Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التغيرات المناخية تواصل تأثيرها في البشر وعلى قطاع الأعمال التصدي لها

تحليل: جائحة كورونا أدخلت تغييرات جمة على أسلوب معيشتنا والتشجيع على تحقيق صافي انبعاثات صفرية يتطلب جهوداً كبيرة أيضاً ويجب على الحكومة معاونة المستهلكين من أجل التحول إلى خيارات صديقة للبيئة

متظاهر يرفع لافتة في قمة الأمم المتحدة لتغير المناخ في غلاسكو، اسكتلندا في نوفمبر 2021 (رويترز) 

كل من حاول الإقلاع عن التدخين أو تقليص استهلاك المشروبات الكحولية أو ممارسة التمارين الرياضية بوتيرة أكبر يعلم مدى صعوبة اكتساب عادات جديدة، وكيف أنها عسيرة وتسبب كثيراً من المعاناة على الأمد القصير، ولكن فوائدها على الأمد الطويل عظيمة.

أصدر مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2021  كوب 26 (Cop26) عدداً من الالتزامات المبهمة وغير الشفافة للحد من الانبعاثات، وهي وعود سوف يتحمل قطاع الأعمال مسألة الإيفاء بها في نهاية المطاف، في حين ستتحمل العائلات سداد هذه الفاتورة، إما من خلال زيادة الضرائب وتقليص الخيارات المتاحة أمامها أو تكاليف تُدفع مرة واحدة لشراء سيارة جديدة أو سخان جديد.

ولحسن الحظ، يمكن الاستفادة من بعض الدروس حول تغيير السلوك، والتي تجلت بشكل واضح في الماضي القريب عندما تسبب رد الحكومة إزاء إحدى كبرى الأزمات، وتحديداً جائحة كورونا، في إحداث تغييرات مهمة.

ومع أن الحكومات بادرت بالتخفيف من قيود "كوفيد-19"، لا سيما أن بعض الحكومات مثل الحكومة البريطانية كانت أسرع من نظيراتها في ذلك، إلا أن ذلك يثير تساؤلاً كالتالي: ما السلوكيات الجديدة المكتسبة التي سوف تستمر ولن تتغير؟

ووفقاً لبحث في علم النفس الاجتماعي أجراه باحثون منذ فترة تزيد قليلاً على العقد، أظهرت النتائج أن أي سلوك جديد يستغرق ما معدله 66 يوماً ليتحول إلى عادة ثابتة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونظراً لأن البريطانيين تعرضوا لشكل من أشكال القيود خلال الفترة بين أواخر مارس (آذار) 2020 ومنتصف يوليو (تموز) 2021 أو زهاء 500 يوم، فلا يسع المرء إلا الأمل أن تكون بعض السلوكيات الجديدة قد باتت عادات راسخة.

وضع الخبراء الاقتصاديون في بنك نومورا نقاطاً لخمسة عشر نمطاً سلوكياً تغير منذ جائحة "كوفيد-19" باستخدام مقياس من صفر إلى عشرة يوضح مدى احتمالية استمرار وممارسة العادات الجديدة. فالسلوكيات التي حققت علامات متدنية من المرجح أن يتوقف الأخذ بها، ومن أمثلة ذلك التباعد الاجتماعي، والتعليم الإلكتروني وعن بُعد لطلاب المدارس.

وعلى الطرف النقيض، فإن السلوكيات التي حققت علامات أعلى من المرجح أن تصبح دائمة ويستمر الناس في ممارستها بانتظام وأبرز الأمثلة على ذلك تحول المستهلكين بشكل أكبر إلى التسوق الإلكتروني والاتصال بمواقع البث الحي (streaming) على الإنترنت.

وبين هذين النقيضين، هناك تغيرات هجينة تتمثل في ترتيبات العمل من المنزل التي غدت من العرف السائد ولكن الغالبية العظمي يمارسونها على أساس عدم التفرغ. كما أن اللجوء إلى مشورة طبية إلكترونياً سوف ينتشر بشكل أكبر ولكنه لن يحل بالكامل محل زيارة طبيب الصحة العامة.

اضطر قطاع الأعمال إلى أن يتكيف بسرعة مع التغيرات في سلوكيات المستهلك، لا سيما تلك التي تمارس باستمرار وأبرزها التسوق الإلكتروني الذي تسارعت مستويات استخدامه في وقت استقطب مستهلكين جدد.

وثمة احتمال سانح أمام الشركات لتكون مبتكِرة من أجل التكيف مع الأنماط السلوكية للناس، وأكثر الشركات نجاحاً هي التي بإمكانها تجديد قيمها والتكيف مع المطالب المتغيرة للمستهلك، لا سيما وأن الناس تقضي جل وقتها في المنازل وتعتمد بشكل أكبر على القنوات الإلكترونية.

ومما يثير الاهتمام أن شركة الاستشارات "ماكنزي وشركاه" McKinsey & Co نجحت في استخلاص خمسة دروس لموردي مناديل المرحاض أو "مناديل الحمام"، كما يسميها البعض، والذي كان نقصها أبرز ما اتسمت به بدايات فترة الإغلاق.

ورجاؤنا أن تسهم تجربة المستهلكين في تغيير سلوكهم مقترنة برغبة في تحقيق مستويات أعلى من الاستدامة في جعل الشركات تركز أكثر على تصنيع منتجات بمستويات كربون أقل.

ووفقاً لبحث أجراه مجلس الأزياء البريطاني وشركة "كليرباي" (Clearpay)، اعتبر ثلثا المشاركين في الدراسة الاستقصائية أن شراء ملابس الأزياء المراعية للبيئة إما "بالغ الأهمية" و إما "مهم إلى حد ما" في حين أجمع 62 في المئة من المشاركين على "أن ميزة طول عمر الملابس [جودة نوعيتها وإمكان ارتدائها لوقت طويل] هي العامل الأهم عند شرائها".

ولا شك أن المستهلكين يقرنون أقوالهم بالأفعال إذ أظهرت دراسة استقصائية أجراها بنك دويتشه حول كيفية انتقال عبء اتخاذ إجراءات بشأن المناخ إلى كاهل الشركات والتي أظهرت نتائجها أن ثلث البريطانيين من المحتمل أن يغيروا حميتهم الغذائية ويجعلوها نباتية بالدرجة الأولى على مدار المرحلة الممتدة بين الأشهر الستة إلى الاثني عشر شهراً المقبلة، في حين أظهرت الدراسة أن 30 في المئة من المحتمل أن يتوقفوا عن تناول المواد الغذائية المستوردة من بلد آخر.

ولكن القضية هي ما إذا كان الناس سيمضون في ذلك ويستمرون. فوفقاً للجنة الاستشارية الحكومية المعنية بتغير المناخ، فإن التغيرات على المستوى الاجتماعي والسلوكي أضحت مطلوبة في 62 في المئة من الإجراءات المعنية بالحد من استهلاك الكربون.

بيد أنه بسبب طبيعتنا البشرية، نجد صعوبة في التركيز على تحقيق عدد من الأهداف في نفس الوقت. وفي مطلع العام الحالي، حدد معهد توني بلير ثلاثة أهداف رئيسة: جعل المنازل أكثر فعالية [من حيث استهلاك الطاقة]، واستخدام السيارة الكهربائية، وتناول كميات أقل من اللحوم ومنتجات الحليب.

 وأشار المعهد إلى أنه وجد أن البعض كانوا يحاولون تغيير سلوكهم (تناول اللحوم) أو شعروا بأنهم يبذلون قصارى جهودهم (على مستوى الأسر) أو قلقين بشأن تكلفة وفعالية البدائل المتاحة (السيارات).

تولي استراتيجية الحكومة لتحقيق صافي انبعاثات صفرية أهمية "للتكيف مع سلوكيات المستهلك". وبغض النظر عما سيتمخض من مؤتمر المناخ في غلاسكو، يجب أن تكون الخطوة المقبلة مساعدتنا على القيام بهذه التضحيات الأساسية، فمؤتمر المناخ قد يستمر لمدة أسبوعين فقط، ولكن بعد 500 يوم تقريباً من "كوفيد-19"، سيرى كثير أن تغيير العادات ليس صعباً كما كانوا يظنون.

© The Independent