Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تغيير رئيس "الاستخبارات الخارجية" يثير تساؤلات في الجزائر

مختصون قالوا إن الخطوة تشير إلى أن الدواعي الأمنية تتطلب وجود "رجل قوي"

قائد أركان الجيش شنقريحة خلال تنصيب اللواء مجدوب على رأس الأمن الخارجي (الإذاعة الجزائرية)

أثارت التغييرات "المحدودة"، التي مست جهاز الاستخبارات في الجزائر، تساؤلات عدة بشأن الأسباب التي استدعت إقدام الرئيس تبون على الخطوة في هذا الوقت الحساس، داخلياً وخارجياً.

وفي حين ربطت أطراف القرار بما يجري إقليمياً من تطورات، ترى أخرى أن الأمر يتعلق بإعطاء دفعة قوية للفرع الخارجي من الجهاز.

تغيير "محدود"

وأعلنت وزارة الدفاع الجزائرية أن رئيس أركان الجيش، الفريق سعيد شنقريحة، أشرف على تنصيب اللواء جمال كحال مجدوب، على رأس مديرية الوثائق والأمن الخارجي، أو ما يعرف بـ"جهاز الاستخبارات الخارجية المضاد للجوسسة"، خلفاً للواء نور الدين مقري، الذي قاد الجهاز لمدة عام ونصف العام تقريباً.

وقالت الوزارة إن شنقريحة خلال اجتماعه مع العسكريين المنتسبين لمديرية الأمن الخارجي، أمر بـ"العمل تحت سلطته (مجدوب) وطاعة أوامره وتنفيذ تعليماته، بما يمليه صالح الخدمة، تجسيداً للقواعد والنظم العسكرية السارية، وقوانين الجمهورية، ووفاء لتضحيات شهدائنا الأبرار، وتخليداً لقيم ثورتنا المجيدة".

وأشارت الوزارة إلى أن تغيير مدير الاستخبارات الخارجية كان فرصة للفريق شنقريحة للقاء إطارات المديرية العامة للوثائق والأمن الخارجي، الذين أسدى لهم جملة من التعليمات والتوجيهات، تتعلق أساساً بضرورة التحلي بأقصى درجات المهنية والاحترافية في أداء المهام الموكلة إليهم، ومضاعفة الجهود المخلصة والمتفانية من أجل رفع التحديات الأمنية، التي أفرزتها التحولات المتسارعة على المستويين الإقليمي والدولي.

ثالث حركة على رأس الجهاز

ولم يشغل التغيير بال المتابعين بقدر ما أخذت عودة اللواء جمال كحال مجدوب، إلى المشهد مساحة واسعة من النقاشات الصامتة والجانبية، على اعتبار أن الرجل "عانى" بطش النظام السابق، الذي اتهمه بـ"التقصير في أداء المهام" عندما كان مديراً للأمن الرئاسي، ما وضعه بين أيدي القضاء العسكري، الذي حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، قضى منها أشهراً فقط وأفرج عنه.

وتعد إقالة الرئيس عبد المجيد تبون، مسؤول مديرية الوثائق والأمن الخارجي، نور الدين مقري، وتعيين اللواء جمال كحال مجدوب، خلفاً له، ثالث تغيير على رأس الجهاز نفسه، منذ اعتلائه سدة الحكم نهاية عام 2019.

مسألة تكتيكية

الحقوقي عابد نعمان، يرى في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن هذا التغيير هو امتداد للتغييرات المفصلية، إن صح التعبير، التي عرفتها المؤسسة العسكرية، ضمن تجديد الكادر البشري في شكل "ضخ دماء جديدة في المناصب الكبرى".

وقال نعمان، إنه "وكما هو معروف لدى جيوش العالم، حينما تزداد درجة المخاطر الإقليمية إلى مستوى يستوجب الدخول في مرحلة الاستعداد والتحضير، فإن جهاز الاستخبارات أول نسق تطاله عملية الاستعداد المتمثلة في تغيير الإطار البشري، وأنماط التعامل مع المعلومة، وطرق استغلالها وحفظها وحمايتها، وغيرها من المتطلبات".

وأضاف أن "مديرية الأمن الخارجي والتوثيق من دون الدخول في تفاصيلها وفروعها، وفي ظل التطورات الإقليمية والدولية الحاصلة في المرحلة الحالية، هي عاكفة على المعلومة واستغلالها وحمايتها والحفاظ عليها، وبالتالي فالخطوة، إن صح التعبير، يمكن وصفها بـ(تغيير حربي تكتيكي) أكثر من أنه تغيير تنظيمي عادي، لأن لب العمليات هو المعلومة والمعلومة المضادة خارج الحدود الوطنية".

ويواصل الحقوقي في رده على من يرجع التغيير إلى "ضعف" سابقه، أن المسألة لا تتعلق بمستوى قيادة دون أخرى، وإنما بتغيير جذري يتناسب مع الوضع الجديد معلوماتياً، وقال إنه وضع شبه حربي، وإدارة الجهاز في حالة السلم ليست كإدارته في حالة الحرب، مشدداً على أن الأمر مرتبط بتغيير الإطارات والنمط والتعامل، وهي مسألة تكتيكية تفرضها قواعدها، وختم أن التطورات الإقليمية هي التي دفعت بخطورتها إلى هذه التغيرات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لم الشمل داخلياً والتهديدات خارجياً

وتزامن هذا التغيير مع إطلاق الرئيس تبون مبادرة "لم الشمل"، التي تستهدف، وفق ما كشفت عنه جهات رسمية مثل مجلس الأمة، تجاوز بعض سوء التفاهمات واختلاف المواقف، مقابل الاتفاق حول خريطة طريق، لتختتم بإعلان مصالحة سياسية تنهي التشنج الحاصل، وما يطلق عليه بالانسداد السياسي.

كما أشارت ذات الأطراف إلى أن الأمر يشمل أيضاً معارضين ناشطين بالخارج، بهدف السماح لهم بالعودة إلى البلاد، من دون أية ملاحقات أو متابعة قضائية.

كما تعرف الأوضاع الإقليمية والدولية تطورات كبيرة، لا سيما مع توتر العلاقات الجزائرية المغربية، وكذا الإسبانية، وبعض الفرنسية، بالإضافة إلى ما يحصل في منطقة الساحل مع تصاعد الغضب من الوجود الفرنسي وما تبعه من توسع دائرة الاعتداءات الإرهابية، وعودة الأمور إلى نقطة البداية في ليبيا، فيما خلقت الحرب الروسية الأوكرانية نوعاً من الضغوطات على الجزائر بسبب مواقفها، بخاصة مع الزيارات المتوالية للمسؤولين الروس، وعلى رأسهم وزير الخارجية سيرغي لافروف، وما رافقها من طلبات أوروبية على الغاز الجزائري لتعويض الروسي.

أمر ضروري وحتمي

من جانبه، يبين الباحث في الشؤون الأمنية والسياسية، عمار سيغة، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن التغيير في هذا التوقيت بالذات، يشير إلى أن الدواعي الأمنية بوجود رجل قوي على رأس الجهاز أمر ضروري وحتمي.

ويعتقد سيغة أن الإجراءات المتعلقة بملاحقة وترحيل معارضين مقيمين بالخارج تم تصنيفهم ضمن قائمة الإرهابيين أوجبت على السلطات استقدام رجال الاستخبارات الأكثر حنكة واقتداراً، وهذا ما يتوفر باللواء مجدوب، المعروف بتكوينه في مدارس الـ"كي جي بي" الروسية، وتقلده مهام تدريبية عدة في مدارس الاستخبارات الجزائرية.

وقال "نعتقد أن يقدم الوافد الجديد الإضافة، ويتجاوز أخطاء استراتيجية وقعت خلال متابعة وترحيل معارضين جزائريين مقيمين في الخارج".

وأضاف أن "الأوضاع الراهنة تحتم على صانع القرار الجزائري التحلي بالحذر واليقظة حيال التهديدات التي تواجهها البلاد، وهو ما سيكون حملاً ثقيلاً على مدير الجهاز الاستخباراتي الموكلة له مهام خارجية".

تقوية الجبهة الداخلية أقوى سلاح لمواجهة التحديات الخارجية... كثرة التوترات ترهق الشعوب

المزيد من العالم العربي