في مهــارات المتخصصين، وفي التجهيزات الطبية التشخيصية والعلاجية، وفي عــدم وجــود أســرّة شــاغرة لتقــديم العــلاج في الحالات الطارئة، إضافة إلى ضعف ثقة الفلسطينيين بالقدرات الطبية المحلية.
ولتعويض ذلك النقص، تلجأ وزارة الصحة الفلسطينية إلى التحويلات الطبية للمستشفيات الخاصة والإسرائيلية أو لدول الجوار، إذ يتوقع أن يصل عدد التحويلات في عام 2028 إلى نحو 308 آلاف تحويلة بتكلفة تصل إلى 800 مليون دولار.
ويبلغ عدد التحويلات الطبية حالياً نحو 80 ألف تحويلة بتكلفة أكثر من 250 مليون دولار، معظمها للمستشفيات الفلسطينية الخاصة، مع تدنٍّ ملحوظ في التحويل إلى المستشفيات الإسرائيلية.
ويغطي التأمين الصحي الحكومي الحالي تكاليف تلك التحويلات، إلا أن وارداته المالية لا تشكل سوى 10 في المئة من مصاريفه.
وبقرار من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مُنح الفلسطينيون في قطاع غزة التأمين الصحي دون رسوم، إضافة إلى إعفاء شرائح اجتماعية عديدة من تلك الرسوم.
ونتج من آلية منح التأمين الصحي تحمل الحكومة الفلسطينية 40 في المئة من تكاليف التأمين، في حين تتولى وكالــة "الأونروا" التأمين المجاني لـ36 في المئة من اللاجئين الفلسطينيين.
وبلغ عدد بطاقات التأمين الصحي الحكومي في عام 2020 نحو 357 ألف بطاقة، في حين بلغ العائد منها نحو 92 مليون دولار.
نظام شامل
وبهدف إصلاح النظام الصحي، طالب الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان" الحكومة الفلسطينية بتبني نظام "تأمين صحي شامل وإلزامي"، وإنشاء "مؤسسة مستقلة لإدارته".
وفي تقرير لـ"أمان"، قال الائتلاف إن تلك المطالبة تأتي بهدف "ضمان إنفاق حكومي حكيم على قطاع الصحة، على أن يكون ذا مردود طبي نافع للمواطنين، وضمان استمرار نظام الرعاية الصحية، وتوفير العدالة الاجتماعية".
وقال الباحث الرئيس في ائتلاف "أمان"، جهاد حرب، إن الفلسطينيين يدفعون مبالغ هائلة على قطاع الصحة، لكنهم غير راضين عنها، مضيفاً أن الحكومة الفلسطينية تدفع مبالغ طائلة في ظل عدم رضا المواطنين عن النظام الصحي.
وأضاف حرب أن الطريقة الأمثل لإصلاح النظام الصحي تكمن في تأسيس تأمين صحي شامل وإلزامي للفلسطينيين كافة، على أن يدفع كل فلسطيني رسوماً دورية للتأمين.
وأوضح حرب أن وزارة الصحة ستتولى في النظام الجديد الإشراف على القطاع الصحي، على أن تتولى مؤسسة التأمين الوطني جمع الرسوم والتمويل المالي لمزودي الخدمة عبر العيادات والمستشفيات الخاصة والحكومية.
ومع أن حرب أشاد بالخطوات التي تتخذها الحكومة الفلسطينية لإصلاح نظام التأمين الصحي الحالي، إلا أنه شدد على أنها "تبقى قاصرة بسبب الخلل البنيوي فيه".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتلزم الحكومة الفلسطينيين باستصدار بطاقة تأمين صحي لدخول المستشفيات الحكومية أو الحصول على تحويلات للمستشفيات الأخرى، لكن ذلك متاح لمرة واحدة فقط، حيث يستطيع الفلسطيني الدخول والخروج من نظام التأمين الصحي بحرية، في ظل اعتماد إدارة التأمين الصحي على ردود فعل، دون الاستناد إلى دراسـة علمية بحسب ائتلاف "أمان".
من جهته، وصف مدير عام الإدارة العامة للتأمين الصحي في وزارة الصحة الفلسطينية، سليمان الأحمد، مقترح ائتلاف "أمان" لتأسيس تأمين صحي إلزامي وشامل، بـ"الخطة الطموحة" و"لا يوجد فلسطيني يرفضها"، لكنه دعا إلى "دراسة عميقة للمقترح مع تنفيذ متدرج له، ومراعاة عدم تأثيره على الفئات الضعيفة والمهمشة".
وقال الأحمد، إن "إدارة التأمين الحالي تجري إصلاحات لضبط عملية التسجيل فيها عبر البرنامج المحوسب الذي يتحكم بآلية إصدار بطاقة التأمين، ما ألغى إمكانية الاجتهاد البشري أو الاستثناءات".