Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محاكاة احتجاز البحارة الأميركيين تنذر بانزلاق سريع للتوتر الأميركي الإيراني

أنقذ الاتصال المباشر بين وزيري خارجية البلدين حينها الموقف لكن الاتصالات المباشرة بين الطرفين اليوم معدومة

وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري (إلى اليمين) مصافحاً وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في مقر الأمم المتحدة في نيويورك في أبريل 2016 (ويكي ميديا)

الضغوط الأميركية المتزايدة لإجبار إيران على الجلوس إلى طاولة الحوار، وإصرار هذه الأخيرة على التعنت في موقفها الرافض التفاوض، أشعلا الاتهامات والتهديدات النارية المتبادلة بين الطرفين. ما وضع الشرق الأوسط على نار حامية، قد تنطلق معها في أي لحظة شرارة حرب إقليمية عنيفة.

وما يفاقم مخاوف انزلاق الأميركيين والإيرانيين إلى القتال، هو انقطاع التواصل المباشر بكلّ أشكاله بين البلدين، خصوصاً أن وزيري خارجيتهما لا ينفكّان عن التراشق وتبادل الإهانات في التصاريح الإعلامية والتغريدات، من دون أن يكون في سجّلهما أي اتصال مباشر في ما بينهما.

حادثة عام 2016

في ظلّ التوتّر الذي تشهده منطقة الخليج العربي بين محوري طهران وواشنطن، نستعيد حادثة عسكرية وقعت بين الطرفين في يناير (كانون الثاني) عام 2016، حين احتجزت القوات البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني عشرة بحارة أميركيين، دخلوا المياه الإيرانية بزورقيهم عن طريق الخطأ.

حينها، لم يكن قد مرّ على توقيع الاتفاق النووي سوى عشرة أشهر، وبفضل مفاوضات الاتفاق، تعرف وزيرا خارجية البلدين، حينها، الأميركي جون كيري والإيراني محمد جواد ظريف إلى بعضهما واستطاعا عبر اتصال هاتفي أجراه كيري بظريف، بعيد دقائق من احتجاز البحارة، الاتفاق على إطلاق سراح المحتجزين خلال ساعات.

معالجة تلك الحادثة اقتضت اتصالات مباشرة بين كيري وظريف فحسب. أمّا اليوم، بينما تنقطع قنوات الاتصال المباشر بين البلدين، وبينما تزداد كل يوم التوترات بينهما، تكلّلها تعزيزاتهما العسكرية في الخليج، يتخوّف البعض من أن يؤدّي ذلك إلى مواجهة عسكرية عند أي سوء تفاهم أو حادث عارض، ووقوع ما لا تحمد عقباه.

 

ظريف: بومبيو يهينني ولن أرد على اتصاله 

عندما سألت وكالة "رويترز" وزير الخارجية الإيراني، في مقابلة أُجريت معه في الآونة الأخيرة، عمّا إذا كان ممكناً حلّ أزمة مماثلة اليوم سريعاً، أجاب ظريف "لا... في كلّ مرة يتحدّث فيها بومبيو (وزير الخارجية الأميركي مايك يومبيو) عن إيران، يصرّ على إهانتي... لماذا أردّ على مكالمته الهاتفية؟".

أمّا المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مورغان أورتاغوس، فامتنعت عن توضيح السبل الممكنة للتواصل مع إيران، في حال حدوث أزمة مماثلة لحادث عام 2016، لكنها أكّدت في الوقت عينه أنّه "عندما يحين وقت الحديث، نحن على ثقة من أننا سنمتلك كل وسائل القيام بذلك".

في هذا الصدد، شدّد دبلوماسي أوروبي كبير، لم يرد الإفصاح عن اسمه، على أهمية الاتصال بين كبار المسؤولين الأميركيين والإيرانيين، كي لا يتضخّم أي حادث عارض ويتحوّل إلى أزمة. وأمل الدبلوماسي في حديث إلى "رويترز" أن "تكون هناك قنوات قائمة، كي لا نمضي بلا وعي إلى وضع لا يريده أحد"، مضيفاً "الخطاب الذي نشهده ينذر بالخطر".

تحوّل "تويتر" إلى بريد بين واشنطن وطهران

فمنذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في مايو (أيار) عام 2018، وإعادة فرض عقوبات اقتصادية على إيران، انهارت كل العلاقات الدبلوماسية رفيعة المستوى بين البلدين، وأصبح موقع "تويتر" منصة للمسؤولين الأميركيين والإيرانيين، يتبادلون عبرها الرسائل والانتقادات.

يوم الأربعاء الماضي، توجّه حسام الدين آشنا، مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني، برسالة إلى بومبيو في تغريدة باللغة الإنكليزية، قال فيها "لا يمكن أيها الوزير بومبيو أن تأتي بالسفن الحربية إلى منطقتنا وتسمي هذا ردعاً. هذا يسمى استفزازاً. هذا يجبر إيران على إظهار ردعها الخاص، الذي تسميه أنت استفزازاً. هل ترى الدورة؟".

وجاء ذلك في أعقاب تغريدة للرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأحد الماضي، هدّد فيها إيران، قائلاً "إذا أرادت إيران القتال فستكون النهاية الرسمية لها. لا تهددوا الولايات المتحدة مرة أخرى بتاتاً".

وسجلّ بومبيو وظريف على "تويتر" لا يخلو من الإهانات اللاذعة، ففي فبراير (شباط)، قال وزير الخارجية الأميركي في تغريدة إنّ ظريف والرئيس الإيراني "واجهتان لمافيا دينية فاسدة"، وفي الشهر نفسه، غرّد مسؤول في وزارة بومبيو، قائلاً "كيف تعرف أن ظريف يكذب؟ بمجرد أن يحرك شفتيه".

ظريف بدوره استخدم "تويتر" لإدانة "استحواذ إيران التام" على فكر بومبيو ومستشار البيت الأبيض للأمن القومي جون بولتون، واصفاً ذلك "بسلوك مرضى نفسيين لا سبيل لشفائهم".

أطراف ثالثة لمعالجة الأزمة

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفيما يشكّ مسؤولون أميركيون في أن يرفض ظريف تلقي مكالمة من بومبيو خلال أي أزمة، نظراً إلى المخاطر التي تواجهها إيران في أي نزاع مع الجيش الأميركي، بدّد بومبيو المخاوف بشأن قدرة واشنطن على التواصل والتفاوض مع طهران، قائلاً "هناك سبل كثيرة تتيح لنا قناة اتصال".

وهنا يبرز دور دول مثل سلطنة عمان والعراق وسويسرا، قادرة على نقل الرسائل بين الطرفين بفعل العلاقات التي تربطها بالبلدين.

فقد قال وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي بن عبدالله، في تغريدة على حساب وزارته على "تويتر" الجمعة إن بلاده تسعى مع "أطراف أخرى لتهدئة التوتر بين واشنطن وطهران". كذلك أعلن العراق عن إطلاق جهود لنزع فتيل التوتر بين الولايات المتحدة وإيران.

غير أنّ كيفن دونيغان، وهو أميرال متقاعد كان يتولى قيادة الأسطول الأميركي الخامس حين احتُجز البحارة الأميركيون عام 2016، رأى أن نقل الرسائل بشكل غير مباشر بين واشنطن وطهران قد يكون أمراً معرقلاً وسط أزمة سريعة التطوّر.

وقال دونيغان لـ"رويترز" إنّ الاتصالات عبر وسطاء "تتطلب وقتاً ولا تسمح بفرصة لتهدئة موقف تكتيكي يتطوّر سريعاً"، معتبراً أنه سيكون من المفيد إنشاء خط ساخن أو ما شابه بين الجيشين الأميركي والإيراني، على الرغم من استبعاده موافقة إيران على ترتيب كهذا.

قناة روسية غير مستحبّة

وفي وقت سابق هذا العام، أشار الجنرال المتقاعد جوزيف فوتيل، الذي كان يشرف على القوات الأميركية في الشرق الأوسط حتى مارس (آذار)، إلى أنّ الجيش الأميركي قد يكون قادراً على نقل رسائل إلى القوات الإيرانية بشكل غير مباشر، عبر خط ساخن قائم مع روسيا، ويهدف إلى تجنّب الحوادث العرضية في سوريا. وقال فوتيل "يمكن للإيرانيين التحدّث مع الروس. لدينا قناة تواصل جيدة قائمة مع الروس".

لكنّ فكرة الاعتماد على الحكومة الروسية لإخراج الولايات المتحدة من أزمة مع إيران، لا تطمئن عدداً من المسؤولين الأميركيين، إذ قالت ويندي شيرمان، وكيلة وزارة الخارجية في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما إنّ ذلك "سيكون خياراً محفوفاً بالمخاطر".

وبينما يُستبعد الاتصال المباشر بين واشنطن وطهران، يرتفع خطر وقوع حوادث عسكرية بين الطرفين، خصوصاً بعد اتهام الأميرال مايكل غيلدي، من هيئة الأركان المشتركة الأميركيّة، الحرس الثوري الإيراني بالوقوف وراء الهجمات التي استهدفت ناقلات نفط قبالة ميناء الفجيرة الإماراتي منذ نحو أسبوعين، وبإطلاق صاروخ الأحد سقط في المنطقة الخضراء في العراق، قرب مقرّ السفارة الأميركية.

وكانت إدارة ترمب باشرت إرسال تعزيزات عسكرية إلى الشرق الأوسط منذ بدايات مايو 2019، شملت حاملة طائرات ومجموعتها القتالية وقاذفات وصواريخ باتريوت، إلى جانب إرسال قوات إضافية بلغ عددها 1500 جندي، وذلك بغية مواجهة التهديدات الإيرانية للمصالح الأميركية في المنطقة.

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط