رفضت البطريركية الأرثوذكسية في القدس قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بتثبيت عملية بيع عقارات مملوكة للبطريركية لجمعية استيطانية إسرائيلية، مشيرة إلى أنها مصممة على الحفاظ على الوجود المسيحي بالمدينة لمنع تهويدها.
وبعد نحو سنة على طعن البطريركية في عملية بيع فندقي (بترا، وإمبريال)، ومبنى المعظمية في القدس، رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية الطعن في العملية التي تعود إلى عام 2003.
ويقع الفندقان في ميدان عمر بن الخطاب قرب باب الخليل المؤدي إلى كنيسة القيامة ومجموعة من الكنائس والأديرة في الحي المسيحي بالقدس.
وبعد هذا الحكم النهائي أصبحت جمعية "عطيرت كوهانيم" التي تسعى لتهويد القدس مالكة لمعظم مباني باب الخليل، في ظل خشية فلسطينية وأوروبية وأميركية من تهديد الوجود المسيحي التاريخي بالمدينة.
وتورط البطريرك السابق للكنيسة الأرثوذكسية إيرينوس الأول في عملية البيع، التي أدت إلى إطاحته عام 2005 بضغوط شعبية من المسيحيين والرهبان بسبب "إخلاله بالأمانة".
وبعد 17 سنة من المعارك القضائية، أعلن بطريرك القدس وسائر أعمال فلسطين والأردن ثيوفيلوس الثالث، استنفاد جميع الإجراءات القانونية، لكنه شدد على أنه على الرغم من "الحكم الجائر فإن الكنائس ستبقى ثابتة في التزامها بدعم المستأجرين الحاليين للعقارات".
وأعلنت المحكمة العليا الإسرائيلية في قرارها أن "البطريركية لم تتمكن من إثبات الادعاء بالاحتيال، ولم يتم تقديم أي دليل لإثبات ذلك حتى ظاهرياً"، فيما صرحت مصادر لـ"اندبندنت عربية"، بأن "البطريركية قدمت مواد صوتية ومقاطع فيديو تشير إلى ممارسة جمعية (عطيرت كوهنيم) ابتزازاً جنسياً، وتقديم رشى لإبرام صفقة الشراء". ويمنح القانون الإسرائيلي المستأجرين الحماية من إخراجهم من العقارات التي يستأجرونها، حتى وإن تغير المالك.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت البطريركية، "إن قرار المحكمة ظالم، ولا يتبع أي سند قانوني أو منطقي"، مشيرة إلى "أن (الجمعية الاستيطانية) اتبعت طرقاً ملتوية وغير قانونية للاستحواذ على العقارات الأرثوذكسية".
وأوضحت "أنها قامت بحملة قانونية وإعلامية ودبلوماسية للضغط على السلطات الإسرائيلية لمنع الجمعيات الصهيونية من الاستيلاء على هذه العقارات، إلا أن هذه المحاولات لم تنجح في ظل ضغط تلك الجمعيات ومن يساندها في دوائر صنع القرار".
وبعد ساعات من قرار المحكمة الإسرائيلية التقى البطريرك، نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الفلسطينية هادي عمرو، وعبّر الأخير عن "اهتمام الرئيس الأميركي جو بايدن بالتحديات التي تواجه كنائس الأراضي المقدسة"، بحسب بيان للبطريركية، فيما أبلغه البطريرك "أن المسيحيين في القدس يتعرضون لضغوط من المتطرفين الإسرائيليين لتخليص المدينة المقدسة من الوجود المسيحي".
وأكد هادي عمرو، أن "الخارجية الأميركية معنية بالتراث والوجود المسيحي في القدس، وتُولي اهتماماً خاصاً بمسألة الممتلكات المسيحية في باب الخليل". وأشار إلى "اهتمام بلقاء رؤساء الكنائس خلال زيارته إلى فلسطين للاستماع إلى مخاوفهم".
كما اعتبر الاتحاد الأوروبي أن قرار المحكمة الإسرائيلية "زاد من الضغط على الوجود المسيحي في القدس الذي يرافقه تهديد المستوطنين للمجتمعات المسيحية وممتلكاتهم". وطالب "بوقف محاولات المستوطنين الاستيلاء على الممتلكات المسيحية في البلدة القديمة من القدس، لأنها تعرض تراث وتقاليد المجتمع المسيحي للخطر". وأشار إلى أن "هذه المحاولات تشكل تهديداً للتعايش السلمي في القدس، وكذلك على التوازن الديني الراسخ".
من جانبه، قال رئيس اللجنة الرئاسية الفلسطينية العليا لشؤون الكنائس رمزي خوري، "إن قرار المحكمة العليا غير قانوني وباطل، ويستند إلى مخطط إسرائيلي عنصري للسيطرة على المواقع التاريخية الإسلامية والمسيحية في القدس". وأضاف "أن المحكمة الإسرائيلية تنفذ ما تُمليه عليها الحكومة الإسرائيلية، وتخضع للجماعات المتطرفة مثل (عطيرت كوهنيم) الاستيطانية".
وناشد خوري كنائس العالم لحماية الأملاك والمقدسات الإسلامية والمسيحية. ودعا الاتحاد الأوروبي والدول العربية للوقوف على قرارات المحكمة العنصرية، وتوفير الحماية للمقدسات الإسلامية والمسيحية.
كما أعلنت وزارة الخارجية الأردنية، "عدم اعترافها بسلطة المحاكم الإسرائيلية في القدس، ورفضها جميع الإجراءات التي تستهدف تغيير هوية وطابع القدس الشرقية، وتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم فيها، بما في ذلك الأملاك والأوقاف الإسلامية والمسيحية".
وأكدت الخارجية الأردنية، أن "الأردن وانطلاقاً من الوصاية الهاشمية التاريخية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس، سيستمر بالقيام بكل الخطوات الممكنة لحماية المقدسات والحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني للمدينة".
وتنشط الجمعيات الاستيطانية اليهودية بشكل مكثف في القدس، وتلجأ إلى قانون أملاك الغائبين، أو سماسرة وأساليب قانونية وغير قانونية بهدف "جعل القدس مدينة يهودية مع أقلية عربية"، بحسب جمعية "عطيرت كوهنيم".