Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يتصدر الشرق الأوسط المتضررين من حرب أوكرانيا؟

معدلات متفاوتة للنمو ومخاوف من الديون والتضخم والجوع

المتوسط السنوي لمعدل التضخم في أسعار المستهلكين سجل أعلى مستوى له منذ الأزمة العالمية في عام 2009 (أ ف ب)

كشف البنك الدولي، في تقرير حديث، عن أن متوسط معدل النمو بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على الرغم من تسجيله مستوى 5.3 في المئة خلال عام 2022، لتصبح أسرع وتيرة في عشر سنوات، فإنه يظهر تفاوتاً كبيراً بين بعض الدول.

وأوضح البنك في تقريره "آفاق الاقتصاد العالمي" لشهر يونيو (حزيران)، أنه نتيجة لذلك التفاوت سيتباطأ معدل النمو بشكل مفاجئ في عامي 2023 و2024 بمختلف دول المنطقة، حيث يعود الانتعاش الحالي بالأساس إلى النمو القوي في البلدان المصدرة للنفط، مدفوعاً بارتفاع الإيرادات النفطية وحدوث انحسار عام للآثار السلبية لجائحة فيروس كورونا بالدول التي حققت نسباً مرتفعة في عملية توزيع اللقاحات.

وعلى الرغم من تباين الآثار الاقتصادية على دول المنطقة مع تحقيق الدول المصدرة للنفط منفعة تامة، فإن الدول المستوردة للنفط تلقت صدمة مزدوجة بارتفاع أسعار الغذاء والوقود معاً.

معاناة مستمرة

وأشار تقرير البنك الدولي إلى أن المتوسط السنوي لمعدل التضخم في أسعار المستهلكين سجل أعلى مستوى له منذ الأزمة العالمية في عام 2009، وبما يقارب ضعف معدل الزيادة التي شهدها خلال العقد السابق لتفشي الجائحة.

وكان صندوق النقد الدولي قد رجح في تقرير حول آفاق الاقتصاد الإقليمي للشرق الأوسط وآسيا الوسطى، استمرار ارتفاع معدلات التضخم بالمنطقة عند 13.9 في المئة خلال العام الحالي، مقارنة مع 14.8 في المئة خلال العام الماضي. ورجح الصندوق، أن يشهد القطاع غير النفطي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تباطؤاً خلال العام الحالي إلى نحو 3.7 في المئة بدلاً من 4.2 في المئة السنة الماضية.

وتوقع أن تفقد دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خصوصاً الدول المستوردة للنفط، التعافي خلال العام الحالي، مع استمرار المعاناة من ارتفاع معدلات التضخم والديون، مؤكداً أن مصر ودول منطقة القوقاز وآسيا الوسطى الأشد تضرراً على الإطلاق من الحرب في أوكرانيا.

تعافٍ قوي بالقطاع غير النفطي في السعودية

في البلدان المصدرة للنفط، أوضح البنك الدولي، أن ارتفاع أسعار النفط وزيادة الإنتاج ساعدا في الحفاظ على تحقيق انتعاش قوي قابله جزئياً ارتفاع أسعار الغذاء وتكاليف الاقتراض. وفي دول مجلس التعاون الخليجي، ارتفع الإنتاج اليومي من النفط في أبريل (نيسان) الماضي، بنحو 3 ملايين برميل عما كان عليه قبل عام.

وأما بالنسبة للبلدان المستوردة للنفط، فقد خرج الانتعاش الهش عن مساره، بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، وزيادة تكاليف الاقتراض، وضعف الطلب الخارجي. ومن المتوقع أن تحقق اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي نمواً بنسبة 5.9 في المئة خلال عام 2022، أي بزيادة 1.2 نقطة مئوية على ما كان متوقعاً في بداية العام.

وفي السعودية، فمن المتوقع أن يؤدي النمو القوي في إنتاج النفط وحدوث تعافٍ قوي بالقطاع غير النفطي إلى دفع معدل النمو في عام 2022 ليسجل نحو 7 في المئة، بما يمثل أعلى مستوى له خلال عشر سنوات، وذلك قبل تراجعه إلى 3.8 في المئة خلال عام 2023.

ومن المتوقع أن يبلغ نمو إجمالي الناتج المحلي في العراق بنسبة 8.8 في المئة خلال عام 2022 مدفوعاً بالانتعاش في قطاع النفط مع الإلغاء التدريجي للقيود على الإنتاج التي قررتها مجموعة مصدري النفط "أوبك+". كما يتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي في البلدان المستوردة للنفط بنسبة 4.1 في المئة خلال العام الحالي، بما يمثل تخفيضاً للتوقعات بواقع 0.5 في المئة، وذلك قبل تسارعه إلى 4.4 في المئة خلال عام 2023.

النفط يتجاوز 120 دولاراً

في سوق النفط، ارتفعت الأسعار عند تسوية تعاملات جلسة الثلاثاء، وشهد سعر العقود الآجلة لخام برنت القياسي تسليم شهر أغسطس (آب) ارتفاعاً بنسبة 0.9 في المئة أو ما يعادل 1.06 دولار عند 120.57 دولار للبرميل عند التسوية.

جاء ذلك بعد تقلبات قوية جراء ترقب ظروف المعروض والطلب على الخام والمخاوف في شأن الاقتصاد العالمي، حيث تأرجح خام برنت بين 118.55 دولار في الاتجاه الهابط و121.25 دولار صعوداً. كما زاد سعر خام نايمكس الأميركي تسليم شهر يوليو (تموز) المقبل بنسبة 0.8 في المئة، بما يعادل نحو 91 سنتاً ليسجل مستوى 119.41 دولار للبرميل.

وفي مذكرة بحثية حديثة، رفع بنك "غولدمان ساكس"، توقعاته لخام برنت القياسي إلى 140 دولاراً في الربع الثالث من هذا العام، مشيراً إلى أن أسعار النفط تحتاج إلى الارتفاع الإضافي من أجل تقيد الطلب المطلوب لإعادة التوازن في السوق، فيما نقلت وكالة "بلومبيرغ"، عن مصادر مطلعة، أن الهند تتطلع لتعزيز واردات الخام من روسيا، مع عمل مصافي التكرير التي تديرها الدولة بشكل جماعي على إنهاء وتأمين عقود التوريد الجديدة لمدة ستة أشهر.

زيادات كبيرة متوقعة بأسعار السلع

في سوق السلع، رجح البنك الدولي، أن تشهد أسعار معظم السلع الأولية زيادة كبيرة في 2022 عن مستوياتها في 2021، وأن تظل مرتفعة في الأمد المتوسط، وتتأثر آفاق أسواق السلع الأولية بشدة بمدة الحرب في أوكرانيا، وشدة التعطيلات في تدفقات السلع الأولية، وثمة احتمال قوي بأن تظل أسعار السلع الأولية مرتفعة لفترة طويلة. وأرجع زيادة الأسعار إلى تداعيات الحرب في أوكرانيا، واستمرار النمو في الطلب، والقيود المختلفة المفروضة على جانب العرض.

وأوضح أن روسيا وأوكرانيا تمثلان مصدراً مهماً لمنتجات الطاقة والأسمدة وعدد من الحبوب والمعادن، وعلى سبيل المثال، تعد روسيا أكبر مصدر في العالم للغاز الطبيعي والنيكل والقمح، أما أوكرانيا فهي أكبر مصدر لزيت بذور عباد الشمس، وشهدت هذه السلع زيادات حادة بأسعارها في أعقاب بدء الحرب الروسية - الأوكرانية.

وأشار إلى أن الحرب في أوكرانيا بدأت في تعطيل صادرات روسيا من النفط، وأعلنت بضعة بلدان، منها كندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، عن خطط لحظر استيراد النفط من روسيا أو تقليص وارداتها منه تدريجياً، وبدأ كثير من التجار يتجنبون شراء النفط الروسي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ملايين الجوعى في أفريقيا

في الوقت نفسه، حذر برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة "الفاو"، من تفاقم أزمة الغذاء على نطاق واسع ومن تهديدها للاستقرار في عشرات البلدان. وأشارا في تقرير حديث، إلى أن الصراع والطقس المتطرف والصدمات الاقتصادية، وكذلك آثار الأزمة الروسية - الأوكرانية يدفع ملايين الأشخاص في أنحاء العالم إلى الفقر والجوع.

وتحدث التقرير عن نقاط الجوع الساخنة. ودعا إلى اتخاذ إجراءات إنسانية عاجلة في 20 نقطة، حيث من المتوقع تفاقم الجوع الحاد في الفترة من يونيو إلى سبتمبر (أيلول) 2022، لإنقاذ الأرواح وسبل العيش ومنع حدوث مجاعة. وحذر من أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا قد فاقمت الارتفاع المطرد بالفعل في أسعار المواد الغذائية والطاقة بجميع أنحاء العالم، بما يؤثر على الاستقرار الاقتصادي في جميع المناطق.

وتوقع، أن تكون الآثار حادة، خصوصاً في المناطق، حيث يترافق عدم الاستقرار الاقتصادي وارتفاع الأسعار مع انخفاض إنتاج الغذاء بسبب الصدمات المناخية، مثل حالات الجفاف المتكررة أو الفيضانات. وذكر أن "العالم يواجه عاصفة كاملة لن تؤذي فقط أفقر الفقراء، لكنها ستطغى أيضاً على ملايين العائلات التي حتى الآن ما زالت تحتفظ برؤوسها فوق الماء. الظروف الآن أسوأ بكثير مما كانت عليه في 2007 - 2008 مع أزمة أسعار الغذاء عندما هزت الاضطرابات السياسية وأعمال الشغب والاحتجاجات 48 دولة".

وحث التقرير العالم على التحرك بسرعة، مشيراً إلى تأثير الجفاف غير المسبوق في شرق أفريقيا، الذي أثر في الصومال وإثيوبيا وكينيا. وأشار إلى أن جنوب السودان سيواجه أيضاً عامه الرابع على التوالي من الفيضانات واسعة النطاق، مرجحاً أن يتسبب ذلك في استمرار فرار الأشخاص من منازلهم وتدمير المحاصيل والإنتاج الحيواني.

وأشار إلى أن إثيوبيا ونيجيريا وجنوب السودان واليمن لا تزال في حالة تأهب قصوى باعتبارها بؤراً ساخنة ذات ظروف كارثية، كما أن أفغانستان والصومال في طريقها نحو هذه الفئة المقلقة. وذكر أن هذه الدول الست لديها أجزاء من السكان تواجه المرحلة الخامسة من التصنيف الدولي لانعدام الأمن الغذائي، وهي المرحلة الأعلى التي تعني كارثة، أو معرضة لخطر التدهور نحو ظروف كارثية، حيث يواجه ما يصل إلى 750 ألف شخص المجاعة والموت.

فيما ارتفع مؤشر البنك الدولي لأسعار السلع الغذائية بنسبة 14 في المئة خلال الربع الأول لعام 2022 مقارنة بالربع السابق، ويزيد نحو 20 في المئة عن مستواه قبل عام.