دعا العاهل السعودي الملك سلمان بين عبد العزيز إلى زيادة التعاون المشترك بين الدول في مكافحة التطرف والإرهاب والأوبئة، قائلاً إن "التعاون الاقتصادي هو عصب الترابط".
وأكد في كلمة ألقاها بالنيابة عنه مستشاره الأمير خالد الفيصل، في سياق اجتماع الرؤية الاستراتيجية بين "روسيا والعالم الإسلامي"، التي تستضيفها جدة للمرة الثانية بعد مرور 13 عاماً على انطلاقتها في المدينة أيضاً.
وشدد على أن التحديات الأخيرة التي تواجه عالمنا أظهرت "أننا جميعاً في مركب واحد، فلا توجد دولة أو منطقة في معزل عمّا يدور في العالم، وينطبق ذلك على النزاعات السياسية وانتشار الأوبئة والركود الاقتصادي والتغيّر المناخي".
واعتبر الملك سلمان أن التعاون الاقتصادي يشكل عصباً للترابط بين دول العالم الإسلامي وروسيا، وأن "هناك فرصاً مؤاتية لدول المجموعة لتكوين شراكات اقتصادية متينة في مجالات عدة، منها المنتجات الحلال والتمويل الإسلامي، وعلينا استثمارها والعمل على تنميتها"
الرياض وموسكو
ووصف العلاقات السعودية الروسية بالوطيدة والتاريخية التي تجاوزت عامها الـ95، مؤكداً أن علاقات البلدين شهدت "قفزات نوعية في السنوات الأخيرة، وتُوّجت بزيارات عالية المستوى بين البلدين، أسفرت عن التوقيع على كثير من الاتفاقيات المشتركة في جميع المجالات الاقتصادية والثقافية والدفاعية ومهدت الطريق لتطوير هذه العلاقات وترسيخ مستوى الثقة بين بلدينا".
مبادئ رئيسة
ولفت إلى أن الرياض وموسكو تشتركان في مبادئ رئيسة عدة، منها احترام الشرعية الدولية وتأسيس العلاقات على أساس الاحترام المتبادل وسيادة واستقلال ووحدة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. وتتمسك الدولتان بالتزام نظام عالمي عادل يسوده القانون الدولي، ويعزز الأمن والاستقرار، ويكون مرجعاً في حل النزاعات الإقليمية، كما تتمتع كل منهما بعضوية مجموعة العشرين ومجموعة "أوبك+"، مما مكّنهما من العمل الجماعي في إطار هاتين المجموعتين لتعزيز التعاون الدولي.
روسيا والعالم الإسلامي
وأشار الملك سلمان إلى أن روسيا والعالم الإسلامي يتشاطران مبادئ راسخة باعتبارهما يشتركان في الإرث الثقافي العريق، مما "يمهد الطريق لتفعيل دور المؤسسات الدينية وتنمية بيئة داعمة للتعايش السلمي بين أتباع الأديان والأعراق المختلفة والمحافظة على دور الأسرة والقيم الروحية وحماية حقوق الإنسان" .
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكد الروابط بين العالم الإسلامي وروسيا، ومن بينها علاقات متينة متجذرة ويظهر ذلك في وجودها عضواً مراقباً في منظمة التعاون الإسلامي لأكثر من 15 عاماً، وأسفر ذلك عن تعاون مثمر مع المنظمة، كما يعيش في روسيا أكثر من 20 مليون مسلم في وئام مع مجتمعاتهم ويتمتعون بحقوق ممارسة شعائرهم الدينية بحرية.
تحديات مشتركة
من جانبه، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كلمة ألقاها نيابة عنه رئيس جمهورية تتارستان رستم مينيخانوف أن مواقف بلاده بشأن عدد من القضايا الصعبة في جدول الأعمال الإقليمي والعالمي متقاربة للغاية، إذ "يدعو جميعنا إلى بناء عالم ديمقراطي عادل قائم على سيادة القانون والتعايش السلمي بين الدول، بعيداً من أية إملاءات تستند إلى القوة وأشكال التمييز كافة".
وأشار إلى أن جدول أعمال الاجتماع ثريّ ومكثّف ويناقش سبل التعاون في مجال تسوية النزاعات والصراعات الإقليمية ومخاطر الإرهاب والتطرف الدوليين، كما أن قضايا التعاون في المجالات التجارية والاقتصادية والعلمية والإنسانية تستحق اهتماماً جاداً.
وأبدى أمله في أن يكون هذا العمل المشترك بنّاءً ومثمراً وأن يساعد في تعزيز التعاون والثقة المتبادلة بين الدول الإسلامية.
وفي سياق متصل، قال رئيس مجموعة الرؤية الاستراتيجية رستم مينيخانوف "يتبيّن الآن أن كل المحاولات لفرض نظام عالمي جديد قائم على قطب واحد قد فشلت، فكثير من الدول تميل إلى الاستقلال وطرح مواقفها، وعلينا أن نستفيد من الفرص المقبلة في علاقاتنا، وأن نزيد نشاطنا في مجال مكافحة الإرهاب وندافع عن القيم الأخلاقية التقليدية، ونحمي الذين يحتاجون إلى الرعاية بمن فيهم الأقليات القومية والدينية".
وأردف "علينا أن نكافح المخاطر الخاصة بتغيّر المناخ، وأن نقوم بتفعيل التعاون في المجالات كافة. وإن روسيا مستعدة لمساعدة الدول الأخرى، ونسعى إلى أن تشكّل علاقات روسيا بالعالم الإسلامي قدوة لجميع بلدان العالم".
ثقافة الحوار
من جانبه، لفت الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه إلى أن شعار الاجتماع، "آفاق الحوار والتعاون" يتوافق واهتمامات الجانبين، في مجال حفظ السلم والأمن وفض النزاعات ومقاومة التطرف والإرهاب وقضايا التنمية المستدامة، إذ إن العالم الإسلامي وروسيا بإمكانهما تقديم إسهامات كبرى في حوار الحضارات والثقافات والأديان بما يعزز التفاهم والتقارب والوئام بين مختلف شعوب العالم.
إلى ذلك، لفتت روسيا إلى أنها تعتبر أعضاء منظمة التعاون الإسلامي ليسوا أصدقاء فحسب، "بل وشركاء اقتصاديين يمكن الاعتماد عليهم وتطوير التعاون في ما بيننا على أسس المنفعة المتبادلة".