Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قلعة صافيتا... برجها الأثري الأشهب يروي الحكاية

أكثر نقاط شبكة "الخط الدفاعي" استراتيجية لإشرافها على الساحل ومجموعة حصون وقلاع حربية

بني الطابق الثاني على ركائز ثلاث من الأعمدة الضخمة تستند إليها عقود متصالبة  (اندبندنت عربية)

كان برج صافيتا قديماً عبارة عن قلعة ضخمة تدعى "القلعة البيضاء"، بقي منها اليوم برجها الأثري وأسوار خارجية تتماشى مع الخطوط العامة للمرتفع الصخري المتطاول الذي تتموضع عليه آخذة شكلاً شبه بيضاوي، وقد ظل البرج محافظاً على ملامحه حتى نهاية القرن التاسع عشر، قبل أن تبدأ عمليات بناء المنازل التقليدية حوله وضمن أسواره، بغرض توسيع المدينة، مما أدى إلى تغطية أجزاء كبيرة منه.

يقودنا إلى برج صافيتا طريق مرصوف بالحجارة البازلتية السوداء، وأول ما يتراءى لنا بقايا السور من جهة الشرق، تتقدمه بوابة تعلوها قنطرة، تقود الزوار إلى المدخل الرئيس إليه، ما إن نتجاوزها حتى تطل واجهة البرج الشرقية كاشفة إياه بكامل هيئته، الذي تروي حجارته المرممة حكاية زلازل مدمرة، أدى أحدها إلى انهيار الطابق العلوي، أما مدخل البرج فيقع في الجهة الغربية وينفتح مباشرة على الكنيسة.

أخذ برج صافيتا اسمه الحالي من اسم المدينة، بينما كان يسمى في فترة الحروب الصليبية شاستيل بلانك Chastel Blanc أو القلعة البيضاء، نسبة إلى حجارته الكلسية البيضاء، ويبدو التاريخ القديم للقلعة غامضاً، فبحسب فولفغانغ مولر فينز، المؤرخ الألماني والباحث في تاريخ العصور الكلاسيكية، "فقد ورد ذكر القلعة لأول مرة عندما احتلها أتابك حلب نور الدين، ولكن لا بد أن يكون الفرنجة قد قاموا بعمل ما فيها في تاريخ سابق، وسرعان ما استردوها، ثم انتقلت بعد ذلك إلى عهدة فرسان الداوية (فرسان الهيكل) الذين جددوا القلعة بعد الهزة الأرضية التي حدثت عام 1170، وفي عام 1171 تسبب هجوم آخر شنه نور الدين في تخريبها مجدداً، ثم جددت القلعة مرة أخرى بعد هزة أرضية عام 1202، ويرجح أن يكون البرج المحصن في هيئته الحالية عائداً إلى تلك الحقبة". سقطت القلعة في يد العرب عام 1271، بعد أن حاصرها السلطان الظاهر بيبرس لفترة قصيرة، وانطلق منها لمحاصرة قلعة الحصن.

أعلى تلة

هو المَعلم الرئيس لمدينة صافيتا السورية، يتوسطها ويبرز بشكل واضح في صورها متموضعاً على أعلى نقطة في المدينة، ويتوسط أرواد وحصن سليمان كما يقع في منتصف الطريق بين طرطوس وقلعة الحصن التي تشكل معها نقطة حماية مهمة على شبكة الخط الدفاعي المعروف (قلعة صافيتا والحصن وصلاح الدين ومصياف)، ويعد أكثر نقاط الشبكة استراتيجية لإشرافه على الساحل ومجموعة حصون وقلاع حربية، منها الحصن ويحمور والعليقة والعريمة وصلاح الدين، إذ كان يستخدم قديماً كنقطة اتصال وإيصال رسائل وإشارات ضوئية نارية ودخانية فيما بينها.

 

 

التكوين المعماري للبرج

يستند البرج بداية على أساسات كنعانية، تظهر بشكل جزئي من الجهتين الشرقية والشمالية، وهو مؤلف من ثلاثة طوابق، الأرضي تؤسس جدرانه مداميك حجرية وسقوف نصف دائرية، تشير المصادر إلى "أنه كان يستخدم مخزناً للمؤن ومستودعاً للأسلحة، تؤدي بواباتها إلى سراديب وممرات متشعبة في الأسفل".

أما الطابق الأول فعبارة عن كنيسة مكرسة للقديس ميخائيل، والثاني عبارة عن قاعة مفتوحة تشكله سلسلة من الأعمدة العملاقة، تؤدي بدورها إلى السطح الذي يتميز بشرفات مبنية من صخور ضخمة تظهر بعضها بشكل واضح بفتحاتها الدفاعية وترى من السطح بالعين المجردة قلاع طرابلس العريقة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كنيسة البرج

يعود تاريخ الكنيسة إلى أواخر القرن الثاني عشر وأوائل القرن الثالث عشر، تذكر بعض المراجع أن البطريرك "مكاريوس ابن الزعيم" زار صافيتا عام 1652، وقدّس في البرج وأطلق على كنيسته اسم "مار ميخائيل"، تنفتح الكنيسة مباشرة على الباب الرئيس للبرج، ويقسم قوسان بارزان مساحتها إلى ثلاثة أروقة، إذ تتمدد الأقواس حول سطح السقف بشكل مدبب، لتقسم الكنيسة نظرياً، وتساعد على توزيع الفتحات بشكل متساوٍ في منتصف جدار كل رواق من الجهتين، إلى أن تنتهي المساحة شرقاً بمحراب نصف دائري، تتوزع على كل جانب من جوانبه غرفة مخصصة للطقوس الدينية، لتحاكي عمارة الكنيسة نمط البناء المتبع في الفترة الأولى من القرن الثاني عشر. ونجد في الجهة الجنوبية الغربية لقاعة الكنيسة، درجاً يخترق الحائط ويقود إلى الطابق الثاني، حيث تعلو الكنيسة قاعة من جناحين.

الطابق الثاني

بني الطابق الثاني، الذي يرجح أن يكون مستودع أسلحة أو قاعة اجتماعات، في أوائل القرن الثالث عشر، على ركائز ثلاث من الأعمدة الضخمة النافرة، تستند إليها عقود متصالبة، ليعطي التشكيل النهائي صورة سقف مضلع تقطعه أقواس مدببة، أقرب إلى التكوينات الغوطية المنبثقة من العمارة البيزنطية، فجاءت الأقواس على النمط الغوطي مع السقف المقبب والأقبية المقسمة إلى عقود طولية وعرضية مع أضلاع متقاطعة.

كما تأخذ نوافذ القاعة تكويناً متدرج الحجم يبدأ من الداخل بحجم أكبر، ثم يضيق تدريجياً حتى ينتهي بفتحة طويلة مستطيلة الشكل قليلة العرض، كانت تستخدم لغايات دفاعية. واللافت في هذا التكوين أن الأعمدة لا تستمر في أساساتها إلى الجزء الأسفل، بل يتوقف امتدادها عند أرضية القاعة، وهو أمر حيّر الباحثين، نظراً إلى الحمل الذي يفرضه ثقل الأعمدة على الكنيسة من الأعلى، ودفع البعض إلى اعتبارها أعجوبة هندسية.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات