Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تصدعات داخل بيت الوفاق الليبي وانضمام منشقين للجيش الوطني

انهيار وشيك للصف الموالي للسراج على وقع الضربات المتعاقبة في ميدان المعركة العسكرية

الأنباء التي تواترت خلال الأيام الماضية عن حدوث انشقاقات داخل البيت الداخلي لحكومة الوفاق الوطني الليبية التي يقودها فايز السراج في العاصمة طرابلس، تحولت من مجرد إشاعات إلى حقائق ثابتة بعد توالي الوقائع التي تؤكد صحتها.

حدثان مهمّان عكسا بوضوح حجم التصدع الذي أصاب بيت الوفاق، انشقاق عسكري لكتيبة كاملة في وقت عصيب لها، وحجم الخلاف بين المقربين من فايز السراج حول المبادرة التي أطلقها في الأيام الماضية، والتي أراد بها تحقيق توافق سياسي يحل الأزمة الليبية سلمياً لتأتي نتائجها بما لا يشتهي السراج وتشعل نار الخلاف داخل قواعده وبين القريبين منه.

انشقاق كتيبة كاملة

أعلنت الكتيبة 185 مشاة بقيادة العقيد محمد مفتاح الغدوي، انشقاقها عن حكومة الوفاق في طرابلس وانضمامها إلى صفوف القوات المسلحة الليبية بقيادة القائد العام خليفة حفتر، في خطوة مفاجئة من المتوقع أن تؤثر بشكل كبير في سير المعارك العسكرية في طرابلس. وعدها المراقبون ضربة كبيرة لحكومة الوفاق قد تسهم في الحسم لصالح خصمها العسكري المتمثل بالجيش الليبي، الذي تعززت ثقة قيادته وجنوده بالدفعة المعنوية الكبيرة، التي منحها له هذا الانشقاق المزلزل.

ونشرت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش الوطني الليبي، مساء الثلاثاء 18 يونيو(حزيران) تسجيلاً مصوراً، يوثق انشقاق الكتيبة 185 مشاة التابعة للواء الثاني، بإمرة فيتوري غريبيل، عن حكومة الوفاق في طرابلس، مؤكدة انضمامها إلى القوات المسلحة بكامل عدتها وعتادها، من ضباط وضباط صف وجنود وأسلحة وآليات وذخائر.

وقالت الكتيبة في بيان، إنها "تؤيد عملية تحرير طرابلس من الميليشيات المسلحة"، وذكرت أن "جميع منتسبيها الموجودين في منطقة النواحي الأربع يعلنون دعمهم للغرفة الأمنية في المنطقة وإدارة الاستخبارات".

شقاق في صفوف الوفاق

على الصعيد السياسي كان متوقعاً أن تجابه مبادرة رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج بالرفض، من قبل المعسكر الموالي للجيش الوطني الليبي والبرلمان في مدينة طبرق، وهو ما حدث. لكن رفضها والانقسام حولها من قبل أفراد وجهات تصطف مع السراج في الضفة المقابلة بدا أمراً لافتاً، خصوصاً مع الحدّة التي استخدمها بعض المقربين منه للتعبير عن رفضهم لما حوته مبادرة رئيس حكومة الوفاق، لتجاوز الانسداد السياسي وحلحلة الأزمة الليبية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبال المبادرات

أول الأصوات التي رفضت تماماً مبادرة السراج من بيته الداخلي في طرابلس، كان عضو مجلس النواب في طرابلس والمقرب من التيارات الإسلاموية علي السباعي، الذي اعتبر أن "أي مبادرة أو حوار أو اتفاق أو خريطة طريق جديدة تعتبر وبالاً على المدافعين عن طرابلس"، لافتاً إلى أن "تلك المبادرات تقودها وتفرضها قوى إقليمية ودولية".

السباعي قال في تصريحات مطولة له "إياكم والشعارات والمصطلحات التي تسر الناظرين، جربتم اتفاق الصخيرات كيف أقسموا لنا بالأيمان المغلظة أن حفتر خارج المشهد، فوجدناه في عين زارة جنوب طرابلس"، معتبراً أن "الحوارات والمبادرات السياسية السابقة منحت الفرصة لحفتر بالتمدد بجيشه إلى أن دق أبواب العاصمة".

دعوة لإقصاء حفتر

وطالب السباعي "بالتمسك باتفاق الصخيرات شرط دعمه الصريح للمجلس الرئاسي ومجلس النواب المنعقد في طرابلس ومجلس الدولة الاستشاري وحصر الشرعية فيها، إضافة إلى تصنيف القائد العام للقوات المسلحة المشير خليفة حفتر وداعميه بأنهم خطر على الأمن القومي الليبي ومعرقلون للاتفاق السياسي".

واشترط أيضاً تأسيس ما أسماه "الجيش الوطني الليبي" على أن تكون نواته ممن وصفهم بـ "المدافعين عن أسوار طرابلس اليوم"، وتكون هذه المهمة من أولويات "الثلاثة" المتمثلة بالمجلس الرئاسي ومجلسي النواب والدولة.

واعتبر السباعي أن "الشروط التي ذكرها تعد الخط الأقرب والطريق الأقرب لتحقيق أهداف الدولة المدنية وضمان حقوق المدافعين عن طرابلس"، مضيفاً "ما دام حفتر لن يكون له وجود في مبادرة السراج، فلماذا لا نلتزم بالاتفاق السياسي، أليس حفتر هو من كان يعرقل الاتفاق السياسي؟".

واختتم حديثه بالقول إن "الظروف المحيطة بالاتفاق السياسي اليوم ليست هي ذاتها التي كانت بالأمس، غسان سلامة ومن ورائه يدركون ذلك، لذا يريد أن يتخلص منه بمبادرة السراج".

مبادرة لا توقف تمدد حفتر

من جهته، هاجم عضو مجلس الدولة عبد الرحمن الشاطر مبادرة رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، واصفاً إياها "بأنها غير كافية لإقصاء القائد العام للقوات المسلحة المشير خليفة حفتر عن دائرة الحوار السياسي".

الشاطر أعرب في تغريدة له عبر "تويتر"، عن خشيته بأن "يجري إقصاء السراج بالعدوان الشرس (تقدم القوات المسلحة إلى العاصمة) والمدعوم من دول قوية"، على حد تعبيره.

وأضاف "المبادرات والكلام الناعم لا تحقق نتيجة في معركة العاصمة التي تتعرض فيها لعدوان بالطائرات، هنا الإقصاء يحصل بالقوة وليس بالتمني وتخدير المؤيدين".

لا تأثير في المعارك

وقال الناطق باسم عملية "بركان الغضب" التابعة للرئاسة مصطفى المجعي، إن "العملية العسكرية في طرابلس مستمرة ولم تتأثر بالمبادرة، الشق السياسي الذي طرحه السراج لم يؤثر في الشق العسكري في عموم البلاد. مسلحو الوفاق يقومون بعملهم في طرابلس وسرت وكل المناطق الواقعة تحت سيطرة حكومة الوفاق".

وعد المراقبون هذه التطورات التي تشير إلى حجم الضغط الذي تواجهه حكومة الوفاق للصمود في معركتها العسكرية والسياسية ضد خصومها في ليبيا، وتزعزع قبل كل شيء وحدة صفها في المواجهة، يجعل السيناريوات المحتملة في معركة طرابلس تقل وتتضح ملامحها شيئاً فشيئاً، وقد يكون أكثر هذه الاحتمالات واقعية بالعطف على التطورات الأخيرة، هي الانهيار الوشيك للصف الموالي لحكومة الوفاق، على وقع الضربات التي تتلقاها من داخل بيتها ومن خارجه في ميدان المعركة العسكرية.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي