أظهرت قراءة تحليلية جديدة لاحتمالات تصويت البريطانيين في انتخابات عامة مقبلة بأنّ حزب العمّال لن يكون قادراً على الفوز بالأغلبية ما لم يغيّر رأيه بشأن اجراء استفتاء ثانٍ.
ومن المتوقّع أن يخسر حزب كوربين أكثر من 40% من أصوات الناخبين الذين دعموه في انتخابات 2017 مع تحوّل الغالبية الساحقة نحو تأييد الأحزاب الداعية إلى البقاء في الاتحاد الأوروبي.
وتأتي الأرقام في أعقاب إعلان جيني تشابمان، وهي من وزراء الدولة في حكومة الظل العمالية المكلفين ملفّ الخروج من الاتحاد الأوروبي، عن تأييدها لتنظيم استفتاء " القول الفصل" حول بريكست، وذلك بعد أن كانت معارضة شرسة لهذه الاستفتاء. وقالت تشابمان أنّها أضحت مقتنعة الآن أنّه ما من بديل عن هذا الاستفتاء لحلّ الأزمة. ولدى سؤالها عمّا إذا كان يتوجّب على زعيم حزب العمّال الإعلان بشكل مباشر وفوري عن تحوّل في سياسته، قالت لـ"هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي) "أعتقد ذلك - أعتقد أنّ هذا يجب أن يحصل الآن."
وكان حزب العمال قد استّعد لخسارة دائرة بيتربره الانتخابية لصالح حزب بريكست في انتخاباتٍ فرعية يوم الخميس الماضي، بيد أنه نجح في الاحتفاظ بها بشقّ الأنفس، حين تفوق بفارق بضع مئات من الأصوات على حزب نايجل فراج. وكان من المتوقع ان يكسب حزب الديمقراطيين الأحرار أصوات ناخبي حزب العمال التقليدين من مؤيدي خيار البقاء في الاتحاد الأوروبي الذين أحبطهم غياب الوضوح في توجّه كوربين.
وعلى الرغم من أن أعضاء رئيسين في حكومة الظل العمالية، بمن فيهم توم واتسون نائب زعيم الحزب، قد حثّوا الحزب على تأييد إجراء استفتاء ثانٍ حول أيّ اتفاق بشأن بريكست، فإن كوربين لايزال متشبثاً بسياسة دعم تنظيم الاستفتاء الشعبي فقط في حال لم يتمكّن حزب العمّال من تحقيق النتائج المتوخّاة لجهة تمرير خطته المفضلة للانسحاب من الاتحاد الاوروبي أو إجراء انتخابات عامة. وأبقى تركيز الحزب على قضايا مطلبية على غرار التقشّف والخدمات الصحية والعامة عوضاً عن تكريس اهتمام الحزب وجهوده حالياً لأوروبا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبعد فرز الإجابات الواردة خلال الشهر الماضي من أكثر من 15 ألف ناخب ممن شاركوا في الاستطلاع، وجدت شركة تحليل البيانات "فوكالداتا" Focaldata بأنّ حزب العمّال سيكون الحزب الاكبر في البرلمان الجديد ولكنّه قد يخسر أكثر من 40 % من الدعم الذي تلقاه في الانتخابات العامة الأخيرة عام 2017.
وتدل الأرقام، أن حزب العمال قد لا يحقّق الأغلبية مما سيجبره حينذاك على إبرام صفقة مع الديمقراطيين الأحرار والاحزاب الوطنية الداعمة لخيار البقاء، وذلك كي يستطيع كوربين تشكيل حكومة، وهذه الصفقة ستجعل استفتاء "القول الفصل" خياراً لا بدّ منه.
وفي ضوء التحليل الذي أجرته فوكالداتا لحملتي "الأفضل لبريطانيا" Best for Britain و"الأمل لا الكراهية" Hope Not Hate يتبين أنّ 42 % من الذين دعموا حزب العمّال عام 2017 سيتخلون عنه في انتخاباتٍ عامة جديدة مع اتجاه غالبيتهم (30%) نحو الأحزاب الداعمة للبقاء على غرار الديمقراطيين الأحرار، و2 % نحو الحزب القومي الاسكتلندي أو حزب "بليد كومري" Plaid Cymru ( حزب ويلز)، فيما سيذهب فقط 10 % منهم إلى حزب بريكست.
وسيخسر حزب المحافظين أكثر من نصف الناخبين الذين صوتوا لتيريزا ماي في الانتخابات العامة الأخيرة. وبينما ستحول 37% من ناخبي المحافظين التقليدين إلى حزب فاراج، فإن 8 % منهم سيصوتون لصالح الديمقراطيين الاحرار، وسيدعم 2 % منهم كلّاً من حزب العمّال وحزب الخضر.
ومن المتوقع أن يحصل حزب العمال على 24,8 % من أصوات الناخبين ليتقدّم على حزب بريكست الذي سينال 22,9% من الأصوات، فيما سيحلّ المحافظون في المركز الثالث بواقع 21,7 % من الأصوات والديمقراطيون الأحرار في المركز الرابع بنسبة 17,6 في المئة.
وبموجب هذه الأرقام، قد يجد كوربين نفسه على رأس فريق برلماني قويّ مؤلّف من 251 نائباً ما يجعل العمال أكبر الأحزاب في مجلس العموم، بيد أن ذلك أقّل بكثير مما يلزمه لتحقيق الأغلبية المطلقة التي تتطلب الفوز بـ 326 مقعداً.
ومع حصول حزب بريكست على 135 مقعداً والمحافظين على 132 مقعداً بحسب هذه الأرقام المفترضة، والديمقراطيين الأحرار على 53 مقعداً، في حين سيحقق الحزب القومي الأسكتلندي غالبية ساحقة في اسكتلندا بفوزه في 55 من أصل 59 دائرة انتخابية هناك، قد يُضطرّ كوربين إلى إقامة تحالفٍ ما مناهض لبريكست ليكون لديه أمل بتسلم الحكم.
وتفيد تحليلات بأن من الممكن أن تخسر شخصيات رئيسية في حزب المحافظين كوزيرة الدفاع بيني موردونت ووزيرة العمل أمبر رود ووزير المجتمعات البريطانية جيمس بروكنشاير، مقاعدها في مجلس العموم. أما دائرة غرب أوكسبريدج وجنوب روسليب التي يمثلها في مجلس العموم المرشّح الأوفر حظاً لزعامة المحافظين بوريس جونسون، فقد تصبح دائرة هامشية يحقق الفائز بها أغلبية ضئيلة ما يجعلها عرضة للخسارة بسهولة في الانتخابات التالية.
وقالت نعومي سميث، مديرة العمليات في حملة "الأفضل لبريطانيا"، إن "من المرجّح أن تساهم تداعيات سياسة حزب العمّال المتناقضة تجاه "القول الفصل" بشأن بريكست في إلحاق ضرر كبير بهم. ومن المتوقّع أن يخسروا حوالي نصف الاصوات التي حصلوا عليها عام 2017 بحسب تحليلاتنا. تحتاج قيادة حزب العمال الآن إلى اتّخاذ موقف واضح، وباعتبارهم سيخسرون لصالح الأحزاب المؤيدة للبقاء ثلاثة أضعاف الأصوات التي سيخسرونها لصالح حزب بريكست، من الواضح أي موقف يتوجب عليهم أن يتبنّوه في حال أرادوا أن يشّكلوا الحكومة."
ومن جانبه، أوضح نيك لوليس الرئيس التنفيذي في حملة "الامل لا الكراهية" أن" استطلاع الأصوات هذا يكشف صعوداً صادماً في الحقيقة لحزب بريكست اليميني المتطرّف الذي يتزعّمه نايجل فاراج السياسي الخطير الذي يبثّ الفرقة. إننا وسط موقفٍ خطير للغاية، ويتوجّب على كلّ حزبٍ أساسي التفكير ملياً بكيفية تجنّب الوصول إلى هذه النتائج."
وأضاف لوليس أنّ حزب العمّال "كان يخسر الأصوات" لصالح الأحزاب التي اتّخذت مساراً واضحاً ضدّ بريكست. وزاد "سيخسر حزب العمّال مقاعد المناطق التي صوّتت لصالح خيار الخروج من الاتحاد الاوروبي، في حال استمرّ في فقدان دعم الناخبين العمّال الداعمين لخيار البقاء. هذا لا يبدو بديهياً ولكنّه الواقع. إنّ الدليل واضح - من هذا الاستطلاع ونتائج الانتخابات الاخيرة- في حال أراد حزب العمّال الفوز بالغالبية في الانتخابات المقبلة، عليه أن يتحرّك ليحافظ على ما تبقّى له من الناخبين الداعمين للبقاء."
وتجدر الإشارة إلى أنّ فوكالداتا جمعت بيانات عن نوايا التصويت للناخبين من خلال استطلاع رأي شمل 15,231 شخصاً بين 17 و30 مايو (أيار)، وذلك باستخدام تقنية يُطلق عليها إسم نظام تخطيط احتياجات المواد MRP لتقييم الرأي في كلّ دائرة انتخابية بريطانية.
© The Independent