Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حراك لإعلان تحالف سياسي لمواكبة اتفاق البرهان - حمدوك

تعكف لجنة قانونية مشتركة للنظر في تعديلات الوثيقة الدستورية بما يتماشى مع الواقع الجديد

في ظل انقسام مجتمعي وسياسي في السودان بشأن المواقف واستمرار التظاهرات الرافضة للخطوة التي أقدم عليها، أخيراً، رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، بتوقيع الاتفاق الإطاري السياسي مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وعودة الأول إلى منصبه رئيساً لمجلس الوزراء الانتقالي، تنتظم الأوساط السياسية السودانية ضمن موجة من الحراك والاتصالات، وبدأ كيان سياسي جديد يظهر في المشهد السياسي السوداني كأحد إفرازات ما بعد توقيع الاتفاق السياسي.

الإعلان والوثيقة 

وتتركز الاتصالات السياسية حول بلورة رؤية موحدة بخصوص ما ورد في الفقرة السادسة من الاتفاق، التي تشير إلى ملامح كيفية إدارة الفترة الانتقالية، لا سيما الإعلان السياسي الذي يحدد إطار الشراكة بين القوى الوطنية السياسية والمدنية والمكون العسكري والإدارة الأهلية ولجان المقاومة وقوى الثورة الحية وقطاعات الشباب والمرأة ورجال الطرق الصوفية.

في الوقت نفسه، بحسب مصدر مسؤول، تعكف لجنة قانونية مشتركة تتألف من متخصصين قانونيين من المكونَين المدني والعسكري، للنظر في تعديلات الوثيقة الدستورية بما يتماشى مع الواقع الجديد الذي أفضت إليه بنود آلية التسوية السياسية، من حيث توسيع الماعون السياسي للشراكة، ونوع الحكومة وصلاحيات واختصاصات رئيس مجلس الوزراء وعلاقته بالمجلس السيادي، مشيراً إلى أن اللجنة منوط بها أيضاً النظر في بعض مواد الوثيقة الدستورية التي جُمدت في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولم يُفَك تجميدها حتى الآن.

وقال المصدر أيضاً، إن اللجنة ستعمل على تلبية ما جاء بالفقرة الثانية من الاتفاق السياسي، بشأن تعديل الوثيقة الدستورية بالتوافق، وبما يضمن مشاركة سياسية شاملة لكافة مكونات المجتمع ما عدا المؤتمر الوطني.

كتلة توافقية

على ذات الصعيد، أكد حذيفة محيي الدين، المتحدث باسم التحالف الوطني الموقع على اتفاق السلام، أن كتلة التوافق الجديدة التي يجري تشكيلها، ضمت حتى الآن حوالى 30 حزباً سياسياً، منها 16 حزباً من الفاعلين في مجموعة قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي)، أبرزها أحزاب (الجمهوري، والناصري، والأمة القومي، والبعث السوداني، التيار الاتحادي وحركة حق)، إلى جانب 14 حزباً من مجموعة الحرية والتغيير (ميثاق التوافق الوطني - منصة التأسيس) بقيادة مني أركو مناوي وجبريل إبراهيم وآخرين.

وأوضح محيي الدين، أن الخطوات تتسارع في اجتماعات يومية بدار حزب الأمة القومي، لوضع اللمسات الأخيرة لإعلان ميلاد الكتلة الجديدة التي يتوقع أن يتم قبل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. مشيراً إلى أن دورها سينحصر في إطار التشاور ولن تكون حاضنة سياسية بالمعنى الحرفي، إذ إن التكتل في مجمله هدفه الأساس دعم الحكومة الانتقالية، كما من المنتظر أن تنشأ كيانات صغيرة مماثلة على مستوى الولايات بالتمثيل نفسه للمساعدة في ترشيحات الولاة وممثلي الولايات في مجلس الوزراء.

أضاف المتحدث الرسمي أن الإعلان السياسي أو (الميثاق) كما تقترح بعض الأحزاب تسميته ستتم من خلاله هيكلة التكتل الجديد، لتحديد شكل القيادة واللجان والآليات الفرعية واللوائح التنظيمية والإدارية التي سيدار عبرها التكتل المنتظر.

التطور الوفاقي

في السياق نفسه، أكد التوم هجو، رئيس الحزب الاتحادي الجبهة الثورية، أن الاتصالات تجري لتعزيز اتجاه تشكيل تحالف (تكتل - قوى التوافق الوطني)، بالتنسيق بين مجموعة من قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي من جانب والحرية والتغيير، ميثاق التوافق الوطني (منصة التأسيس)، من الجانب الآخر، المرجح أن يضم أكثر من 30 حزباً وتنظيمات وكيانات عدة من القوى الثورية الحية والقوى المدنية، وسيكون متاحاً للجميع للانضمام إليه في أي لحظة.

وأشار هجو إلى أنه من الواضح أن التطور الوفاقي الجديد يهدف إلى توسيع قاعدة المشاركة وفتح الباب للآخرين من الأحزاب والكيانات الوطنية والقوى المدنية، لكنه لا يشمل مجموعة الأحزاب الأربعة المتهمة بالاستحواذ على الحكومة السابقة، مستبعداً أن يشكل هذا التحالف الحاضنة السياسية الجديدة للحكومة المرتقبة، بسبب فشل هذه التجربة في الفترة السابقة، ولفت هجو إلى أن الاتفاق السياسي قطع الطريق على العودة إلى ما قبل 25 أكتوبر، قبل قرارات القائد العام للجيش بإعلان حال الطوارئ وإلغاء الشراكة مع الحرية والتغيير وحل مجلسي السيادة والوزراء.

وكشف هجو أن المجتمع الدولي لا يقف مع الأفراد بل مع مصالحه ويهمه استقرار السودان، بخاصة في ظل تدهور الأوضاع في الجارة إثيوبيا، وما ينتظر أن تلقي به من تداعيات على كل المنطقة، والسودان على وجه الخصوص.

انقسام جديد

في المقابل، رداً على لقاء وفد من قيادات الحرية والتغيير بحمدوك، نفى المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير أن يكون قد فوض أي وفد منه للقاء حمدوك بخصوص مناقشة الأزمة الراهنة أو الاتفاق السياسي، وأعلن تبرؤه من الذين قاموا بتلك الخطوة.

كان الوفد الذي التقى رئيس الوزراء، نادى بضرورة استعجال إطلاق سراح المعتقلين بالعاصمة والأقاليم، وحماية المواكب السلمية، وضمان حرية التعبير والتظاهر والتنظيم السلمي في كل أنحاء البلاد، إلى جانب ضرورة وأهمية التوافق على ميثاق سياسي بين مختلف القوى السياسية الفاعلة في المجتمع السوداني لضمان نجاح ما تبقى من فترة الانتقال المدني الديمقراطي.

وقال ساطع الحاج، القيادي بالحرية والتغيير في المجلس المركزي، على حسابه في مواقع التواصل الاجتماعي، إن اللقاء اتسم بالصراحة والوضوح، وإنهم طالبوا بتشكيل لجنة تحقيق في مقتل المحتجين، وإعادة جميع من تم فصلهم لوظائفهم بمن فيهم السفراء ومديرو البنوك، ومراجعة كل القرارات التي صدرت في الفترة من 25 أكتوبر حتى اليوم، مع ضرورة تأمين وحماية المواكب الجماهيرية السلمية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رفض ومقاومة

وجدد المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، تمسكه برفضه لاتفاق (البرهان - حمدوك) السياسي، مشدداً على موقفه "أنه لا تفاوض ولا شراكة ولا شرعية للانقلابيين"، وأضاف المجلس المركزي أن "جريمة تقويض نظام الحكم الشرعي والانقلاب على الدستور وقتل الثائرات والثوار والإخفاء القسري والقمع المفرط وغيرها من الجرائم الموثقة، تقتضي تقديم قادة الانقلاب والانتهازيين وفلول النظام البائد المشكلين هذه السلطة الانقلابية إلى المحاكمات الفورية".

واعتبر مركزي الحرية والتغيير في بيان عقب اجتماع عاجل له، أن الاتفاق السياسي ردة عن أهداف ومواثيق ثورة ديسمبر (كانون الأول) لأنه تجاهل القضايا الحقيقية للتحول المدني الديمقراطي المنصوص عليها في إعلان قوى الحرية والتغيير والوثيقة الدستورية 2019، وأوضح البيان أن "الاتفاق تجاهل قضايا العدالة الانتقالية ومحاسبة كل من أجرم في حق الشعب السوداني منذ 30 يونيو (حزيران) 1989 وحتى تاريخ اليوم، متمسكاً بضرورة هيكلة وإصلاح عقيدة المؤسسات العسكرية والشرطية وجهاز الأمن وإعادة هيكلتها وتحديد مهامها بشكل مهني، مع ضمان محاسبة من ارتكبوا من منتسبيها جرائم في حق الشعب السوداني، وتصفيتها من عناصر النظام البائد".

وقال المركزي، إن الاتفاق الإطاري أو السياسي بين حمدوك والبرهان لا يلبى طموحات الشعب، ويعتبر امتداداً لانقلاب 25 أكتوبر 2021، وسيقف ضده ويقاومه بكل الطرق السلمية.

ديمقراطية داخلية

أما داخل حزب الأمة القومي، الذي يعتبر مهندس الاتفاق السياسي، ويحتضن في داره اجتماعات الترتيبات السياسية المستقبلية هذه الأيام، فقد برزت أصوات معارضة تتهم قيادة الحزب بانفرادها بقرارات ومواقف الحزب من دون العودة إلى مؤسساته الداخلية بشأن الموقف من الاتفاق السياسي. ووصف رئيس حزب الأمة القومي اللواء فضل الله برمة ناصر، في تصريح صحافي لوسائل إعلام محلية، الاتفاق السياسي بأنه حقق مطالب الشارع السوداني والمجتمع الدولي، ويمثل خطوة متقدمة لاستكمال المرحلة الانتقالية مطالباً كل القوى السياسية بقبوله حقناً لدماء السودانيين.

ونفى ناصر، وجود خلافات داخل الحزب، وإنما هي تفسيرات، ويتقبل الحزب كل الآراء، مشيراً إلى أن تصريحات بعض القيادات الرافضة للاتفاق تدل على ديمقراطية الحزب، مطالباً الأحزاب السياسية بترتيب صفوفها من أجل الاستعداد لخوض غمار السباق الانتخابي في 2023.

وأوضح رئيس حزب الأمة أنه يقدر الجهود الوطنية التي بذلت لمعالجة الأزمة، مؤكداً مقاومته "الانقلاب العسكري ودعم ثورة شعبنا في الشوارع والميادين العامة، وتحذير الجهات الأمنية من مغبة استخدام العنف ضد الثوار السلميين". وقال، إن الحزب ليس وحده من هندس الاتفاق السياسي.

تبرير الاتفاق

وكان رئيس الوزراء السوداني، أكد أنه عمل على إنجاز الاتفاق السياسي الإطاري لوقف نزيف الدم، وأنه تواصل مع طيف واسع من القوى السياسية أثناء وجوده قيد الإقامة الجبرية، وأكد أن الاتفاق الجديد نتاج العديد من المبادرات التي تبلورت في الفترة الأخيرة، كما أكد حمدوك، أن خلق التوافق الوطني العريض مسؤولية ومطلب أساسي لإنجاح الفترة الانتقالية، وأن بناء الثقة بين الأطراف السودانية يحتاج إلى الوضوح والجدية ورحابة الصدر، وشدد في حديث للتلفزيون السوداني على أنه سيعمل عاجلاً على إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين كجزء مهم من الاتفاق، وأن من الأهمية قيام جيش قومي واحد في السودان بعقيدة موحدة، مشيراً إلى أن الفكرة الأساسية في الحكومة المقبلة أن تكون من كفاءات التكنوقراط المستقلة، تنجز مهام محددة، أولها الاستحقاق الانتخابي.

واعتبر الاتفاق السياسي الثنائي بين البرهان وحمدوك، المكون من 14 بنداً، "الوثيقة الدستورية لعام 2019 (تعديل 2020) المرجعية الأساسية لاستكمال الفترة الانتقالية مع مراعاة الوضعية الخاصة لشرق السودان والعمل المشترك على معالجتها بصورة ترضي أهل الشرق، وتضمن الاستقرار، مع تعديل الوثيقة بالتوافق بما يحقق مشاركة سياسية شاملة وواسعة لمكونات المجتمع السوداني جميعاً باستثناء حزب المؤتمر الوطني المحلول"، وأكد الاتفاق إنفاذ الشراكة بروح الثقة والالتزام التام بتكوين حكومة مدنية من الكفاءات الوطنية المستقلة (تكنوقراط)، واعتبار مجلس السيادة الانتقالي مشرفاً فقط على تنفيذ مهام الفترة الانتقالية، من دون التدخل المباشر في العمل التنفيذي، مع ضمان انتقال السلطة في موعدها المحدد يوليو (تموز) 2023 إلى حكومة مدنية منتخبة.

ونص الاتفاق على إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وتعهد فيه الطرفان بإدارة الفترة الانتقالية بموجب إعلان سياسي يحدد إطار الشراكة بين القوى الوطنية (السياسية والمدنية) مع المكون العسكري والإدارة الأهلية ولجان المقاومة وقوى الثورة الحية وقطاعات الشباب والمرأة ورجالات الطرق الصوفية، وبالعمل على بناء جيش قومي موحد وتنفيذ اتفاق سلام جوبا واستكمال الاستحقاقات الناشئة بموجبه وإلحاق غير الموقعين على الاتفاق وبدء حوار موسع وشفاف بين كل القوى السياسية والمجتمعية وقوى الثورة الحية، يؤسس لقيام المؤتمر الدستوري والإسراع في استكمال مؤسسات الحكم الانتقالي بتكوين المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية وتعيين رئيس القضاء والنائب العام، يتبعها تكوين المفوضيات ومؤسسات الانتقال الأخرى ومباشرة مهامها فوراً وفق جداول زمنية محددة.

كما شمل الاتفاق السياسي التحقيق في الأحداث التي جرت في أثناء التظاهرات من إصابات ووفيات وسط المدنيين والعسكريين وإعادة هيكلة لجنة تفكيك نظام الـ30 من يونيو، ومراجعة أدائها في الفترة السابقة، وتفعيل لجنة الاستئنافات ومراجعة قراراتها وفقاً لدرجات التقاضي المقررة قانوناً.

المزيد من تقارير