أخفق مجلس النواب العراقي، الأربعاء 30 مارس (آذار)، للمرة الثالثة على التوالي في عقد جلسة لانتخاب رئيس جمهورية جديد للبلاد.
وسبق أن عقد البرلمان جلستين إحداها بعد انتخاب رئيس وأعضاء مجلس النواب والأخرى يوم السبت الماضي، وفي كلتيهما فشل في تحقيق النصاب القانوني لعقدهما بسبب احتدام الخلاف بين التحالف الثلاثي (الكتلة الصدرية، الحزب الديمقراطي الكوردستاني، تحالف السيادة)، والإطار التنسيقي الذي يضم قوى سياسية شيعية.
وقررت رئاسة البرلمان تحويل الجلسة إلى اعتيادية ليضم جدول أعمالها "تشكيل اللجان النيابية الدائمة".
وقالت الدائرة الإعلامية للبرلمان في بيان مقتضب، إن الحلبوسي افتتح الجلسة الاعتيادية السادسة من دون الكشف عن أعداد النواب الحاضرين.
وبعد فشل محاولة أولى في السابع من فبراير (شباط) الماضي، أعلن البرلمان العراقي السبت الماضي عدم تمكنه مجدداً من انتخاب رئيس للجمهورية بسبب عدم اكتمال نصاب الثلثين (أكثر من 220 نائباً من أصل 329) بسبب مقاطعة الإطار التنسيقي الذي يمثل أحزاباً شيعية بارزة، مثل كتلة "دولة القانون" التي يترأسها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وتحالف "الفتح"، المظلة التي تنضوي تحتها فصائل "الحشد الشعبي" الموالية لإيران.
وهناك 40 مرشحاً لمنصب رئاسة الجمهورية، لكن المنافسة الفعلية تنحصر بين شخصيتين تمثلان أبرز حزبين كرديين، الرئيس الحالي منذ العام 2018 ومرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني برهم صالح، ومرشح الحزب الديمقراطي الكوردستاني ريبر أحمد.
ويفترض أن يحصل المرشح على أصوات ثلثي النواب ليفوز.
محاسبة النواب المتغيبين
وعشية انعقاد الجلسة، وجه القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، هوشيار زيباري، الثلاثاء 29 مارس، رسالة إلى البرلمان، بشأن محاسبة النواب المتغيّبين عن جلسة الغد والمخصصة لتمرير رئيس الجمهورية.
وقال زيباري في تغريدة عبر "تويتر"، "هل تمتلك هيئة رئاسة البرلمان المنتخبة الشجاعة والجرأة لمحاسبة النواب المقاطعين لجلسة البرلمان بالأسماء والقوائم؟"، مناقضين "التزاماتهم الدستورية والقانون رقم 13 لعام 2018، لأن هناك نصوصاً صريحة بوجوب حضورهم جلسات المجلس، ولا اجتهاد في مورد النص". وأضاف زيباري، "نأمل أن تمضي جلسة الغد على خير".
"منع مكون من استحقاقه"
في المقابل، أكد رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، أن "جلسة البرلمان الأربعاء لن تختلف عن جلسة السبت الماضي، لأن منع مكون أصيل من مكونات الشعب العراقي من استحقاقاته سيضر بعملية التوازن الوطني، ويعرض العملية السياسية لمخاطر كبيرة".
وأشار المالكي إلى أن "قوى الإطار (التنسيقي) وحلفاءه ما زالت متمسكة بالحوار، وتدعو إلى إنهاء حالة الانسداد السياسي من أجل الإسراع في تشكيل حكومة قوية منسجمة تلبي طموح العراقيين جميعاً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تفشل من جديد
بدوره، أكد النائب عن "تحالف الفتح" رفيق الصالحي، أن "جلسة البرلمان ليوم الأربعاء، المخصصة للتصويت على مرشح رئاسة الجمهورية ستفشل من جديد"، موضحاً أن "السبب في ذلك هو عدم وجود أي اتفاق وتوافق بين القوى السياسية، وخصوصاً بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، فلا يمكن عقد هذه الجلسة من دون وجود اتفاق مسبق عليها".
وأكد الصالحي أن "الثلث الضامن، ما زال موجوداً وبقوة وهو سيفشل أي جلسة. كما أن عدد نواب الثلث الضامن ارتفع بشكل كبير عن عدد جلسة السبت الماضي، ولهذا لا خيار أمام التحالف الثلاثي إلا الحوار والتفاوض مع قوى الثلث الضامن".
ماذا بعد الإخفاق؟
وتحدث الباحث القانوني علي التميمي، حول مجريات جلسة الأربعاء وما يترتب عليها في حال أخفق البرلمان في انتخاب رئيس الجمهورية، فقال، إنه "وفق قرار المحكمة الاتحادية بفتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية لمرة واحدة فقط، رقم 24 لعام 2022، فإن أمام رئاسة البرلمان مهلة 30 يوماً، وفق المادة 72 ثانياً من الدستور العراقي، أي من تاريخ 6 مارس الحالي حتى 6 أبريل (نيسان) المقبل، يتم خلالها انتخاب رئيس الجمهورية بشكل ملزم". وأضاف التميمي أنه "بعد جلسة 26 مارس التي أُجلت للـ30 منه، يمكن لرئاسة البرلمان تأجيلها مرة أخرى إذا أخفق البرلمان في انتخاب رئيس الجمهورية لغاية 6 أبريل فقط"، مشيراً إلى أنه "في حال تجاوز المدة، نكون أمام مخالفة صريحة لقرار المحكمة الاتحادية العليا التي أجازت فتح باب الترشيح لمرة واحدة، ونصبح أمام فشل غير قابل للحل".
وأوضح التميمي أنه "ربما يتكون المشهد المقبل من خلال حل البرلمان بطلب من ثلث الأعضاء وموافقة الأغلبية المطلقة وفق المادة 64 من الدستور، أو استفتاء المحكمة الاتحادية العليا إذا تم ذلك لتبيان المنفَذ الدستوري"، مضيفاً "وربما نكون، في حال حصل ذلك، أمام انتخابات مبكرة جديدة وتستمر الحكومة الحالية بتصريف الأعمال".
وبحسب التميمي، فإنه "في حالة البدء بالتصويت على اختيار رئيس الجمهورية الجديد الذي اشترط قرار المحكمة الاتحادية بفتح الجلسة بوجود أغلبية ثلثي مجموع العدد الكلي لأعضاء البرلمان، أي 220 نائباً، وأن يكونوا حاضرين عند بدء التصويت وفق قرار المحكمة الاتحادية بفتح باب الترشيح، بهذه النسبة في الجولة الأولى، وإذا لم يحصل أي من المرشحين على هذه النسبة نكون أمام جولة ثانية ينحصر فيها التنافس بين المرشحين الحائزين على أعلى عدد من الأصوات".
وتابع أن "رئيس الجمهورية يؤدي اليمين الدستورية أمام البرلمان وبحضور رئيس المحكمة الاتحادية وفق المادة 70 من الدستور والقانون 8 لعام 2012"، مبيناً أنه "يتم الانتخاب بالاقتراع السري المباشر بوضع الأوراق في الصندوق، في الجولتين، ويمكن أن يتم التصويت على رئيس الجمهورية وتكليف رئيس الحكومة في يوم واحد".
وأشار التميمي إلى أن "رئيس الجمهورية يكلف مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً خلال 15 يوماً من أدائه اليمين ويكلفه بتشكيل الحكومة والمنهاج الحكومي خلال 30 يوماً من تكليفه وفق المادة 76 من الدستور بكافة تفاصيلها".