في المملكة المتحدة، أجازت الهيئة المعنية بتنظيم الأدوية استخدام دواء ثانٍ مضاد للفيروسات يخفض إلى حد كبير خطر الدخول إلى المستشفى والوفاة بسبب "كوفيد-19".
الدواء اسمه "باكسلوفيد" Paxlovid، ويُعطى على شكل حبوب فموية للأشخاص المصابين بحالة خفيفة إلى متوسطة من "كوفيد-19"، المعرضين لتطوير مضاعفات صحية خطيرة [تهدد حيواتهم].
تجيء إجازة "باكسلوفيد" في المملكة المتحدة بعد أن نهضت "هيئة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية"Medicines and Healthcare products Regulatory Agency البريطانية بـ"مراجعة صارمة" للدواء تفحّصت مدى مأمونية استخدامه وجودته وفاعليته.
كيف يعمل "باكسلوفيد"؟
يجمع "باكسلوفيد" بين مكونين نشيطين، هما "بي أف- 07321332" (PF-07321332)، و"ريتونافير" ritonavir، يعملان من طريق الحيلولة دون تكسّر البروتينات اللازمة لعملية التكاثر الفيروسي، ما يمنع [خلايا] "سارس-كوف-2" من التضاعف والتكاثر في الجسم بعد التقاط العدوى، ويبقي تالياً مستويات الفيروس منخفضة، مساعداً الجهاز المناعي في التغلب على هذا العامل الممرض.
يبطئ المكون "ريتونافير" عملية التفكك في الجسم التي يمر بها المكون الثاني للدواء، ألا وهو "بي أف- 07321332"، معززاً في النتيجة فاعلية "باكسلوفيد". تذكيراً، استخدم هذا المكون الطبي جنباً إلى جنب مع بعض أدوية فيروس "نقص المناعة البشرية" HIV (الإيدز) طوال سنوات عدة من أجل "تعزيز" تأثيرها في الجسم.
كيف يؤخذ الدواء؟
ولكن المادتين الفاعلتين لدواء "باكسلوفيد" تأتيان على شكل حبتين منفصلتين تؤخذان في وقت متزامن مرتين يومياً، وذلك طوال خمسة أيام متتالية.
سيكون "باكسلوفيد" متاحاً لمن خضعوا أخيراً لفحوص الكشف عن الفيروس وثبتت إصابتهم بـ"كوفيد-19" (نتيجة موجبة)، ويعتبرون عرضة للخطر [خطر مواجهة مضاعفات صحية]، بمن فيهم الفئة العمرية ما فوق 60 عاماً، ومن يعانون داء السكري أو مرضاً في القلب.
ما مدى فاعلية "باكسلوفيد"؟
يُعطي "باكسلوفيد" المضاد للفيروسات فاعلية قوية جداً. وتكشف بيانات مستقاة من تجارب سريرية نشرتها "فايزر"، الشركة المصنعة للدواء، عن أنه يخفض معدلات الدخول إلى المستشفى والوفاة بنحو 90 في المئة بين أوساط مرضى "كوفيد-19" المعرضين للخطر.
نظرت الدراسة التي تولّتها "فايزر" في معدل الدخول إلى المستشفى أو الوفيات في أوساط 775 شخصاً لم يتلقوا اللقاح المضاد لفيروس "كورونا"، وقد تأكدت إصابتهم بحالة خفيفة إلى متوسطة من "كوفيد-19". كان لدى هؤلاء المرضى عامل خطر واحد على أقل تقدير، من قبيل السمنة أو الشيخوخة، للإصابة بشكل شديد من المرض. وبدأوا بتناول العلاج في غضون ثلاثة إلى خمسة أيام من ظهور الأعراض عليهم، واستمروا على هذا المنوال لمدة خمسة أيام.
وجدت الدارسة أن 0.8 في المئة من أولئك المرضى الذين شرعوا بتناول دواء "فايزر" في غضون ثلاثة أيام من ظهور الأعراض عليهم احتاجوا إلى دخول المستشفى. ولم يفارق أي منهم الحياة بعد مضي 28 يوماً من تلقي العلاج. في المقابل، بلغ معدل الدخول إلى المستشفى سبعة في المئة لدى المرضى الذين عولجوا بعقار وهمي [مجموعة الضبط]. كذلك شهدت هذه المجموعة سبع وفيات.
ظهرت معدلات متشابهة في صفوف المرضى الذين عولجوا بعد مرور خمسة أيام من ظهور أعراض "كورونا" عليهم: نقل واحد في المئة من المجموعة إلى المستشفى لتلقي العلاج، مقارنة مع 6.7 في المئة لدى مجموعة العلاج الوهمي، التي قاست 10 وفيات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يعطي دواء "باكسلوفيد" فاعلية أكبر عند تناوله خلال المراحل المبكرة من الإصابة بـ"كوفيد-19"، لذلك توصي "هيئة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية" (MHRA) في بريطانيا باستخدامه في أسرع وقت ممكن، وفي غضون خمسة أيام من بدء ظهور الأعراض.
هل تؤثر متحورة "أوميكرون" سلباً في فاعليته؟
في هذه المرحلة، أصرّت الحكومة البريطانية على أنه من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت متحورة "أوميكرون" تترك أي تأثير [سلبي] على فاعلية "باكسلوفيد"، لكن "هيئة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية" تعمل بشكل استباقي مع "فايزر" للوقوف على ذلك.
ولكن مع ذلك، لدى العلماء تفاؤل بأن "باكسلوفيد" سيحافظ على فاعليته ونجاعته.
تكشف تحاليل عن أن "أوميكرون" لم تتعرض لطفرات جينية "من شأنها أن تؤشر إلى أي مقاومة أو تغير في مدى التأثير الذي يتركه الدواء على الفيروس"، وفق البروفيسورة ويندي باركلي، العالمة المتخصصة بالفيروسات في "إمبريال كوليدج لندن" Imperial College London.
ومرد ذلك إلى أن الغالبية العظمى من طفرات جينية طرأت على متحورة "أوميكرون" تتركز في بروتينها الشوكي spike protein، علما بأنه جزء من فيروس "كورونا" يسمح له بالولوج إلى الخلايا البشرية، ولا يستهدفه "باكسلوفيد"، الذي يؤثر عوض ذلك في إنزيم يتسبب بتكاثر "سارس-كوف-2" في الجسم.
ما الكمية التي طلبتها المملكة المتحدة من دواء "باكسلوفيد"؟
وفق شركة "فايزر"، من المتوقع أن تتسلم المملكة المتحدة ما مجموعه 2.75 مليون جرعة من حبوب "باكسلوفيد" خلال عام 2022.
© The Independent