Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

احتقان في الشارع السوري بعد رفع أسعار الغاز والكهرباء

وسائل التدفئة شبه مفقودة مع اقتراب فصل الشتاء وتدهور حالة السوريين المعيشية

شح مادة المازوت المنزلي مع اقتراب فصل الشتاء في سوريا (اندبندنت عربية)

ليس ملائماً أبداً أن تتضاعف أسعار المحروقات ومواد التدفئة المنزلية، في حين يطرق فصل الشتاء الأبواب، فترتفع على حين غرة أثمان مواد كالغاز والكهرباء، اعتمد عليها السوريون، في حال توفرت، كبدائل لنيل قسط من الدفء شبه المفقود في بيوتهم. وتلقى المواطنون السوريون مساء الثلاثاء 2 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، ضربتين موجعتين، لا سيما بالنسبة إلى أرباب الأُسر، إذ قررت السلطات زيادة أسعار الغاز والكهرباء، وترافق ذلك مع رفع أسعار المنتجات والبضائع في الأسواق، بينما دخْل الفرد ما زال يراوح مكانه.

الكهرباء في خبر كان

واستهجن الشارع السوري الزيادات المتلاحقة للأسعار من قبل اللجنة الاقتصادية المكلفة بتخمين الأسعار وإقرارها، التي يرى مراقبون أنها تسعّر المنتجات بشكل منفصل عن واقع الحياة المعيشية للمواطن العادي المعدم.
وسأل أحدهم متعجباً "هل وصلت إلى اللجنة الاقتصادية إحصاءات أممية بارتفاع نسبة الجوع بين السوريين بنسبة 90 في المئة".
وفي ظل هذا الوضع، يمضي الناس لياليهم الباردة والمظلمة من دون كهرباء، التي وإن توفرت فقد رفعت السلطات أسعارها بنسبة مئة في المئة منذ الأول من نوفمبر الحالي. وبرّر وزير الكهرباء، غسان الزامل، ذلك، بتحفيز المشتركين للإقبال على الطاقة المتجددة.
ولا يشي واقع الحال بالرضا، فالكهرباء التي ارتفع سعرها كمصدر بديل للتدفئة، يجد أصحاب الدخل المحدود أنها أفلتت من أيديهم، لا سيما بعدما وصلت ساعات التقنين إلى مستويات لا تتخطى ساعتين أو ثلاثاً في 24 ساعة.
في المقابل، علمت "اندبندنت عربية" أن هذا السعر لا يغطي التكاليف الكبيرة التي تتكبدها وزارة الكهرباء، بخاصة مع صعوبة تأمين الغاز والفيول ومشقة إيصالها لتشغيل المحطات الحرارية، التي تولد ألفي ميغاواط، ما يعادل ربع حاجة البلاد من التيار الكهربائي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتسعى سوريا إلى الاعتماد على الخبرات الأجنبية والدعم المقدم من الحلفاء، لا سيما روسيا، في تأهيل محطة حرارية في حلب (شمال). كما يُرجّح دخول الإمارات العربية المتحدة، بعد استئناف العلاقات الاقتصادية مع دمشق، في الاستثمار بمجال الطاقة. كما تعوّل السلطات السورية على الدعم الدولي في النهوض من جديد لتأهيل الشبكات والمحطات المشغّلة.

شرائح في مرمى رفع الدعم

في المقابل، تبدو الحكومة السورية عازمة على رفع الدعم عن فئات وشرائح اجتماعية تملك الثروة والمال الوفير، في حين لا يزال الخبز والمواد التموينية والمحروقات والغاز والكهرباء وغيرها من المواد تحظى بسياسة الدعم الذي بات هشاً ومتراجعاً.
ويعزو اقتصاديون ذلك إلى الصراع المسلح الذي أرهق الخزينة العامة وكبدها خسائر لا حدود لها، منذ اندلاعه في عام 2011 وإلى الآن. أما في حال التوصل إلى تسوية للنزاع، واستتب الأمن والاستقرار في البلاد، فإن سوريا بحاجة إلى 440 مليار دولار كتكلفة أولية لإعادة إعمار ما دمرته الحرب.
ودفعت الضائقة المالية السوريين إلى النزوح، لا سيما الصناعيين والتجار في بيئة عمل غير محفِّزة، ومن دون أرقام واضحة عن حجم الاستنزاف الحاصل.
ويزداد الوضع الاقتصادي صعوبةً، ما دفع الحكومة إلى اللجوء إلى استبعاد شرائح اجتماعية من الدعم. وذكر وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، عمرو سالم، أنه "من المتوقع استبعاد نصف مليون شخص قبل نهاية العام". وأردف في مؤتمر صحافي، "الشرائح المستبعدة تشمل تجار الدرجة الأولى والممتازة والثانية والمساهمين الكبار والمتوسطين وكبار المكلفين الضريبيين والمحامين والأطباء الممارسين للمهنة لأكثر من عشر سنوات ومديري المصارف الخاصة والمساهمين بالأنشطة الكبيرة والمساهمين الكبار بالمصارف".

الأجور المتدنية

وفي وقت رُفع سعر أسطوانة الغاز من أربعة آلاف ليرة سورية إلى عشرة آلاف (أربعة دولارات)، تضاعف سعر أسطوانة الغاز الصناعي ليصل إلى 30 ألفاً (12 دولاراً)، بينما متوسط راتب العامل لا يتجاوز 50 دولاراً الأمر الذي فاقم حالة الاحتقان في الأوساط الشعبية. وبرز اقتصاديون يطالبون بتحسين الرواتب "وإلا سنشهد حالة فقر آخذة بالاتساع لا سيما في صفوف الطبقة الوسطى".
في هذه الأثناء، طالب سياسيون وبرلمانيون الحكومة السورية بزيادة أجور سريعة لا تقل عن 250 ألف ليرة، أي ما يعادل مئة دولار للعاملين في مؤسسات الدولة لسد النفقات. وذكر عضو مجلس الشعب، عبد الرحمن الخطيب أن "إعداد مشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2022 جاء على أساس سعر الصرف 2500 ليرة بعد أن كان 1250 ليرة". وتساءل "كيف دُرست بنود النفقات في الموازنة العامة على أساس سعر الصرف الجديد، واستبعد الباب الأول فيه الرواتب والأجور".
ومع كل ذلك ثمة زيادة متسارعة في التضخم، على الرغم من ثبات سعر صرف الدولار إلى مستوى 3500 ليرة مقابل الدولار الواحد، علاوةً على طباعة ورقة نقدية من فئة خمسة آلاف ليرة سورية، في حين نفى المصرف المركزي المسؤول عن السياسة المالية للبلاد طباعة ورقة عشرة آلاف ليرة في ظل ما يحدث من انهيار للعملة.

المزيد من العالم العربي