Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سوريو مصر... آمال العودة تنتعش لكن المخاوف قائمة

أجمعوا على أن مستقبل البلاد لا يزال غامضاً وعبروا عن خشيتهم من الفوضى ودور الإسلاميين في المرحلة المقبلة

يرى بعض السوريين أن الضغوط الاقتصادية ستدفع شريحة منهم لعدم العودة إلى البلاد (أ ف ب)

ملخص

رغم فرحتهم بسقوط نظام الأسد فإنهم يتخوفون من دور الإسلاميين في الفترة الانتقالية، "غالبية من وقف في صف المعارضة هم ثوار حقيقيون، لكن الإسلاميين يمتلكون الخطابة والقدرة على دغدغة العواطف، مما يثير القلق من استغلالهم لتلك العواطف في مرحلة إعادة بناء الدولة. وجود الجولاني يمثل مصدر قلق بالنسبة إلى كثيرين. ورغم ظهوره أخيراً بمظهر أكثر انفتاحاً واستعداده لتصفية (هيئة تحرير الشام)، فإننا نخشى من قربه من الإخوان ومحاولته استغلال الدين لتحقيق مكاسب سياسية".

سقطت البلدات السورية واحدة تلو الأخرى، وتمكنت المعارضة المسلحة من السيطرة على دمشق بسهولة، بينما فر بشار الأسد بعد أن حاصره معارضوه وطوقوا العاصمة. هذا المشهد الذي أنهى حقبة من الصراع الدموي في سوريا، كان له صدى واسع لدى السوريين المقيمين في القاهرة الذين احتفلوا برحيل الأسد بعد 13 عاماً من الحرب المدمرة التي أرهقت البلاد.

وعلى رغم أجواء الاحتفال بسقوط النظام وفقدانه الدعم الجوي الروسي والمساندة الميدانية من إيران و"حزب الله"، سادت حال الترقب بين السوريين بالقاهرة تجاه مستقبل سوريا، إذ لجأ نحو 1,5 مليون سوري إلى مصر، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة استناداً إلى بيانات الحكومة. ومن بين هؤلاء، هناك نحو 150 ألف لاجئ تقريباً مسجلين لدى الأمم المتحدة.

أين نذهب؟

لم يكن رئيس الهيئة العامة لشؤون اللاجئين السوريين في مصر تيسير النجار بمنأى عن هذه المخاوف إذ أكد أن عودة السوريين قد تستغرق وقتاً طويلاً بسبب "الدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحتية والمنازل جراء الحرب".

يقول النجار، لـ"اندبندنت عربية"، "البراميل المتفجرة هدمت بيوتنا. شخصياً، كنا نملك في سوريا سبعة منازل، لكن لم يتبق منها سوى منزل مدمر جزئياً. مزارعنا أحرقت، محالنا دمرت، وبيوتنا نهبت. إعادة بناء ما تهدم لن تكون سهلة". مرجحاً أن أول من سيعود إلى سوريا هم "السوريون المقيمون في المخيمات، مثل سكان مخيم الزعتري في الأردن، ومخيمات لبنان، والدول المتاخمة لسوريا".

 

لكن النجار وعلى رغم فرحته بسقوط نظام الأسد فإنه يتخوف من دور الإسلاميين في الفترة الانتقالية، "غالبية من وقف في صف المعارضة هم ثوار حقيقيون، لكن الإسلاميين يمتلكون الخطابة والقدرة على دغدغة العواطف، مما يثير القلق من استغلالهم لتلك العواطف في مرحلة إعادة بناء الدولة. وجود الجولاني يمثل مصدر قلق بالنسبة إلى كثيرين. وعلى رغم ظهوره أخيراً بمظهر أكثر انفتاحاً واستعداده لتصفية (هيئة تحرير الشام)، فإننا نخشى من قربه من الإخوان ومحاولته استغلال الدين لتحقيق مكاسب سياسية".

وعمل الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام (المعروفة سابقاً بجبهة النصرة)، التي كانت تمثل فرع تنظيم "القاعدة" في سوريا، على تغيير الصورة الذهنية التي التصقت به، من خلال تقديم نفسه بصورة أكثر اعتدالاً، وتحسين صورته أمام المجتمع الدولي والمحلي على حد سواء.

هواجس العودة

مسؤول الائتلاف الوطني السوري المعارض في القاهرة عادل الحلواني، اعتبر "الضغوط الاقتصادية دافعاً لشريحة من السوريين لعدم العودة إلى سوريا، وتفضيل البقاء في دول اللجوء". يقول، "تغيرت ديموغرافية عديد من المناطق التي كنا نعيش فيها، والحارة التي أسكنها أصبحت غريبة عني، إذ يقيم بها جنسيات متعددة".

التأقلم مع المتغيرات التي صنعها بشار الأسد خلال فترة حكمه صعب للغاية، وفقاً للحلواني، "أشعر كأن الزمن توقف 13 عاماً. نخشى أن يعود الخراب إلى البلاد، والوضع لا يزال غير مستقر، والمستقبل يظل غامضاً"، لافتاً إلى استمرار حالة عدم الاستقرار مع استمرار الهجمات الإسرائيلية على أنحاء متفرقة بسوريا.

وواصلت إسرائيل استهداف البنى التحتية في سوريا، بما في ذلك الهجمات على قواعد جوية في مختلف أنحاء البلاد. كما أعلنت عن خطط لتكثيف ضرباتها الجوية على مخازن الأسلحة المتطورة في سوريا. في حين تقدمت قواتها داخل المنطقة العازلة في الجولان، وهو ما اعتبرته الأمم المتحدة "انتهاكاً" لاتفاق فض الاشتباك بين إسرائيل وسوريا، الذي جرى توقيعه عام 1974.

 

ولا يجد محمد جمال، سوري مقيم في القاهرة، غادر بلاده عام 2018 تجنباً للالتحاق بالخدمة العسكرية، ما يدفعه إلى القلق من العودة إلى وطنه، يقول لـ"اندبندنت عربية"، "غادرت سوريا بسبب الخوف من التجنيد، واستكملت دراستي في القاهرة. الآن، أعتزم العودة للمساهمة في إعادة إعمار بلدي".

ويستشهد جمال بوقائع تزيد من رغبته العودة إلى الوطن، "لدي شقيقان قيد الاعتقال في سجون النظام، ووالدي بحث عنهما على مدى ثلاثة أعوام من دون جدوى. لكننا تلقينا أخيراً معلومات جديدة عن مكانهما بعد سقوط بشار الأسد".

وعلى رغم المخاوف المتعلقة بالفترة الانتقالية، قال جمال، "نعلم أن البداية ستكون فوضوية، لكننا نؤمن بأن هذه الفوضى لن تدوم طويلاً. سوريا في حاجة إلى عملية بناء شاملة بعد 13 عاماً من الحرب، ومعظمنا فقد أقارب، والسلمية أمر بات متوافقاً عليه داخلياً".

وتتفق السورية دانية الحلبي مع الرأي السابق، "عندما وصلنا إلى مصر، كان من المستحيل العودة إلى سوريا بسبب غياب مقومات الحياة الأساسية، مثل الكهرباء والمياه، لكننا الآن نستعد للعودة، نحن نترقب العودة قريباً. ولا نعلم إن كنا سنغلق مشاريعنا في مصر أو نستمر في العمل بين البلدين، لكننا متفائلون بالمستقبل، ولم نتوقع سقوط النظام بهذه السرعة".

وتعد الحلبي أن "أسوأ من نظام الأسد مستحيل أن يأتي، فقد أسهم في تدهور البلاد. وعلى رغم أن سوريا غنية بالثروات والموارد، فإن النظام أفقدها القدرة على الاستفادة منها. ومهما كان المستقبل، فلن يكون أسوأ من الماضي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مستقبل غامض

بينما اختار خليل الرفاعي الاستقرار في مصر، إذ تزوج من مصرية أخيراً. مشيراً إلى أن ظروفه الشخصية والأوضاع العامة في سوريا كانت عوامل حاسمة في قراره. يقول "في عام 2019، بعد المصالحات، كنت على وشك العودة إلى سوريا، لكن جائحة كورونا أجبرتني على البقاء في مصر".

وعبر خليل عن قلقه من الوضع الأمني والاقتصادي في سوريا، "ما يقلقني هو المستقبل الغامض للبلاد. تركت شقيقاتي هناك، والوضع يزداد سوءاً. أخشى أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه من قتل ونهب. لا أزال أتذكر أصدقاء فقدتهم، وأفكر في مصانع الكبتاغون التي أدارها النظام، وأثرت في الشباب هناك، وهو ما يجعل العودة مسألة صعبة بالنسبة لي".

وأشار الرفاعي إلى أن غالبية السوريين في مصر لا يرون العودة خياراً مناسباً في الوقت الحالي، "لا أحد سيترك عمله هنا. معظم السوريين يعملون في مهن متعددة، ويعدون البقاء في مصر أكثر استقراراً في هذه المرحلة".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات