Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا لو أضرب كتاب الدراما في الخليج عن العمل؟

نقاد: التكرار والحشو وغياب التخطيط والنص الجيد وراء تراجع المسلسلات السعودية

"أزمة النصوص" عبارة شائعة جداً في أوساط الدراما الخليجية بكل أنواعها (منصة شاهد)

تصطدم الدراما الخليجية كل عام في الموسم الرمضاني بحاجز النصوص الجيدة، وهي أزمة تفرض نفسها سنوياً على أجندة هذه الدراما، مما يوقعها في "فخ التكرار" لتكشف لنا عن أن غياب النص أو السيناريو الجيد لا يزال يكبلها ويمثل عقبة في طريقها، على الرغم من امتلاكها مواهب عدة على صعيدي الإخراج والتمثيل، وقدرتها على إنتاج أعمال جيدة قادرة على الاستحواذ على قلب المشاهد الخليجي والعربي أيضاً.

ويتساءل نقاد عن ماذا لو أضرب كتاب الدراما، فهل هذا يشكل أزمة أم أن أي فرد في منظومة الصناعة القائمة اليوم قادر على سد فجوته بالمستوى الحالي؟ إن "أزمة النصوص" عبارة شائعة جداً في أوساط الدراما الخليجية بكل أنواعها، ففي كل حوار صحافي حول فشل أي عمل درامي في رمضان يشار إلى هذه "الأزمة"، فهل يعاني الفن الخليجي أزمة نص فعلاً؟

شهرة الكاتب أم النص الجيد؟

أشارت كاتبة السيناريو ومشرفة النص أفنان باويان إلى أن أزمة الكتابة في السعودية ليست مقتصرة على قلة من الكتاب الجيدين، لكنها دائرة يشترك فيها أشخاص عدة، بداية من المنتج الذي لا يمتلك أدوات كافية وعقلية تحليلية لمعرفة النص الجيد كفكرة أو كتابة، فيعتمد على شهرة الكاتب وأعماله السابقة.

باويان قالت إن "الكتابة الجيدة تحتاج كاتباً جيداً ووقتاً، ومعظم المنتجين لا يضعون خطة جيدة لمرحلة تطوير النص، لافتة إلى أن كثيراً من المنتجين يريدون نصاً في ثلاثة أشهر لعمل طويل، بينما الوقت الكافي في اعتقادي هو سنتان كحد أدنى".

وأشارت إلى أن الكتابة عصف ذهني وكتابة وتحليل وبحث ومن ثم إعادة كتابة وتحليل وإعادة كتابة وهكذا، موضحة أن الموازنات الضعيفة التي توضع للكتابة ومرحلة البحث والتطوير عندما تقارن بأجر مدير التصوير مثلاً، فسنصدم من حجم الاهتمام بالصورة مقابل القصة.

وشرحت باويان مراحل كتابة النص قائلة إن "آخر من يعيد كتابة النص هما المخرج والممثل في مرحلة الـ (Blocking)  أثناء التصوير، وهي آخر مرحلة تعاد فيها الكتابة، إذ يعيد المخرج تشكيل المشهد بحسب موقع التصوير وإحساس الممثل بالمكان والحدث والشخصيات الأخرى، كما يعيدان كذلك كتابة الحوار بما يتناسب مع طريقة نطق الممثل وإحساسه مع الحفاظ على المعنى، وهنا قد ينجو النص الجيد لو كان المخرج سيئاً أو مهاراته متواضعة، لكن لا يمكن لنص سيئ أن ينجو حتى لو أتيت بأفضل مخرج، إلا لو كان المخرج أيضاً كاتباً جيداً واشترك في مرحلة الكتابة.

الدراما الخليجية خطو لا تخطيط

ورأى الممثل عبد المحسن النمر أن الدراما السعودية تخطو بهدوء وسط زحمة أعمال درامية عربية لكن من دون وجود تخطيط، معتبراً أن معظم الأعمال السعودية تعتمد عنصر المغامرة، فبعضها جيد يظلم بطريقة عرضه والقناة العارضة، والآخر رديء لكن ينال حظه من المشاهدة. ويرجع النمر سبب تدني مستوى الأعمال الدرامية السعودية إلى النصوص على الرغم من وجود محاولات لإخراجها من نمطيتها، لكن الكم دائماً يغلب الكيف.

أما الكاتب الصحافي محمد القصبي فأكد أن "ثمة بعض أسباب للأزمة نشعر بها جميعاً، منها أن المكتبة العربية تضم مئات إن لم يكن آلاف القصص والروايات لأدباء عرب عظام، يمكن أن تكون رافداً لا ينضب للدراما التليفزيونية، إلا أن المنتجين لا يلجأون إلى هذا الرافد إلا قليلاً، ربما لأن مدعين وغير موهوبين اقتحموا مجال الفن، ومن خلال علاقاتهم ينجحون في تسويق السوالف الساذجة، مما أدى إلى انهيار الدراما".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف القصبي، "في أوروبا والولايات المتحدة يعد النص محوراً أساساً في العمل، والدليل على ذلك أنه حين أضرب كتاب السيناريو منذ أكثر من عام أصيبت هوليوود بالشلل"، موضحاً، "في أميركا وأوروبا طريق طويل جداً يسلكه الكاتب ليصبح كاتباً، فكاتب السيناريو يبدأ في الدراسة المنتظمة والالتحاق بالدورات والعمل مجاناً ثم المشاركة في كتابة حلقة في برنامج أو مسلسل، وإذا تم بث الحلقة فعلاً تصبح هذه فقرة في سيرته الذاتية لعله يحصل على عمل كمبتدئ ليرتقي، أما نحن فلو أضرب كتاب الدراما لا مشكلة، لأن العامل الذي يتولى تقديم الشاي والقهوة يمكن أن يؤدي المهمة إن كان المنتج مشغولاً وليس لديه وقت لهذا".

أعمال في دوامة التكرار

الناقد الفني فارس الغنامي أوضح أنه "من خلال متابعة الأسبوع الأول في السباق الرمضاني للدراما التليفزيونية نستطيع أن ندرك بوضوح أن الدراما الخليجية والسعودية تحديداً تراجعت بشكل يبدو واضحاً للمشاهد، إذ نجد أنها لا تزال تدور في دوامة التكرار"، وقال، "أرى أن السبب في تراجع الأعمال السعودية في هذا السباق هو أنها باتت تفتقر إلى كاتب السيناريو المثقف، فبعض الكُتاب لدينا للأسف ليسوا مثقفين لا سياسياً ولا اجتماعياً، بل إنهم لا يملكون مشروعاً ثقافياً نهضوياً يسهم في خلق صورة ذهنية جديدة، على الرغم من أن المجتمع السعودي الآن بات يعيش عصراً جديداً من الانفتاح وحرية التعبير، وربما يكون ما أقوله صادماً لكنه واقع، وكان الكاتب الراحل عبدالرحمن الوابلي أدرك ذلك بعد توقف (طاش ما طاش) فقدم مسلسل (العاصوف) الذي كان متنفساً سياسياً واجتماعياً، لذا نرى من خلال هذا الموسم أن جميع الأسماء الكوميدية لدينا تغامر في اختيار النصوص ضاربة بتاريخها الفني عرض الحائط مقابل الأجر والإنتاج، فلا يستطيعون إلى الآن فتح آفاق جديدة لأعمالهم".

الأكاديمي في كلية الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الدكتور عبدالله العساف أكد أن الدراما الخليجية "تقدم نسخاً مكررة من أعمال سابقة أصبحت من الماضي، وأخرى هجيناً من الأفكار الماضية بأحداث حالية، وابتعدت من ملامسة حاجة الإنسان الخليجي ومناقشة قضاياه الحقيقية الملحة، وفشلت في المعالجة الفنية للنصوص"، مضيفاً أن "ما يلاحظه حتى المشاهد العادي أن النصوص التي تقدم لا تغوص في النفس البشرية ولا تعالج بعمق الهموم اليومية، ويميل كتاب الدراما إلى التطويل الممل بسبب أن صفقات الأعمال الدرامية تقاس بالدقيقة، وبدلاً من بناء مسلسل محكم في 10 حلقات يسعى السيناريست بتحريض من المنتج والمخرج إلى تصوير 30 حلقة محشوة بمشاهد مكررة ومملة".

المنتج الفني نضال جمجوم برر سبب انحسار الملكة الإبداعية بشكل عام وبروز التقليد الأعمى ومسؤولية التكرار، بتوجه بعضهم نحو البحث عن العناوين والنصوص الصادمة من أجل التفرد أو زيادة الإيرادات بصرف النظر عن قيم وعادات وتقاليد المجتمع أو ذائقة المشاهد العربي، واعترف عبد المجيد بتشابه الأحداث في الأعمال الدرامية مؤكداً أنه أمر وارد، لا سيما أن دول الخليج تعتبر نسيجاً متكاملاً لتشابه الواقع الاجتماعي والبيئي والاقتصادي، لكنه دعا القائمين على الأعمال إلى تنويع طرق المعالجة.

أما كاتب السيناريو يسري زيدان فنفى ضعف الأعمال الدرامية ووصفها بالمكررة، وقال إن "هناك أعمالاً لقيت رضاً جماهيرياً لدى معظم المشاهدين، وكعادة الممثل السعودي ناصر القصبي فقد قدم جزءاً جديداً من (العاصوف) بشكل جيد وحقبة زمنية جديدة وشيقة"، وأوضح أن من أكثر ما يميز هذا العام دخول منافسين جدد مجال الدراما منفردين كأبطال لأعمال درامية بعد تميزهم في أعمال سابقة، أما من ناحية الكوميديا فتميزت أعمال عدة بأفكار فريدة، مثل العملين السعوديين (من هو ولدنا) و(سكة سفر) والعمل الكويتي (من شارع الهرم إلى...)".

المزيد من فنون