وادي الباذان شمال شرقي مدينة نابلس، من المواقع السياحية والأثرية المهمة، في الضفة الغربية. فالمياه دائمة الجريان فيه إذ يوجد سبعة ينابيع، ما جعله مقصداً يستهدفه نحو 600 ألف سائح فلسطيني وأجنبي. لا يهرب الفلسطينيون في الضفة الغربية إلى أحراش شجر الحور والكينا والصفصاف والجداول والينابيع الباردة في وادي الباذان، من حر الصيف فحسب، بل من لهيب غلاء الأسعار أيضاً، في مدن الملاهي وأماكن الترفيه.
يمتاز الباذان بوجود أشجار الفاكهة النادرة، مثل التفاح والقراصية والإجاص والعناب واللوز والتوت وقصب البوص الذي يصنع منه أهالي قرية الباذان سلالاً جميلة ملونة بأشكال مختلفة وبالنقش الفلسطيني.
استجمام وسط الزحام
بعدما استلمت السلطة الفلسطينية عام 1995 الضفة الغربية، انتعشت السياحة في محيط وادي الباذان، فأهالي المنطقة من شمال شرقي مدينة نابلس أقاموا المقاهي والاستراحات والمطاعم والمسابح بجانب ينابيع المياه الباردة وأشجار الفاكهة. فأصبح الوادي من أهم مناطق الجذب السياحي التي تحتوي على متطلبات الاستجمام والراحة والتنزه رخيص الثمن.
أصحاب المنتجعات والمحال التجارية يعبرون عن سعادتهم لتدفق آلاف الزوار إلى منتجعاتهم مع بداية الموسم الصيفي، وانتعاش الحركة الاقتصادية في منطقة وادي الباذان، لكنهم يعربون عن استيائهم من تفضيل عدد كبير من المواطنين الفلسطينيين الذهاب إلى إسرائيل للتنزه والاستجمام، مع العلم أنهم سيدفعون أضعاف ما قد يدفعونه في الوادي.
عامر أبو سعادة، صاحب منتجع الرافدين يتحدث لـ"اندبندنت عربية" عن "الموسم الصيفي الذي بدأ مع شهر رمضان، ما قلل بنسبة كبيرة توافد المواطنين إلى وادي الباذان، لكن نأمل أن يزداد العدد بعد عيد الفطر".
سبع منتجعات والمعضلة واحدة
يعترف سعادة أن ثمة "رتابة" في المنطقة، إذ "لا تتجدد تلك المنتجعات منذ بُنيت قبل أكثر من 15 عاماً، وهناك إهمال كبير في المنطقة من الحكومة الفلسطينية، التي تفكر في افتتاح المجمعات التجارية ومدن الملاهي والمطاعم، ولا تلقي بالاً لإنعاش المنطقة بالمشاريع والخدمات الإضافية". ويضيف أن "المنطقة طبيعية سياحية أثرية تحتاج إلى خطة حكومية جيدة كي تتحسن وترتقي بخدماتها، ومعظم أصحاب المنطقة من المزارعين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويشرح "عَملنا في وادي الباذان موسمي، في فصل الصيف فحسب، وبالتالي فالتاجر والمزارع هنا يحتاج إلي دعم حكومي، وأقل ما يمكن أن تقدمه الحكومة لنا في ظل الظروف الحالية، هو خصومات في دفع الضرائب مثلاً أو تسهيل الإجراءات للبناء في حال رغب أحدهم في افتتاح منتجع جديد بخدمات نوعية".
يسهب سعادة في سرد مشكلات المنطقة، قائلاً "هناك ضعف في البنية التحتية والشوارع الضيقة وسط عدم توفر مواقف للسيارات يزيد الطين بلة، ووجود الشرطة الفلسطينية لتنظيم السير في المنطقة قليل".
أحبه ولكن!
تفضل العائلات الفلسطينية من ذوي الدخل المحدود وادي الباذان على كثير من أماكن الترفيه باهظة الثمن.
تروي ضحى المصري (22 عاماً) لـ"اندبدنت عربية"، "عندما كنت طفلة كنت أراه مكاناً ساحراً بكل ما فيه، وما زال كذلك! لم يتغير. حتى المقاعد والطاولات والبرك في المنتجعات والمطاعم على حالها. وهو ما يجعلني أفكر ملياً قبل زيارته. في حال كان هناك مشروع جديد في المنطقة وخدمات جديدة، بالتأكيد لن أتررد بطلب الراحة والاستجمام في وادي الباذان".
فيما تحافظ ضحى على حبها لوادي الباذان الذي يذكرها بطفولتها، تعارضها دعاء رزق (36 عاماً)، وتقول إن "رخص المنطقة جعلها متاحة لكل الفئات، لكن غياب القوانين الرادعة وإهمال النظافة فيها جعلاها تتحول من منطقة طبيعية خلابة إلى خرابة. من غير المعقول أن منطقة كهذه مليئة بالنفايات والخنازير البرية والذباب والكلاب الضالة، ومشاكل كهذه كفيلة بعدم ذهابي إلى الباذان. وما يجري هو بقرار من أصحاب المنتجعات الذين يعجزون عن دفع الأموال لتطوير وتجميل وتحسين المنطقة. أنا كمواطنة من مدينة نابلس أفضل الذهاب إلى مكان سياحي آخر حتى وإن كان باهظ الثمن وفي مدينة أخرى مقابل الشعور بالراحة الحقيقية والنظافة والاستجمام، بعيداً من الزحام وضيق المساحة والذباب كما في وادي الباذان".