Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

على غرار "السيناريو الليبي"... مخاوف تونسية من انقسام السلطة

برلمان الإخوان "المجمد" يدعو لجلسات افتراضية... وقيس سعيد يرفض

أعلن مكتب البرلمان المجمد انعقاد جلسة عامة "افتراضية" في 30 مارس لإلغاء الإجراءات الاستثنائية (رويترز)

حالة من الجدل ما زالت تسيطر على الأجواء في تونس، بسبب تجميد عمل مجلس نواب الشعب، وفي تطور جديد، أعلن مكتب البرلمان المجمد انعقاد جلسة عامة "افتراضية" يوم 30 مارس (آذار) الحالي، لإلغاء الإجراءات الاستثنائية، التي أقرها سابقاً رئيس الجمهورية، قيس سعيد، في الخامس والعشرين من يوليو (تموز) الماضي، بالإضافة إلى عقد جلسة أخرى يوم الثاني من أبريل (نيسان) المقبل، للنظر في الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية الخطيرة التي تمر بها البلاد.
وأثارت الدعوة مخاوف المهتمين بالشأن العام في تونس من إمكانية السير نحو "السيناريو الليبي"، لكن قابلها الرئيس سعيد بالاستهجان والسخرية. يشار إلى أن مكتب مجلس نواب الشعب، المعلقة صلاحياته، عقد جلسة صباح الاثنين 28 مارس، برئاسة راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة، وحضور أغلبية أعضائه. وحسب بيان نشره المكلف بالإعلام، ماهر مذيوب، نظر الاجتماع في طلب كتابي مقدم من 30 نائباً لعقد جلسة عامة لإلغاء العمل بالإجراءات الاستثنائية، وطلب ثانٍ بعقد جلسة للنظر في الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية الخطيرة. وبعد التداول في هذه النقاط، أقر مكتب المجلس المجمّد عقد الجلستين المذكورتين.

خارج الفضاء

وعلّق الرئيس التونسي، قيس سعيد، على مطالب عقد جلسة عامة للبرلمان. وقال "من يرد أن يجتمع فليجتمع في المركبة الفضائية في السماء، لأن المجلس مجمّد، وأي قرار سيتم اتخاذه فهو خارج الفضاء والتاريخ والجغرافيا". وأضاف خلال لقائه برئيسة الحكومة نجلاء بودن، يوم السبت 26 مارس، أن "مَن يحلم بالعودة للوراء فهو واهم، لن تتحقق أضغاث أحلامه".

لكن لم يخف الناطق الرسمي للتيار الشعبي، محسن النابتي، المساند لرئيس الجمهورية، مخاوفه من الدعوات لانعقاد جلسات لمجلس النواب المعلقة اختصاصاته. وقال "كان على قيس سعيد التدخل بالقوة منذ أن اجتمع هؤلاء النواب المجمدون في أولى جلساتهم الافتراضية".

ويرى النابتي، أن "دعوة الغنوشي لجلسة عامة هي عملية تمادٍ في محاولة منه لتقسيم السلطة، وفرض التنازع في البلاد، على غرار ما فعله تنظيم الإخوان في ليبيا، وأكثر من مكان بالمنطقة العربية"، وهذا حسب اعتقاد النابتي، "تراخٍ من الدولة مع الاجتماعات التي عقدها سابقاً مكتب مجلس النواب المجمد".

وفي تصريح خاص لـ"اندبندنت عربية"، اعتبر النابتي "الدعوة اليوم لعقد جلسة عامة تمرداً على الدولة، وعلى رئيس الجمهورية، الذي أقسم أمام الدستور أن يحافظ على وحدة الدولة، وأن يستعمل كل صلاحياته القانونية والأخلاقية، وبخاصة الشعبية، لردع عملية التمرد هذه"، وإلا "ستسير تونس نحو السيناريو الليبي"، لا سيما في ظل الدعم الأجنبي لراشد الغنوشي، "فليس من الصدفة أن يجتمع بنائبة وزير الخارجية الأميركي في تونس قبل أيام".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


اللعب بالنار

من جهة أخرى، عبّر الكاتب الصحافي، صغير الحيدري، عن اعتقاده بأنه "من السابق لأوانه الحديث عن انقسام شبيه بذلك الذي شهدته ليبيا بعد انتخابات البرلمان، التي أخفق فيها تنظيم الإخوان آنذاك، فانقلبوا على النتائج"، معرباً عن أسفه مما سماه "اللعب بالنار الخارجي في تونس".

وأوضح، "مع ذلك، هناك تحركات مريبة للأميركان في تونس قد تقود إلى الفوضى، فهم كما يبدو من خلال ما يدور داخل الكواليس، يراهنون على المجتمع المدني والأحزاب، ويدركون أن رئيس الجمهورية لن يلتفت إلى هذه المكونات، فهو لا يعترف بالأجسام الوسيطة، ويرى أن زمنها قد ولى"، معتقداً أن "سيناريو الصدام في المرحلة المقبلة مطروح بشدة".

وواصل الحيدري، "هذه مجازفة أميركية جديدة بالمنطقة، لأن سقوط تونس في الفوضى إلى جانب ليبيا سيكون له عواقب وخيمة على أمن شركائها الأوروبيين، والغرب عموماً على مستوى الهجرة وغيره".

وشدد على أن "ما نتمناه هو أن يفتح الرئيس سعيد جسور التواصل مع النقابات، وبعض الأحزاب، لتفادي هذا السيناريو، لأن الوضع لم يعد يحتمل، ورأينا كيف أطلق الاتحاد أخيراً يد النقابات، ورأينا إضرابات شلت قطاعات حساسة، مثل البريد والبلديات وغيرها". كما يرى أن "على الرئيس سعيد أن يتحرك، لأنه لا بديل عن الحوار لوضع حد لهذا الانسداد، الذي باتت تستثمر فيه قوى أجنبية، وهذا غير مقبول"، حسب تعبيره.

وبشأن هدف الغنوشي الحالي، قال الحيدري، إنه "إرباك قيس سعيد والمسار برمته، لجره إلى الحوار، بخاصة بعد إخفاق الإخوان في تعبئة الشارع"، مفسراً "اليوم يدرك الغنوشي أن سعيد في وضع صعب، بسبب مواجهة ضغوط الخارج والداخل، خصوصاً ضغوط اتحاد الشغل".

استقالات داخل "النهضة"

على الجانب الآخر، كتب هشام العجبوني، القيادي في التيار الديمقراطي، المعارض لمسار قيس سعيد، في تدوينة، "أعيدها وأكررها، وجود راشد الغنوشي في المشهد السياسي والبرلماني يعرقل أي إمكانية لإيجاد حل قد يخرج البلاد من أزمتها، وهو يمثل أكبر حليف موضوعي لقيس سعيد".

ويشار إلى أن عدداً من البرلمانيين التونسيين طالبوا، قبل أيام قليلة، بضرورة عقد جلسة عامة للبرلمان. وقال النواب (27 من أصل 217) في بيان لهم، إنه و"بعد ثمانية أشهر من الإجراءات الاستثنائية، تأكد الانحراف بكل ما تم الإعلان عنه، ولم يتم تحقيق أي شيء، حتى إن الدولة باتت في حالة تعثر وانسداد".

كما ندد البرلمانيون التونسيون، في بيانهم، بما اعتبروه "استحواذ الرئيس سعيد على كل السلطات والحكم الفردي". وقالوا إن "سعيد فشل في تحقيق ما وعد به من إصلاحات ومحاربة الفساد، حتى إن الأزمة تعمقت اقتصادياً واجتماعياً".

وورد في وسائل إعلام محلية أن مكتب نواب الشعب المجمد عاين في يوم الاثنين 28 مارس، استقالة ثمانية نواب من كتلة حركة النهضة. ومن المنتظر الإعلان عن هذه الاستقالات في بداية الجلسة العامة، التي ستنعقد افتراضياً يوم الأربعاء 30 مارس الحالي.

المزيد من العالم العربي