Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العراق يتوسط بين واشنطن وطهران... على وقع خلافاته الداخلية

صراع حول المشاركة في القرار السياسي وتقاسم السلطة

الخنجر والنجيفي في ضيافة المجمع الفقهي بجامع "أبي حنيفة" في بغداد (صفحة المجمع الفقهي على "فيسبوك")

بينما يتزايد انشغال العراق بجهود وساطته الإقليمية الدولية، لنزع فتيل التوتر في الأزمة بين الولايات المتحدة وإيران، تنخرط أحزاب البلاد في سجال داخلي، يعكس هشاشة الوضع السياسي في البلاد.

ومنذ أيام، تتداول وسائل إعلام عربية ودولية اسم العراق، بوصفه وسيطاً مرشحاً لرأب الصدع المتفاقم بين واشنطن وطهران نظراً لعلاقاته الاستثنائية بالبلدين.

وكشفت "اندبندنت عربية"، في وقت سابق، أن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي كلّف مدير مكتبه "أبو جهاد الهاشمي" بالتواصل مع القيادة السياسية في إيران لاستشراف مستقبل وساطة تتبناها بغداد بين طهران وواشنطن، على وقع تصريحات رئيس البرلمان الإيراني بضرورة عقد مباحثات بين ممثلي بلاده والأميركيين في بغداد أو الدوحة، بسبب تزايد التوترات، بينما سافر عبد المهدي إلى الكويت شخصياً الأربعاء 22 مايو (أيار) ليحذر من هناك من "حرب مدمرة" في المنطقة.

بحر من الخلافات السياسية

وللوهلة الأولى، يبدو أن العراق يتحرك إقليمياً من قاعدة سياسية داخلية مستقرة، لكن الحقيقة أن البلاد تطفو على بحر من الخلافات السياسية، ويعتقد كثيرون أن الحرب بين الولايات المتحدة وإيران، فيما لو اندلعت، فإن العراق سيكون إحدى ساحاتها الرئيسية في أقل تقدير، إن لم يكن جبهتها الوحيدة، ما يزيد الضغط على قادة البلاد لإيجاد مخرج.

اتجاه شيعي معارض

وقبيل تطور الأزمة بين الولايات المتحدة، تحركت قوتان سياسيتان شيعيتان لفتح جبهة معارضة ضد حكومة عبد المهدي، بعدما اشتكتا من تهميشهما في آلية اتخاذ القرار، وتوزيع المناصب التنفيذية المهمة، وتركزت جهود المعارضة في تحالف الإصلاح، أكبر كتل في البرلمان العراقي، الذي يقوده عمار الحكيم، ويضم تحالف "سائرون" الذي يرعاه مقتدى الصدر، وائتلاف "النصر" بزعامة حيدر العبادي، وأطرافاً علمانية مثل ائتلاف "الوطنية" بزعامة أياد علاوي، وسنية مثل تحالف "للعراق متحدون" الذي يقوده أسامة النجيفي.

واشتكى الحكيم والعبادي وعلاوي والنجيفي علناً من أن عبد المهدي لا يتشاور معهم بما يكفي في إدارة شؤون البلاد، ولم يمنح أحزابهم مواقع تنفيذية مهمة في الدولة.

ولا يشكّل علاوي والنجيفي أرقاماً مهمة في المعادلة السياسية، لكن الحكيم والعبادي يمثلان عمقاً شيعياً مهماً لعبد المهدي، ما يمنح معارضتهما للحكومة زخماً كبيراً.

ولم يكن الحكيم والعبادي وحيدين بين القوى الشيعية المعترضة على السلوك السياسي لعبد المهدي، إذ شاركهما الموقف زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، الذي حصل حزبه على وزارة واحدة في الحكومة، لم تكن كافية للحصول على تأييده الكامل.

كتلة برلمانية معارضة

وتقول مصادر مطلعة إن الثلاثي الشيعي القوي، الحكيم والعبادي والمالكي، الذين تملك أحزابهم حوالى 60 مقعداً من مقاعد البرلمان العراقي البالغة 329 مقعداً، وصلوا في تنسيق جهودهم لإطلاق كتلة معارضة برلمانية إلى مستوى متقدم، وأبلغوا عبد المهدي بأن لديه مهلة حتى نهاية شهر رمضان لتصحيح الوضع السياسي الداخلي.

ويأخذ الثلاثي الشيعي على عبد المهدي أنه يستمع إلى اثنين فقط من القيادات الشيعية، وهما مقتدى الصدر، وهادي العامري، زعيم تحالف الفتح، ثاني أكبر القوائم التي تملك مقاعد في البرلمان العراقي، في شؤون الحكومة ومواقفها، ويهمل آراء الأطراف الشيعية الأخرى ومطالبها.

عبد المهدي ينجح مع الحكيم ويفشل مع العبادي

مصادر وثيقة الصلة بعبد المهدي، أبلغت "اندبندنت عربية" بأن رئيس الوزراء العراقي سعى إلى "استرضاء الثلاثي الشيعي الغاضب"، ووعدهم بأخذ مطالبهم على محمل الجد، إذا ساندوا الحكومة في جهود الوساطة بين الولايات المتحدة وإيران.

وبينما يبدو أن جهود عبد المهدي أثمرت تهدئة للحكيم، واصل العبادي تصعيده ضد الحكومة في حين يحيط الغموض بموقف المالكي.

ويتمتع المالكي بعلاقات وثيقة مع إيران، بينما يرتبط العبادي بصلات مهمة مع الولايات المتحدة، كما يملك الحكيم علاقات مقبولة بكل من طهران وواشنطن.

وفي أحدث تصريح أطلقه العبادي مساء الخميس 23 مايو، قال إنه ينتقد الحكومة لأنها "أعادت فتح نوافذ على إيران، سبق لي أن أغلقتها"، ملمحاً إلى أن عبد المهدي ربما يجامل الإيرانيين.

رئاسة البرلمان في مرمى النيران

وفي الجهة المقابلة، تفجّرت خلافات داخلية كبيرة بين القوى السياسية السنية إثر انتخاب محافظ لنينوى، بطريقة لم تعجب أطرافاً مؤثرة، ونجح زعيم المشروع العربي خميس الخنجر، في حشد تأييد يكفي لتمرير مرشحه لمنصب محافظ نينوى، ما أغضب رئيس البرلمان محمد الحلبوسي وأسامة النجيفي.

وبينما كان متوقعاً أن يتحالف الحلبوسي والنجيفي لمواجهة تمدّد الخنجر السياسي الذي يراهن على تحالفه مع قوى شيعية مقربة من إيران، اتجه كل منهما إلى تشكيل تحالف مستقل، لتصحوَ الساحة السياسية السنية على ثلاثة تحالفات متناحرة.

ويعمل الحلبوسي على منع حزب الخنجر من الحصول على حقيبة التربية الشاغرة في حكومة عبد المهدي، ما استدعى رداً من الخنجر يتضمن جهوداً للإطاحة بالحلبوسي من رئاسة البرلمان.

ويراقب النجيفي هذا الصراع، بانتظار فرصة للانقضاض على منصب الحلبوسي، الذي كان قريباً منه للغاية خلال مرحلة تشكيل الحكومة بعد انتخابات مايو الماضي.

تطور لافت في الملف السني

مع ذلك، سجلت أخيراً تطورات كبيرة في الملف السياسي السني، إذ اجتمع الخنجر والنجيفي على وجبة إفطار في جامع "أبي حنيفة النعمان"، في منطقة الأعظمية، أهم معاقل السنة في بغداد، بدعوة من "المجمع الفقهي العراقي، "على نية تصفية الخلاف"، وفقاً لتعبير أحد المشاركين في اللقاء، الذي أقرّ بأن "تصفير الأزمات بين ساسة المكون السني، لن يكتمل في ليلة، بل يحتاج إلى عمل كبير".

المزيد من العالم العربي