Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حديث الحرب يسري همساً بين الإيرانيين

بعضهم لا يعارض غزواً أميركياً ويعتبر سقوط النظام هو الحل

نساء إيرانيات في أحد شوارع طهران (أ.ب)

 

على الرغم من سعي القادة الأميركيين والإيرانيين إلى طمأنة الشعبين إلى أن الحرب مستبعدة أقله في الفترة القريبة، غير أن الأعصاب متوترة ومشدودة لدى الإيرانيين الذين يواجهون صعوبات من جراء تشديد العقوبات، خشية انفلات زمام الأمور.

وفي مقابلات نظمت من خارج إيران، عبر الهاتف والإنترنت، كشف إيرانيون عن مناقشات حامية تدور في الشوارع وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، وأن لا حديث للإيرانيين سوى عن الحرب المرتقبة.

قال نعمة عبد الله زادة المستشار القانوني في شركة إيرانية ناشئة لـ "رويترز"، "إن احتمال نشوب الحرب أصبح الآن موضوع النقاش الرئيسي في الأماكن العامة وشركات العمل وفي الحافلات"، وأضاف "إلى جانب تدهور الاقتصاد الإيراني، أعتقد أن أشد الآثار حدة، للمواجهة مع الولايات المتحدة، هي حالة الإيرانيين النفسية. فهم يعانون قدراً كبيراً من التوتر".
وكانت الولايات المتحدة قد انسحبت قبل عام من الاتفاق الذي أبرمته إيران مع القوى العالمية، لتقييد برنامج طهران النووي، في مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

وخلال شهر مايو (أيار) الحالي، اشتدت حدة التوترات بشكل كبير ووسعت واشنطن نطاق العقوبات، لتمنع الدول كافة من استيراد النفط الإيراني.

ونشر الرئيس الأميركي دونالد ترمب تغريدة قال فيها "إذا أرادت إيران القتال فستكون هذه نهايتها الرسمية". وعمدت إيران إلى التقليل من التصريحات ووصفتها بأنها "حرب نفسية من جانب إدارة أميركية غير مستعدة للحرب". لكن بعض الإيرانيين يقولون إن "التوتر قد يكون له منطقه الخاص الأمر الذي يزيد احتمال حدوث خطأ يؤدي إلى العنف".

وجهان لعملة واحدة
من جهته، قال ناشط عمالي أمضى شهوراً في سجن إيراني بسبب أنشطته "الحرب والعقوبات وجهان لعملة واحدة من تصميم النظام الرأسمالي (الأميركي)، وستتحمل الطبقة العاملة عبء الضغوط".

ويتوقع بعض الإيرانيين أن تؤدي الضغوط إلى مفاوضات مثلما حدث عندما شدد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما العقوبات التي كبلت الاقتصاد الإيراني، تبعها اتفاق نووي أبرم في العام 2015. غير أن آخرين يعتقدون أن قياداتهم لن تعاود السير في هذا الطريق، عقب العقوبات التي أعاد ترمب فرضها.

الرأي العام
وقالت طالبة رفضت الكشف عن اسمها "أي سياسي يبدأ التفاوض مع أميركا سيجعل من نفسه مغفلاً، حتى محمد جواد ظريف يئس من ذلك"، في إشارة إلى وزير الخارجية الإيراني الذي درس في الولايات المتحدة.

وصرح ظريف لقناة أميركية هذا الأسبوع قائلاً إن "إيران تصرفت بحسن نية في التفاوض على الاتفاق الذي انسحبت منه واشنطن"، وأضاف "لسنا مستعدين للتحاور مع أناس أخلفوا وعودهم".

وقد قال ترمب في وقت سابق إن "واشنطن لا تحاول إجراء محادثات، بل تتوقع أن تتصل بها طهران عندما تكون مستعدة". في حين أكد مسؤول أميركي الأسبوع الماضي أن "الأميركيين ينتظرون بجوار الهاتف"، غير أنهم لم يتلقوا أي مكالمة من إيران.

ترمب لا يسعى للتفاوض
وقال فؤاد إزادي أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران لـ "رويترز"، إن "تلك المكالمة الهاتفية لن تحدث"، وأضاف "المسؤولون الإيرانيون توصلوا إلى هذه النتيجة، ترمب لا يسعى للتفاوض، فهو يود أن يتلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس الإيراني حسن روحاني، بل وعقد اجتماع والتقاط الصور، لكن هذا ليس تفاوضاً حقيقياً".

وعلى الرغم من القول إن "المحادثات لم تعد مطروحة الآن"، فلا يزال القادة الإيرانيون يقولون إن "الحرب مستبعدة"، وذكر المرشد الأعلى علي خامنئي أن "الولايات المتحدة لن تهاجم لأن ذلك ليس في صالحها".

ويرى رجل الدين الشاب محسن مرتضوي، الذي تخرج من مدرسة دينية في مدينة قم، أن ذلك منطقي، وقال لـ "رويترز"، "لن تقوم أية حرب لأن المواجهة العسكرية لن تحل أياً من المشاكل الأميركية بل ستزيدها، صيحات ترمب وتهديداته حرب نفسية، والكلب الذي لا يعض ينبح".

غير أن أستاذ العلوم السياسية إزادي يختلف مع هذا الرأي، إذ يقول "الحرب محتملة جداً، فهناك مسؤولون في واشنطن يخططون لغزو إيران منذ سنوات".

تخزين المؤن
من ناحية أخرى يجاري الإيرانيون تداعيات العقوبات والتوتر يوماً بيوم. وقال سكان وأصحاب متاجر إن "المخاوف من صعوبة الحصول على المنتجات دفعت بعض الإيرانيين إلى تخزين الأرز ومواد التنظيف والأطعمة المعلبة"، على الرغم من دعوات المسؤولين والتطمينات المتلفزة لإقناع الناس بعدم تخزين السلع.

ويظهر رجل في منتصف العمر وهو عائد إلى بيته، بعد يوم عمل طويل، ويرى الناس يشترون بدافع الذعر، فيعمد هو أيضاً إلى شراء كل ما يستطيع أن يضع يده عليه، فتبدو الرفوف فارغة.

وقال علي الطالب الإيراني في طهران لـ "رويترز"، إنه "على النقيض من كثيرين لا يعارض غزواً عسكرياً أميركياً، إذ يعتقد أن سقوط إيران هو الحل الوحيد للمشاكل الاقتصادية والسياسية المتزايدة"، وأضاف "أملي الوحيد هو الحرب حتى أستطيع أن أشفي غليلي، وأنا أقول لأصدقائي في الجامعة أن سبيلنا الوحيد هو النضال المسلح... فليس لدينا ما نخسره".

ويعتقد شاهين ميلاني (38 سنة) الذي ينشر تغريدات عن السياسة الإيرانية لأكثر من 7 آلاف متابع على تويتر، أن "التدخل العسكري لن يؤدي إلى الديمقراطية على الإطلاق، ويتابع قائلاً "على الناس أن يفعلوا ذلك بأنفسهم... إذا كان شخص ما يشعر حقاً بالقلق من خطر الحرب، فعليه أن يعمل على إقامة حكومة ديمقراطية علمانية في إيران... وما دامت الجمهورية الإسلامية تتولى السلطة فسيظل شبح الحرب مخيماً على إيران".

المزيد من الشرق الأوسط