أثار مرسوم رئاسي حول إجبارية التطعيم ضد فيروس كورونا جدلاً في تونس بسبب أحكامه الزجرية التي تصل إلى حد تعليق العمل بالنسبة إلى القطاع العام وتعليق عقود العمل في القطاع الخاص.
وإذا كانت إجبارية إظهار الجواز في الأماكن المغلقة دخلت حيز التنفيذ في غالبية دول العالم التي تقدمت في نسب التحصين، فإن الجدل حالياً يتمحور حول ضرورة إظهاره في أماكن العمل، وما يتبعها من تساؤل بشأن الأولوية: حق العمل أم حق الحياة؟
حوار مجتمعي غائب
في هذا السياق، يرى المكلف بالإعلام في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر أن المرسوم الرئاسي "فيه إقصاء تام لمن يرفضون أخد اللقاح".
وينتقد "غياب النقاش المجتمعي حول مسألة إجبارية التطعيم، من أجل إقناع الرافضين قبل إصدار هذا القانون، بخاصة أنه لا إمكانية للطعن فيه لدى المحاكم"، وإن كان لا ينفي أهميته في التشجيع على تلقّي اللقاح.
واستنكر بن عمر ما اعتبره "الجانب الزجري المبالغ فيه، المتمثل في الإيقاف عن العمل"، معتبراً أن هذا القانون يمسّ حرية التنقل وحق العمل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان المرسوم الرئاسي، الذي صدر في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، شمل المؤسسات العمومية والمؤسسات التعليمية بجميع أصنافها والهياكل الصحية العامة والخاصة والمقاهي والمطاعم والوحدات السياحية والمعارض وغيرها.
من جهتها، ترى الحقوقية بشرى بلحاج حميدة أن "المشكلة ليست في القرار، بل في مدى استعداد المواطنين لقبوله"، منددة بغياب النقاش المجتمعي، وقائلة "بالنسبة لي، كنت مع ضمانات تتعلق بالمعطيات الشخصية".
وعاشت تونس أزمة صحية حادة كانت من الأسباب التي أجبرت رئيس الجمهورية قيس سعيد على اتخاذ قرارات 25 يوليو (تموز) الماضي، بإغلاق البرلمان وإقالة الحكومة، التي فشلت في توفير اللقاحات، إذ وصل عدد ضحايا كورونا إلى حوالى 22 ألف شخص.
بين الاستبداد والديمقراطية
يقول الناشط السياسي طارق الكحلاوي إن "إجبارية إظهار جواز التطعيم في أماكن العمل ليست معياراً للتمييز بين الاستبداد والديمقراطية"، مفسراً في تدوينة له نشرها على صفحته في "فيسبوك"، "إيطاليا منذ أسبوع أصبحت أول ديمقراطية عريقة تفرض الجواز في أماكن العمل بالرغم من المعارضة والجدل. وتم ذلك عبر مرسوم حكومي وليس قانوناً مر عبر البرلمان".
يضيف "هناك نقاش مماثل في دول أخرى، وبعضها مثل إيرلندا يتجه لاتباع المثال الإيطالي".
ويعتقد الكحلاوي أن "أسبقية إيطاليا نابعة من حالة الصدمة التي عاشتها البلاد العام الماضي حين خلّف كورونا عدداً مهولاً من الضحايا". وهو ما يفسر أنه بالرغم من بعض التظاهرات المعارضة، فإن غالبية الإيطاليين تقبّلت القرار، بحسب تقديره.
ويواصل "هناك صدمة مماثلة حدثت في تونس في الصيف الماضي يبدو أن البعض نسيها، حينما كان التطعيم محدوداً وحدثت إبادة حقيقية تستوجب تحقيقاً ومحاكمة".
ولم يخفِ الكحلاوي امتعاضه من عدم إمكانية الطعن في المرسوم وصمت الحكومة، قائلاً إن "هذا لم يحصل في إيطاليا حيث تواصلت الحكومة مع مواطنيها وفسرت ضرورة الإجراء. كما يمكن للإيطاليين الطعن في القرار في المحاكم".