Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل عرقل التنافس المصرفي في الخليج وصول الشركات الصغيرة إلى الائتمان؟

مخاطر الإقراض زادت بعد كورونا لكن فترات السداد كانت متاحة للمؤسسات

تضم منطقة الخليج نحو 675 ألف شركة صغيرة ومتوسطة رسمية تمثل 25 في المئة من العمالة (أ ف ب)

صاغت دول مجلس التعاون الخليجي رؤية للتنمية الاقتصادية المستدامة تسلط الضوء على الحاجة إلى تنويع القاعدة الإنتاجية لتقليل الاعتماد على قطاع الهيدروكربونات وخلق مزيد من فرص العمل للشباب في ظل تعداد سكانها المتزايد. وقال تقرير للبنك الدولي حمل عنوان "المنافسة في إقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة في دول مجلس التعاون الخليجي"، إن الشركات الصغيرة والمتوسطة (SMEs) أساسية في أجندة الاستدامة لدول مجلس التعاون الخليجي، مقدراً تعدادها في الخليج بنحو 675 ألف شركة صغيرة ومتوسطة رسمية تمثل 25 في المئة من العمالة، وهو أقل من المتوسط العالمي لتوظيف الشركات الصغيرة والمتوسطة والمساهمة بـ40 في المئة من العمالة. 

وتعمل هذه الشركات في الغالب في التجارة وقطاعات البناء، فإن حضورها يتزايد في قطاعات التصنيع ذات القيمة المضافة. 

دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة 

وقال طارق قاقيش، المدير العام لشركة "سولت" للاستشارات المالية، لـ"اندبندنت عربية"، إن الحكومات الخليجية وجهت خلال أزمة كورونا وتداعياتها البنوك المركزية لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث تم تمديد فترة سداد القروض المستحقة على تلك الشركات، وأعطيت مهلة أكبر لسداد الديون، بخاصة الشركات الكبيرة التي لديها تدفقات نقدية واضحة.

وأشار إلى أن السيولة في البنوك الخليجية مرتفعة، ولكن الأوضاع الاقتصادية التي يشهدها العالم بسبب استمرار جائحة كورونا، وإن كانت بوتيرة أقل مع توسع التطعيمات، وعدم وضوح الرؤية بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي أثر على قرار البنوك".

ويوضح قاقيش، أن "البنوك تريد أن تحافظ على تقييمات مرتفعة لدى وكالات التصنيف الائتماني، وكذلك المحافظة على جودة الأصول في البنوك للحصول على تمويل خارجي. وكما تعرفون، كلما كانت جودة الأصول متدنية كان لها تأثير على تكلفة استدانة البنوك من البنوك الأخرى. كما أن جودة الأصول تؤثر على مؤشر مهم للغاية، وهو كفاية رأس المال وهو المعيار الرئيس في القطاع المصرفي". 

وقال إن الحكومات الخليجية دعمت الشركات الصغيرة والمتوسطة لتحريك القطاع الخاص عبر إنشاء عديد من البرامج مثل الصناديق الاستثمارية. 

ويرى أن المنافسة بين البنوك الخليجية أضعفت إقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة، لأن هناك نوعين من البنوك، الصغيرة والمتوسطة والبنوك الكبرى. البنوك الصغيرة والمتوسطة، والتي تمنح القروض، وجُل عملائها من الشركات الصغيرة والمتوسطة، بالتالي عندما ضعفت جودة الأصول في هذه البنوك كان من الضروري بالنسبة لها أن تتوقف عن إقراض الشركات التي تعد مخاطر إقراضها أعلى"، مشيراً إلى أن ذلك لا يقتصر على المنطقة الخليجية، بل المشكلة عالمية. 

ويقول البنك الدولي، إن 90 في المئة من الشركات الصغيرة والمتوسطة موجودة في السعودية و5 في المئة في الإمارات، فيما تتوزع الـ5 في المئة المتبقية بين الدول الخليجية الأخرى. وفي السعودية 95 في المئة من الشركات المسجلة صغيرة ومتوسطة، مقارنة بنسبة 90 في المئة في عمان والكويت، و75 في المئة في قطر. 

وفي المتوسط، هناك 16 شركة صغيرة ومتوسطة لكل 1000 شخص في المنطقة الخليجية، وهذا أقل بكثير من المتوسط ​​العالمي، حيث هناك 30 شركة صغيرة ومتوسطة لكل 1000 شخص. 

فائدة إقراض كبيرة 

من جانبه، قال المحلل الاقتصادي الكويتي محمد رمضان، إنه في الإمارات على سبيل المثال سعت 17 في المئة من الشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر فحسب للحصول على تمويل مصرفي، و50 في المئة منها فقط حصلت عليه. 

وأضاف أن الحصول على تمويل هو مشكلة هذا النوع من الشركات، حيث تنظر البنوك إلى تمويلها على أنه عالي المخاطر، بالتالي فوائد الإقراض مرتفعة، موضحاً أنه على الرغم من التراجع الكبير في أسعار الفائدة بشكل عام، فإن فوائد القروض التي تحصل عليها هذه الشركات عالية جداً، ويمكن أن تتجاوز 10 في المئة.

وفي حين أشار رمضان إلى الدور المهم لهذا النوع من الشركات في مستقبل اقتصادات المنطقة، قال إن دورها الحالي ضعيف، بخاصة أن البنوك عادة ما تطالبها بضمانات كثيرة مقابل تقديم القروض والتمويلات لها. 

ورأى أن المنافسة بين البنوك الخليجية تأتي دائماً في صالح المقترض، وإن كانت لا تشمل جميع الفئات، أي ليس ضرورياً أن تساعد هذه المنافسة القطاعات عالية المخاطر، بل يمكن أن تخدم العملاء والقطاع التجاري والعقاري.

عائق التمويل

وبحسب البنك الدولي، يعد الوصول إلى التمويل أحد العوامل الرئيسة التي تعوق نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث ما يقرب من 11 في المئة فقط من هذه الشركات لديها إمكانية الوصول إلى الائتمان، ونحو 40 في المئة منها تدرك صعوبة الحصول على التمويل باعتباره عائقاً رئيساً. 

وقال البنك إنه على الرغم من أن الإقراض المصرفي هو المصدر الرئيس لتمويل الشركات الخليجية بجميع أحجامها، فإن تغلغل الإقراض منخفض للغاية بالنسبة إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة، مع وجود متوسط 2 في المئة من إجمالي القروض، مقارنة بنسبة 13 في المئة في الشرق الأوسط خارج منطقة دول مجلس التعاون. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف أنه بصرف النظر عن العقبات الناشئة عن مناخات الاستثمار غير المواتية، تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة عديداً من الحواجز غير المالية المتعلقة بها، وعلى رأسها القدرات الخاصة، بما في ذلك الافتقار إلى الموارد المالية والحسابات والتواريخ الائتمانية الموثوقة. 

ووجد أن الإقراض تركز على كبار المقترضين، في حين تنظر البنوك إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة على أن مخاطر الائتمان فيها أكبر، بالتالي تكون متطلبات الضمان كثيرة وصعبة وأكثر تكلفة، مما يدفع هذه الشركات للبحث عن مصادر تمويل خارج البنوك. وعلى الرغم من أن التدخلات السياسية خففت جزئياً من عقبات تمويل هذه الشركات، فإنها لم تعالج جذور المشكلة وأسبابها. 

وقال البنك إن ضعف المنافسة في القطاع المصرفي يقيد وصول الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى الائتمان المصرفي في دول مجلس التعاون الخليجي، وإن تعزيزها من شأنه تأمين الوصول إلى التمويل وتحسين الكفاءة المالية. وأشار إلى أن المنافسة المصرفية بين البنوك الخليجية هي من بين الأدنى على مستوى العالم، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى المتطلبات الصارمة والقيود على الأنشطة المصرفية، ونظم المعلومات الائتمانية الضعيفة نسبياً، وعدم وجود منافسة من البنوك الأجنبية والمؤسسات المالية غير المصرفية. 

الإقراض منخفض خليجياً 

ولاحظ البنك انتشاراً منخفضاً جداً للإقراض في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تمثل قروض الشركات الصغيرة والمتوسطة في دولة الإمارات 4 في المئة فقط من إجمالي الإقراض. وفي السعودية والكويت وسلطنة عمان، تصل النسبة إلى 2 في المئة من إجمالي الإقراض، وفي البحرين 1 في المئة وفي قطر 0.5 في المئة.

في المقابل، تصل هذه النسبة في المتوسط إلى​​13  في المئة في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خارج مجلس التعاون الخليجي، بحسب تقرير صندوق النقد الدولي لعام 2015. 

وقالت ورقة بحثية بعنوان "الشركات الصغيرة والمتوسطة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" أجرتها المجلة الدولية للأعمال والإدارة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، إن هذه الشركات أصبحت منتشرة على نطاق واسع في المنطقة، وأصبحت معترفاً بها كمحركات للتنمية الاقتصادية. 

ورصدت الورقة التي نشرها المركز الكندي للعلوم والتعليم، التحديات والحواجز التي تواجهها الشركات الصغيرة والمتوسطة، والتي تمثلت في نقص التمويل إلى جانب نقص الخبرة الإدارية والتدريب الجيد للأيدي العاملة في تلك الشركات. وقالت إن البنك الدولي لاحظ أن ما يصل إلى 60 في المئة من إجمالي الوظائف، التي توفر ما يصل إلى 40 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مصدرها الشركات الصغيرة والمتوسطة الرسمية في الاقتصادات الناشئة، مشيراً إلى أن هذه الأرقام يمكن أن تكون أعلى بكثير إذا أخذت الشركات الصغيرة والمتوسطة غير الرسمية بالاعتبار.

ويقدر البنك الدولي أن 600 مليون شخص سينضمون إلى قوة العمل في الشركات الصغيرة والمتوسطة في جميع أنحاء العالم على مدى السنوات الـ15 المقبلة، بخاصة في آسيا وأفريقيا. 

اقرأ المزيد