Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحذيرات من ارتفاع التضخم في بريطانيا فوق 10 في المئة

رفع سعر الفائدة بالمعدل الحالي لن يوقف ارتفاع الأسعار واحتمالات الركود الاقتصادي تزداد

مبنى "بنك إنجلترا" في لندن (أ ف ب)

تباينت ردود فعل السوق في شأن قرار "بنك إنجلترا" (المركزي البريطاني) رفع سعر الفائدة في اجتماعه الشهري، الخميس 17 مارس (آذار) الحالي، بنسبة 0.25 في المئة، لتصل نسبة الفائدة الأساسية في بريطانيا إلى 0.75 في المئة. وكان انخفاض سعر صرف الجنيه الاسترليني مقابل الدولار الأميركي مؤشراً إلى أن نسبة الزياة في الفائدة لا ترقى لما يقوم به الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) بشأن تشديد السياسة النقدية. فالطبيعي أنه مع زيادة نسبة الفائدة يرتفع سعر صرف العملة، لكن الأسواق اعتبرت قرار "بنك إنجلترا" ومناقشات لجنة السياسات النقدية دليلاً على أن البنك لن يواصل رفع سعر الفائدة بقوة لكبح جماح ارتفاع التضخم. إذ هناك تردد واضح لدى واضعي السياسة النقدية في بريطانيا جراء تأثير الحرب في أوكرانيا والعقوبات الاقتصادية ضد روسيا، في أسعار الطاقة والغذاء التي تواصل الارتفاع بشكل غير مسبوق يرهق الأسر البريطانية بشدة.
وفي بيان إعلان قرار "بنك إنجلترا" بعد اجتماعه الشهري، حذر من أن أزمة أوكرانيا ستدفع معدلات التضخم إلى الارتفاع أكثر. وعدل المركزي البريطاني توقعاته لنسبة التضخم في الاقتصاد من 7.25 في المئة إلى 8 في المئة، الشهر المقبل. وأضاف في تحذيره أن ارتفاع الأسعار قد يزيد على 10 في المئة قبل نهاية العام. لكن بيان البنك أشار إلى أنه على الرغم من ارتفاع معدلات التضخم بسبب الحرب، فسيكون هناك "تشديد متواضع" للسياسة النقدية "عند الضرورة" في الأشهر المقبلة. وتلك لهجة أخف بكثير من بيان البنك الشهر الماضي، حين كان قوياً الحديث عن احتمالات استمرار رفع سعر الفائدة الأساسية.

فرص النمو متراجعة
ويرى باحثون أن تردد البنك المركزي في تشديد السياسة النقدية (أي رفع سعر الفائدة بنسبة أكبر ووتيرة أسرع) يعود إلى خشيته من الضغط على فرص النمو الاقتصادي المتراجعة بالفعل في بريطانيا. ونقلت صحيفة الـ "تايمز" عن الباحثة الاقتصادية في "مورغان ستانلي"، برونا سكاريكا، قولها "لطالما كان تركيز البنك على معدلات التضخم في المدى المتوسط، والأحداث منذ فبراير (شباط) دفعت معدلات التضخم في الأمد القصير إلى الارتفاع بشدة، لكنها تشير إلى توقعات بالتراجع في المدى المتوسط". وتوقعت أن يرفع "بنك إنجلترا" سعر الفائدة مجدداً في مايو (أيار) المقبل.

ويقدّر البنك المركزي البريطاني أن ارتفاع معدلات التضخم والضغط على مستوى معيشة الأسر البريطانية نتيجة ارتفاع الأسعار الهائل يؤدي إلى تراجع الإنفاق الاستهلاكي وتباطؤ النمو الاقتصادي، ما يمكن أن يخفف من حدة ارتفاع معدلات التضخم. لكن احتمالات استمرار الضغط على الأسر البريطانية نتيجة ارتفاع الأسعار وزيادة كلفة الاقتراض مع رفع سعر الفائدة، يمكن أن تؤدي إلى ركود اقتصادي. ويعبر اقتصاديون ومحللون عن وجهة نظر أكثر تشاؤمية تذكّر بأزمة ارتفاع أسعار الطاقة في سبعينيات القرن الماضي، وكيف أن ذلك يمكن أن يقود إلى كساد اقتصادي طويل الأمد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الضغط على الأسر البريطانية

ويعاني البريطانيون بالفعل من ارتفاع مستمر في الأسعار منذ نهاية العام الماضي، يعود في أغلبه إلى الارتفاع الهائل في أسعار الطاقة والغذاء عالمياً. ومع رفع سعر الفائدة، ولو بمعدل بسيط، سترتفع الفائدة على القروض العقارية ما يعني زيادة كبيرة في الإنفاق الشهري للأسر، بخاصة وأن أغلب البريطانيين يملكون بيوتهم التي يسكنونها ويدفعون أقساط رهن عقاري شهرية. ويتوقع أن يرتفع متوسط الفائدة على القروض العقارية من 1.5 في المئة إلى 3 في المئة قبل نهاية هذا العام، بحسب تقديرات "كابيتال إيكونوميكس". أي أن أقساط الفائدة الشهرية التي تدفعها الأسرة البريطانية على قرض السكن ستتضاعف.
يُضاف ذلك إلى استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، وتكاليف المواصلات وتدهور الخدمات العامة، ناهيك عن بند الإنفاق الرئيس الذي يزيد منذ الصيف الماضي، ألا وهو فواتير الغاز والكهرباء. فقد رفعت الهيئة المنظمة لسوق الطاقة في بريطانيا (أوفجيم) سقف الأسعار في أكتوبر (تشرين الأول) 2021. ورفعته مجدداً بنسبة 54 في المئة، تبدأ أول أبريل (نيسان) المقبل. ويُتوقع أن يرفع ذلك السقف مرة أخرى هذا العام، بنسبة 35 في المئة إضافية.
وما يزيد الضغط على الأسر البريطانية أيضاً، قرار وزير الخزانة ريشي سوناك، تجميد تعديل شرائح ضريبة الدخل، ما يعني أن العاملين سيضطرون إلى دفع ضرائب أكثر حتى دون أن تعلن الحكومة زيادة معدلات الضرائب. ويقدّر معهد الدراسات المالية أن تجميد شرائح ضريبة الدخل سيزيد عائدات الضرائب للخزينة بنحو 27 مليار دولار (20.5 مليار جنيه استرليني).
ذلك على الرغم من أن تأثيرات الحرب في أوكرانيا والعقوبات التي صاحبتها لم تظهر كاملة بعد. ويتوقع أغلب الاقتصاديين أن يستمر النقص في البضائع ومكونات الإنتاج المستوردة، ما يعني زيادة الكلفة،  بالتالي زيادة الأسعار للمستهلك النهائي.