Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ارتفاع الديون الشخصية للبريطانيين والأسعار عند أعلى مستوى

ضغوط تكاليف المعيشة تهدد الإنفاق الاستهلاكي وتوقعات بأن آثار حرب أوكرانيا لم تظهر بعد

أشار محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي إلى أن ارتفاع كلفة استهلاك الطاقة للأسر البريطانية نتيجة حرب أوكرانيا يسهم في تآكل القدرة على الإنفاق (رويترز)

أظهرت البيانات التي أصدرها بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) ارتفاعاً هائلاً في الديون الشخصية للمستهلكين البريطانيين في شهر فبراير (شباط) الماضي، وبلغ اقتراض الأفراد في بريطانيا على بطاقات الائتمان، الشهر الماضي، نحو ملياري دولار (1.5 مليار جنيه استرليني)، في أعلى معدل اقتراض منذ بدأت السجلات عام 1993، وزاد الدين الشخصي للبريطانيين، الشهر الماضي، على ثلاثة أضعاف المتوسط الشهري للاقتراض ببطاقات الائتمان في بريطانيا في نصف العام الماضي، وهو عند 526 مليون دولار (400 مليون جنيه استرليني).

الإنفاق الاستهلاكي

وحسب أرقام البنك المركزي، إذا أضيف هذا الرقم للاقتراض ببطاقات الائتمان على الإنفاق الاستهلاكي إلى قروض السيارات والقروض الشخصية من البنوك، يصبح إجمالي الدين الشخصي للبريطانيين، الشهر الماضي، عند 2.5 مليار دولار (1.9 مليار جنيه استرليني).

وعلى الرغم من أن الدين على بطاقات الائتمان يعتبر عادة مؤشر ثقة في الاقتصاد، ودليلاً على زيادة الإنفاق الاستهلاكي، فإنه في ظل ارتفاع معدلات التضخم الحالية لا يعني سوى زيادة الدين الشخصي لمجرد الحفاظ على مستوى المعيشة نفسه من دون زيادة إنفاق استهلاكي تنعكس في أرقام نمو الاقتصاد الكلي.

ويقول صامويل توبس، كبير الاقتصاديين في شركة الاستشارات "بانثيون ماكرو إيكونوميكس" في مقابلة مع "فايننشيال تايمز، "تشير الثقة المتراجعة أيضاً إلى أن ارتفاع الاقتراض الاستهلاكي، الشهر الماضي، يعكس محاولة الأسر البريطانية الحفاظ على معدل استهلاكها في الوقت الذي تقل فيه القيمة الحقيقية لمدخولها بشدة، وليس دليلاً على أن تلك الأسر تزيد من إنفاقها الاستهلاكي فعلاً".

ويشير أحدث استطلاع أجراه المكتب الوطني للإحصاء في بريطانيا، الأسبوع الماضي، إلى أن نسبة 12 في المئة ممن استطلعت آراؤهم قالوا إن استخدامهم بطاقات الائتمان زاد في النصف الأول من مارس (آذار) كي يتمكنوا من مجاراة ارتفاع الأسعار، ووصلت النسبة بين الفئة العمرية من 30 إلى 49 عاماً إلى 18 في المئة، بينما وصلت بين المستأجرين لمساكنهم إلى نسبة 21 في المئة، وهناك عشرة في المئة ممن شملهم الاستطلاع قالوا إنهم يقترضون أيضاً من الأهل والأصدقاء.

ارتفاع الأسعار

في الوقت نفسه، أظهرت أرقام مؤشر أسعار المحلات الصادرة عن اتحاد تجار التجزئة البريطاني، ارتفاع الأسعار، هذا الشهر، للمرة الخامسة على التوالي، بمعدل لم تشهده الأسعار في المحلات منذ سبتمبر (أيلول) عام 2011، ذلك على الرغم من التحذير بأن "الأسوأ لم يأت بعد"، إذ لم تظهر الآثار الكاملة لأزمة الحرب في أوكرانيا والعقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا بشكل كامل حتى الآن.

وحسب المؤشر، زاد معدل تضخم الأسعار في مارس بنسبة 2.1 في المئة مقابل نسبة ارتفاع شهري في فبراير الماضي عند 1.8 في المئة، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 3.3 في المئة، وهي أعلى نسبة ارتفاع شهري منذ مارس 2013، بينما ارتفعت أسعار السلع غير الغذائية بنسبة 1.5 في المئة، مقابل ارتفاعها بنسبة 1.3 في المئة، الشهر الماضي، بأعلى معدل ارتفاع شهري منذ فبراير 2011.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن بين الأسعار التي ارتفعت بشدة متأثرة بالحرب في أوكرانيا، أسعار القمح بالإضافة إلى أسعار النفط التي أدت إلى زيادة تكاليف استهلاك الطاقة وأسعار الأسمدة، وقالت الرئيسة التنفيذية لاتحاد تجار التجزئة البريطانيين هيلين ديكنسون إن "مؤشر أسعار المحلات ربما يرتفع بمعدل أقل من معدلات التضخم الأخرى بسبب حرص تجار التجزئة على ألا تكون الزيادة كبيرة في أسعار السلع الأساسية"، كما نقلت عنها شبكة "سكاي نيوز"، وأضافت، "مع احتمال ارتفاع معدلات التضخم بنسبة أكبر حسب تقديرات بنك إنجلترا، فلن تكون هذه سنة سهلة على المستهلكين، ومن المرجح أن تؤدي الحرب في أوكرانيا والاضطراب في أسواق السلع إلى مزيد من تراجع ثقة المستهلكين في الأشهر المقبلة".

وكان محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي قال إن بريطانيا تواجه "ضربة قاصمة تاريخية" للقيمة الحقيقية للدخول هذا العام، وأشار إلى أن ارتفاع كلفة استهلاك الطاقة للأسر البريطانية نتيجة الحرب في أوكرانيا يسهم في تآكل القدرة على الإنفاق لدى الأسر في بريطانيا.

الدين والادخار

وأدى ارتفاع الأسعار وضغط تكاليف المعيشة، وبالتالي زيادة الدين الشخصي للأسر البريطانية إلى لجوء كثيرين للجمعيات الخيرية وجماعات تقديم الاستشارات المجانية لبحث سبل حل مشاكل مديونياتهم، وذكرت مؤسسة "ستيب تشينج" الخيرية المتخصصة في حل مشاكل الدين والاقتراض في تقرير لها أن هناك زيادة في نسبة الأشخاص الذين يطلبون المشورة، وقالوا إن ارتفاع تكاليف المعيشة هو السبب وراء زيادة ديونهم، الشهر الماضي.

ونقلت "فايننشيال تايمز" عن بيتر توتون، رئيس قسم السياسات والأبحاث في المؤسسة الخيرية قوله، "ما نشهده، وبشكل أكثر وأكثر، هو أن الناس الذين يعانون مشاكل الدين والاقتراض لا يواجهون فقط مشكلة تسديد الديون بل أيضاً مشكلة دفع فواتيرهم الأساسية"، وطالب توتون وزير الخزانة البريطاني ريشي سوناك أن "يجد طريقة لتوفير الدعم المباشر لهؤلاء الذين لا يستطيعون تحمل زيادة تكاليف المعيشة في حدود ميزانيات أسرهم".

وفي الوقت الذي ترتفع فيه معدلات الدين الشخصي للأسر بسبب ارتفاع الأسعار، تقل معدلات الادخار بشكل عام في بريطانيا، وأظهرت أرقام البنك أن مدخرات البريطانيين في حساباتهم المصرفية حالياً هي أقل مما كانت عليه قبل أزمة وباء كورونا، ولم يزد ادخار البريطانيين في البنوك، الشهر الماضي، على 5.26 مليار دولار (أربعة مليارات جنيه استرليني)، وهو أقل من متوسط المعدل الشهري للادخار عام 2019 عند نحو ستة مليارات دولار (4.6 مليار جنيه استرليني)، بينما كان متوسط معدل الادخار شهرياً، في الأشهر الستة الماضية، عند 8.29 مليار دولار (6.3 مليار جنيه استرليني).

اقرأ المزيد