Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

210 آلاف حالة اضطراب نفسي في غزة

سجلت منظمة الصحة العالمية 363 اعتداءً إسرائيلياً على أماكن الرعاية الصحية في القطاع في العام 2018

الجيش الإسرائيلي يطلق قنابل الغاز صوب فتية مشاركين في مسيرة العودة (أحمد حسب الله)

بعد خمسة أشهرٍ من المحاولات المُلحّة، تمكنت أميرة من إقناع ابنها خالد بفكرة الزواج والتقدم لخطبة ابنة عمّه، بعدما كان رفع الموضوع من أولوياته، بسبب تعرضه لبتر طرفه السفلي، إثر إصابته بعيارٍ ناري في قدمه، أثناء مشاركته السلمية في إحدى مسيرات العودة، على الحدود الفاصلة بين غزة وإسرائيل. شكّل بتر قدم خالد، أزمةً نفسية وصحيّة له، جعلته يفقد الأمل في الحياة. ويقول "أتمنى الموت أهون من الحياة بلا قدم. إذا فكّرت في الزواج، مَن ستقبل بي، وكيف سيكون مظهري في الفرح، فقدت الكثير في حياتي... اليوم لا أصلح للعمل ولا للزواج ولا للحياة".

اضطرابات نفسية

في الواقع، مشكلة خالد ليست مرضيّة، بل نفسية كما يصفها الأطباء، وتعرض لها مواطنون كثر في غزة، وهو ما يؤكده تقرير منظمة الصحة العالمية الذي وثّق أكثر من 210 آلاف حالة اضطراب نفسي في غزة. وصرح مدير منظمة الصحة العالمية في غزة محمود ضاهر أن "عوامل كثيرة رفعت عدد المصابين بالاضطرابات النفسية، من بينها تعامل إسرائيل مع المشاركين في مسيرة العودة، وسلسلة الحملات العسكرية على القطاع، فضلاً عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها السكان منذ 12 سنة". وأوضح ضاهر أن "إسرائيل إلى جانب الحكومة الفلسطينية والسلطة الحاكمة في غزّة، كلهم شركاء في ما يعانيه المواطنون في القطاع من مشاكل نفسية، وذلك نتيجة تزايد حدة وتيرة أحداث العنف والتوترات السياسية على حدٍ سواء". وأرجع مدير المنظمة الدولية في غزّة أسباب الاضطراب النفسي إلى "زيادة العنف الإسرائيلي في مسيرات العودة، والحروب على القطاع، وعدم وجود أفق اجتماعي للأشخاص، ما أدى إلى تشكّل حالات ضغوط نفسية كبيرة على المواطنين، تحوّلت عند كثيرين منهم إلى اضطرابات".


مؤشرات متقاربة

ولفت ضاهر إلى أن مؤشر الاضطرابات النفسية في غزّة ليس بعيد عن المؤشر العالمي، إذ يوجد شخص من بين كلّ 10 غزيين بحاجة إلى علاج نفسي. وحول طريقة عمل التقرير الأخير الذي كشف أن 210 آلاف حالة اضطراب نفسي في غزة، أوضح ضاهر أنه اعتمد على المعلومات التي تُجمع دورياً والتعداد الديموغرافي والفرق الميدانية التي تعمل مع منظمة الصحة العالمية. وتُقدَم خدمات الصحة النفسية في القطاع من خلال مركز غزة للصحة النفسية (غير حكومي) وفروعه الثلاثة، ووزارة الصحة الفلسطينية، التي تملك مستشفىً ونحو ستة مراكز للصحة النفسية.


ليس صادماً

 سامي عويضة، مدير مركز غزّة المجتمعي المخصَّص للصحة النفسية قال من جهته إن "الرقم الصادر عن المنظمة الدولية (210 آلاف حالة اضطراب نفسي) ليس صادماً، فهناك نحو مليوني مواطن يعيشون في سجن كبير (قطاع غزة) ممنوعين من السفر والتنقل بحرية، والفقر والبطالة منتشرتان بينهم بشكلٍ جنوني". وأوضح عويضة أن نحو مليون من سكان غزّة من فئة الأطفال (دون 18 سنة) محاصرين منذ 12 سنة، وتعرضوا لـ 3 اعتداءات مُرعبة تقريباً، ما يعني أنه لا يوجد شخص ليس لديه عارض اضطراب نفسي، لافتاً إلى أن "الاضطرابات النفسية تُعدّ من الأمراض الوراثية، وتنتقل جينياً للأطفال، وتنمو معهم تدريجياً، وهذا مؤشر خطير، وينعكس على أسلوب الحياة اليومية للمواطنين".


تعامل إسرائيلي عنيف

تابع عويضة قائلاً إن التعامل العنيف من قبل الجيش الإسرائيلي يلعب دوراً بارزاً في تشكيل الاضطرابات النفسية. وأدى ذلك إلى نتائج كارثية في صفوف المواطنين، ومشاكل مزدوجة صحية ونفسية، يصعب علاجها. وأشار إلى أن الاضطرابات النفسية بدأت تتشكل عند المواطنين منذ فرض الحصار الإسرائيلي على القطاع، و12 سنة شهدت خلالها غزّة سلسلة حروب، ومسيرات العودة التي راح ضحيتها 30 ألف مصاب، تعرضوا لمشاكل نفسية.


إسرائيل مسؤولة

ويظهر تقرير منظمة الصحة العالمية أنّ 363 اعتداء وهجمة إسرائيلية وقعت على مقرات الرعاية الصحية في قطاع غزّة، فيما استشهد ثلاثة عاملين صحيين بالذخيرة الحية، وأُصيب 565 آخرين بجروح، وتضررت 85 سيارة إسعاف. ويوضح التقرير أن فلسطين ترزح تحت أحد أثقل أعباء الاضطرابات النفسية لدى المراهقين في إقليم شرق المتوسط، حيث أن نحو 54 في المئة من الفتيان و47 في المئة من الفتيات، الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و12 سنة مصابون باضطرابات انفعالية أو سلوكية. وبحسب التقرير، قُتل في العام الماضي 299 مواطناً وجُرح نحو 30 ألفاً، من بينهم 6239 مصاباً بالرصاص الحي، وتعرض 113 منهم لحالات بتر، فيما أصيب 21 مواطناً بالشلل، و9 بفقدان دائم للبصر، نتيجة التعامل الإسرائيلي مع مسيرات العودة.

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط