حقق زعيم صربيا ألكسندر فوتشيتش فوزاً ساحقاً في الانتخابات العامة، الأحد، ما يمهّد الطريق لفوزه بولاية رئاسية جديدة وتمديد حكمه المستمر منذ نحو عقد في هذه الدولة بمنطقة البلقان.
وأعلن فوتشيتش في خطاب الفوز، "لقد نلتُ 2,245,000 صوت في الجولة الأولى"، مشيراً إلى أنه حصد قرابة 60 في المئة من الأصوات. وأدلى الصرب بأصواتهم، الأحد، في هذه الانتخابات التي طرح فوتشيتش نفسه فيها ضامناً الاستقرار في ظل الحرب الدائرة في أوكرانيا.
ودُعيَ الناخبون لاختيار رئيس و250 نائباً في البرلمان إلى جانب انتخابات في عدد من البلديات.
ويُتوقع صدور النتائج غير الرسمية في وقت لاحق. ويُفترض أن تكون نسبة المشاركة أكثر بعشر نقاط من تلك التي سُجّلت في انتخابات 2020 التشريعية، أي ما يصل إلى ستين في المئة، بحسب اللجنة الانتخابية.
حرب أوكرانيا
وأدّى بدء الحرب في أوكرانيا نهاية فبراير (شباط) إلى تغيير مسار الحملة في حين توقع مراقبون في وقت سابق أن يكون التركيز على مواضيع مثل البيئة والفساد والحقوق.
واستغل فوتشيتش حرب أوكرانيا لمصلحته مثيراً هواجس من احتمالات حدوث عدم استقرار، ومقدماً في الوقت نفسه ضمانات أنه وحده قادر على الحيلولة دون وقوع بلاده في أزمة مماثلة.
ورفع في منتصف الحملة شعاراً جديداً هو "سلام. استقرار. فوتشيتش".
وقال في تجمع انتخابي، "هذه الأزمات ضربت اقتصادات أقوى بكثير من اقتصادنا، إلا أننا نتمتع باستقرار تام، ونواجه التحديات بنجاح"، واعداً بأجر متوسط قدره ألف يورو في مقابل 600 راهناً.
وقال لدى الإدلاء بصوته، "نأمل تحقيق نصر كبير"، مضيفاً، "ستستمرّ صربيا على طريق أوروبا، ولكن على طريق السلام والاستقرار والهدوء والازدهار الاقتصادي طبعاً".
واستقل صرب من كوسوفو، الإقليم الجنوبي السابق الذي لم تعترف به بلغراد، 40 حافلة للمشاركة في الانتخابات في صربيا المجاورة، بعدما رفضت بريشتينا تنظيم الانتخابات على أراضيها.
"أعمال عنف"
وأبلغت منظمات غير حكومية، مثل CRTA التي تراقب عملية الانتخابات، عن وقوع حوادث وأعمال عنف. وأكد بافلي غربوفيتش، زعيم حزب معارض من يسار الوسط، أنه تعرض لهجوم أثناء محاولته منع تزوير أصوات قرب مكاتب تابعة لحزب التقدم الصربي في بلغراد.
وقبل أشهر فقط بدت المعارضة كأنها تتمتع بالزخم في هذا البلد البالغ عدد سكانه سبعة ملايين نسمة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ففي يناير (كانون الثاني) تراجع فوتشيتش عن مشروع لتعدين الليثيوم أثار الجدل، في أعقاب تظاهرات عارمة في أنحاء البلاد نزل خلالها الآلاف إلى الشارع. وكان ذلك بمثابة هزيمة غير عادية لفوتشيتش الذي نادراً ما اضطر للتراجع عن قرارات طيلة فترة توليه السلطة.
وأشارت الاستطلاعات الأخيرة إلى أن المنافس الرئيس لفوتشيتش سيكون قائد الجيش السابق زدرافكو بونوش، الجنرال المتقاعد الذي جاء ترشحه مفاجئاً مدعوماً من معسكر المعارضة المؤيد للاتحاد الأوروبي.
وقال بونوش خلال إدلائه بصوته، "آمل أن تكون هذه الانتخابات مرادفة لتغيير جدي في صربيا"، مضيفاً، "أؤمن بمستقبل مشرق، والانتخابات هي الطريقة الصحيحة لتغيير الوضع"، غير أن المحللين لم يروا فرصة تذكر أمام المعارضة لإزاحة فوتشيتش.
ويقول رئيس المرصد المستقل للانتخابات CESID بويان كلاتشار لوكالة الصحافة الفرنسية، "ليست صدفة" أن يتبنى الحزب الحاكم خطاباً جديداً لأن الحرب "غيّرت أولويات الناخبين".
ويضيف، "بتغيّر نقطة التركيز الرئيسة للحملة، تضررت المعارضة أكثر مقارنة بالحزب الحاكم"، و"يبدو أنهم لم يكونوا جاهزين للتكيف مع الظروف الجديدة". ولا تزال صربيا بعيدة في مواقفها عن أوروبا، إذ يدعم قسم كبير من السكان الهجوم الروسي على أوكرانيا.
وامتنعت نسبة كبيرة من المعارضة عن انتقاد الموقف الحكومي من النزاع، وفق ستويليكوفيتش، ما سمح لفوتشيتش بالتحكم بالخطاب.
وتعاملت الحكومة بحذر مع الأزمة في أوكرانيا من خلال إدانة روسيا رسمياً في الأمم المتحدة، وفي الوقت نفسه الامتناع عن فرض أي عقوبات على موسكو وسط دعم عديد من الصرب لحرب الكرملين.
وخاض فوتشيتش الانتخابات مع نقاط أخرى لصالحه. فخلال حكمه الطويل، أحكم قبضته على آليات السلطة في صربيا، وبينها السيطرة الفعلية على المؤسسات وغالبية وسائل الإعلام.