Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لغز جديد في "وثائق كينيدي"... "سائق بولندي" حذر من اغتيال الرئيس

لم تروِ الوثائق التي أفرج عنها أخيراً ظمأ الباحثين عن الحقيقة وأسرار الحرب الباردة

تلقت السفارة الأميركية في أستراليا تحذيرا بشأن مؤامرة اغتيال قبل مقتل كينيدي بعام(أ ب)

عندما اغتال لي هارفي أوزوالد، الجندي السابق لدى مشاة البحرية الأميركية الذي كان واحداً من أكثر الرماة مهارة، الرئيس الأميركي جون كينيدي في دالاس بولاية تكساس في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1963، أُثيرت شكوك حول مؤامرة كوبية روسية، لكن القادة الأميركيين استبعدوا الأمر لغياب قرائن تؤكد الفكرة. 

طوال الأعوام الـ58 الماضية، اهتم الباحثون بكشف لغز مقتل كينيدي وما يتعلق بنظريات مؤامرة عدة تم نسجها حول الأحداث، لا سيما أن القاتل كان يصف نفسه بأنه "شيوعي" ومتزوج من روسية وحاول اللجوء إلى روسيا. وعام 1992، تم إقرار قانون "مجموعة سجلات اغتيال جون أف كينيدي"، مع تزايد المطالبات الشعبية لكشف الملفات المتعلقة بالقضية بعد فيلم السيناريست أوليفر ستون "جيه أف كيه"، الذي أوحى بوجود مؤامرة وراء اغتيال كينيدي. وتم نشر معظم السجلات بين عامي 1994 و1998، مع الإبقاء على الوثائق الأكثر حساسية وأهمية، سرية والتي بلغت أكثر من15  ألف وثيقة. 

لكن أخيراً وبعد إعلانه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إرجاء نشر آلاف الوثائق الحكومية المصنفة سرية، التي تتعلق بحادثة الاغتيال التي وقعت أثناء الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، سمح الرئيس الأميركي جو بايدن بالإفراج عن مئات الوثائق التي كان يأمل كثيرون في أن توفر نظرة كاشفة عن العمليات السرية للحرب الباردة. فيما أصدر أمراً تنفيذياً بتأجيل إصدار حوالى 14 ألف وثيقة حتى 15 ديسمبر (كانون الأول) 2022، مشيراً إلى أن "التأجيل المستمر المؤقت ضروري للحماية من الضرر الذي يمكن أن يترتب على الدفاع العسكري أو العمليات الاستخباراتية أو إنفاذ القانون أو العلاقات الخارجية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى الرغم من أن ما تم نشره من وثائق لا يكشف عن حقائق مثيرة، فمن بين تلك التي نُشرت الأربعاء الماضي، مذكرات وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية التي تناقش رحلات أوزوالد، التي تم الكشف عنها سابقاً، إلى سفارتَي كوبا والاتحاد السوفياتي في مكسيكو سيتي قبل أشهر من مقتل الرئيس كينيدي، لكن كشف عدد من المذكرات للمرة الأولى تلقّي مسؤولي السفارة الأميركية في كانبرا بأستراليا، تحذيراً بشأن مؤامرة سوفياتية لقتل كينيدي قبل أكثر من عام من اغتياله. 

مؤامرة الستار الحديدي

وكشفت الوثائق التي تم نشرها حديثاً، أنه قبل عام من اغتيال كينيدي، تلقّت السفارة الأميركية في كانبرا اتصالاً من مجهول يحذر من رصد الاتحاد السوفياتي مكافأة قدرها 100 ألف دولار لمن يأتي برأس الرئيس الأميركي. ووفقاً لمذكرة تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية، فإن رجلاً زعم أنه سائق بولندي لدبلوماسيين سوفيات في كانبرا أجرى عدداً من المكالمات الهاتفية بالسفارة الأميركية يوضح بالتفصيل مؤامرة "الستار الحديدي" لقتل الرئيس.

وتقول إحدى المذكرات، بتاريخ 22 مايو (أيار) 1964، أن المتصل عرّف نفسه على أنه "السائق البولندي لسيارة السفارة السوفياتية في كانبرا". وجاء في المذكرة "لقد اتصل هاتفياً للمرة الأولى منذ أكثر من عام، تحديداً في 15 أكتوبر 1962"، وتضيف الوثيقة أنه "في ذلك الوقت، روى قصة حول خمس غواصات سوفياتية تحمل من 400 إلى 500 جندي سوفياتي في طريقهم إلى كوبا"، وأضاف "أن هناك مؤامرة تنطوي على دفع 100 ألف دولار لمن يقتل كينيدي"، مشيراً إلى "أن (دول الستار الحديدي) والرجال الشيوعيين في إنجلترا وهونغ كونغ وربما بعض البلدان الأخرى يقفون وراء المؤامرة". 

وتذكر المذكرات أنه "في اليوم التالي لاغتيال كينيدي في نوفمبر1963، وبعد أكثر من عام من المكالمة الأولى، تلقّى الملحق البحري الأميركي بالسفارة في كانبرا اتصالاً يُعتقد أنه من الشخص نفسه، مشيراً إلى تحذيره الأولي بشأن مؤامرة اغتيال الرئيس، وقال المتصل إن "الاتحاد السوفياتي أرسل رجلاً أسترالياً بحقيبة ما إلى الولايات المتحدة في الأسابيع السابقة لعملية اغتيال كينيدي". وجاء في المذكرة "تجدر الإشارة إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية لم تكُن على علم من قبل بمكالمة عام 1962".

 

وعلى الرغم من التحذير المقلق، كتب مؤلف المذكرة، وهو المسؤول السابق في الحكومة الأميركية ريتشارد هيلمز أن "السلطات الأسترالية لا تعتقد أن المتصل كان جاداً، وأن الأمر ربما كان مزحة". وتسجل المذكرة، "في رأي السلطات الأسترالية، كان المتصل غريب الأطوار"، ولم يتم التعامل مع المكالمة على محمل الجد في ذلك الوقت من قبل كل من الحكومتين الأميركية والأسترالية.

لا جديد ذا قيمة

ما نُشر من وثائق لم يروِ ظمأ الباحثين عن الحقيقة أو أولئك المؤرخين والمراقبين الذين انتظروا بشغف معرفة مزيد من التفاصيل عن المتورطين في اغتيال الرئيس الأميركي وعالم الاستخبارات في تلك الحقبة المثيرة من التاريخ. فالملفات الصادرة حديثاً التي تم نشر بعضها سابقاً مع حجب أجزاء منها، لم تكشف عن أي معلومات أو خيوط جديدة مهمة. وفي حالات عدة، نُشرت وثائق تم الإفراج عنها بالكامل سابقاً كجزء من عمليات نشر سابقة. 

وتقول صحيفة "بوليتيكو" الأميركية إن "بعض المواد المنشورة تثير التساؤل عن سبب استغراق ما يقرب من 60 عاماً لنشر المعلومات وأثارت انتقادات جديدة حول تعامل الحكومة مع الملفات، بما في ذلك آلاف أخرى لم يتم الإعلان عنها بعد". 

وتساءل ستيوارت ويكسلر، المؤلف والباحث في عمليات الاغتيال، مستنكراً "لماذا يجب أن نثق بأن بعض أو معظم المواد الإضافية التي لم يتم إصدارها ليست مجرد هراء أو يتم الإفراط في تصنيفها؟"، وأضاف "الأهم من ذلك، لماذا يجب أن نثق بأنها محظورة لأسباب مشروعة وليس لأنها مُحرِجة بطريقة ما؟". 

ويعتقد المراقبون في الولايات المتحدة وخارجها أن "كثيراً مما لم يتم نشره بعد يتضمن أنشطة استخباراتية خلال ذروة الحرب الباردة، التي لم يكُن لها، على الأرجح، تأثير مباشر في مؤامرة قتل كينيدي ولكنها قد تلقي الضوء على عمليات سرية. فواحد من الملفات التي تخضع لرقابة مشددة يتضمن تفاصيل مؤامرة لوكالة الاستخبارات المركزية لقتل الزعيم الكوبي فيديل كاسترو، وآخر يتضمن خطة البنتاغون لعام 1963 لتدبير ذريعة لإطاحته". 

ويُعتقد أن الملفات المنقحة الأخرى تحتوي على معلومات جديدة حول فضيحة التجسس المعروفة بـ"ووترغيت" لعام 1972، التي أسفرت عن استقالة الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون. لكن وفقاً لوسائل إعلام أميركية، فإن البعض قد يكشف مزيداً عن الأحداث التي أدت إلى اغتيال كينيدي.

مقاضاة بايدن

وسابقاً، أعرب باحثون متخصصون في الاغتيالات عن إحباطهم من النهج التدريجي لإدارة بايدن في نشر الوثائق المتعلقة باغتيال كينيدي. وأعلن لاري شنابف، المحامي والباحث، مساء الثلاثاء الماضي، عزمه مقاضاة الرئيس الأميركي بسبب عدم الكشف عن السجلات بالكامل.

 ووفقاً لشبكة "سي أن أن"، قال شنايف في بيان مكتوب، "سنسعى إلى الحصول على أمر من المحكمة يوجه الرئيس إلى الإفراج عن السجلات المتبقية أو الكشف عن الضرر المحدد الذي تسببه كل وثيقة سعى إلى تأجيلها. وكيف أن هذا الضرر المزعوم يفوق المصلحة العامة القوية في الإفراج عن هذه السجلات، التي كان من المفترض أن يتم نشرها بحلول 26 أكتوبر 2017". وكان الرئيس السابق دونالد ترمب أرجأ عام 2017، نشر الوثائق، وهي السياسة التي واصلها بايدن. 

وفي عام 2018، أيدت محكمة استئناف فيدرالية رفض وكالة الاستخبارات المركزية دعوى من قبل الباحث جيفرسون مورلي للحصول على واحد من الملفات المتعلقة باغتيال كينيدي، وهو الملف الخاص بجورج جوانيدس، الذي كان عميلاً لدى وكالة الاستخبارات المركزية، إذ يُعتقد أنه كذب على الكونغرس بشأن ما يعرفه عن مجموعة تدعمها وكالة الاستخبارات المركزية في الخارج كانت على صلة بـأوزوالد.

ويرى ديفيد برييس، الضابط السابق لدى وكالة الاستخبارات المركزية ومؤلف كتاب "كتاب أسرار الرئيس"، أنه "نظراً إلى أن عدداً من الوثائق المعنية تتضمن أنشطة استخباراتية سرية للحرب الباردة، فإن هناك أسباباً مشروعة من الناحية النظرية لضرورة حجب المعلومات السرية التي تعود إلى الستينيات". 

وأوضح أنه "من المحتمل أن يكون مصدر في وكالة الاستخبارات المركزية من تلك الحقبة ما زال على قيد الحياة ومعرّضاً لخطر الكشف عن هويته، كما يمكن أن يشكل الأمر خطراً على عملية جمع المعلومات الاستخباراتية اليوم"، مضيفاً أنه "يجب التوازن بين ذلك والمصلحة التاريخية والمصلحة العامة الملحّة". 

المزيد من تقارير