أعلن تحالف دعم الشرعية في اليمن الذي تقوده السعودية الأحد مقتل 165 فرداً من مليشيا الحوثي في غارات جديدة جنوب مدينة مأرب الاستراتيجية خلال الساعات ال24 الماضية، بينما أكّد الحوثيون تقدّمهم في المنطقة رغم مصرع نحو ألف من مقاتليهم خلال أسبوع.
وأفاد التحالف في بيان أنّه نفّذ 41 “عملية استهداف” أدّت إلى تدمير 10 آليات عسكرية للمليشيا “وخسائر بشرية تجاوزت 165 عنصراً إرهابياً” في العبدية على بعد حوالى 100 كيلومتر جنوب مدينة مأرب التي يحاول الحوثيون السيطرة عليها منذ أشهر.
وكانت المعارك احتدمت في محيط مديرية العبدية (جنوب غربي مأرب) منذ أيام واتخذت المواجهات أسلوب الكر والفر بالتزامن مع إعلان التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، أمس السبت 16 أكتوبر (تشرين الأول) كذلك، مقتل 160 من الميليشيات الحوثية في غارات جديدة جنوب المدينة الاستراتيجية.
وأفاد التحالف في بيانه أمس أنه نفذ 32 "عملية استهداف" خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، أدت إلى تدمير 11 آلية عسكرية "وخسائر بشرية تجاوزت 160 عنصراً إرهابياً" في العبدية على بعد نحو 100 كيلومتر جنوب مأرب، التي يحاول الحوثيون السيطرة عليها منذ أشهر.
ومنذ فبراير (شباط) الماضي، صعّد الحوثيون عملياتهم العسكرية للسيطرة على المدينة، آخر معاقل الحكومة المعترف بها في شمال البلاد.
وأوقعت المعارك منذ ذلك الوقت مئات القتلى من الجانبين، وتسببت بنزوح أكثر من 55 ألف شخص من منازلهم منذ مطلع العام الحالي، وفق ما أعلنت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، أول من أمس.
أعمال انتقامية
في غضون ذلك، قالت منظمة حماية للتوجه المدني (غير حكومية) السبت، إنها تلقت "بلاغات مؤكدة عن أعمال انتقامية يمارسها الحوثيون بحق السكان في عدد من مناطق مديرية العبدية، التي زعمت الميليشيات السيطرة عليها.
وأوضحت المنظمة في تغريدات نشرتها على حسابها بـ"تويتر"، أن أعمال الانتقام التي مارستها ميليشيات الحوثي "تمثلت في مداهمة المنازل واختطاف عدد من الجرحى ونهب ممتلكات خاصة، منها المركبات ومحتويات البيوت وإحراق المحاصيل الزراعية".
وذكرت أن طفلاً "يبلغ اثني عشر عاماً قام الحوثيون بقتله في إحدى القرى بمديرية العبدية"، فيما قال ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، إن الطفل يدعى "ناصر العذري الثابتي"، وقتله الحوثيون بعد التحقيق معه بذريعة البحث عن جرحى وسلاح.
وأشار التقرير إلى أن "عشرات الأُسر فرت من قُراها وديارها إلى محيط المديرية في نزوح داخلي بالشعاب والأودية، وفي وضع مأساوي، أصبحت الأشجار والأكواخ مساكنهم الجديدة".
على الصعيد السياسي، أعربت الولايات المتحدة عن قلقها البالغ من تصعيد ميليشيات الحوثي عسكرياً وحصارها المدنيين في عدد من المحافظات اليمنية لتحقيق مكاسب ميدانية.
وقالت السفيرة الأميركية لدى مجلس الأمن الدولي، ليندا توماس غرينفيلد، إن هجمات الحوثيين المستمرة في جميع أنحاء اليمن والمنطقة تتحدى الإجماع الدولي.
وأضافت غرينفيلد، خلال جلسة عقدها مجلس الأمن لمناقشة تطورات الوضع الإنساني والعسكري والسياسي في اليمن، أن هذه الأعمال هي أكبر عقبة فردية أمام السلام.
ورأت إنه يجب على مجلس الأمن أن يظهر دعمه الثابت لمكتب المبعوث الخاص للأمين العام لليمن والدعوة إلى وقف ممارسات الحوثيين.
إدانة الهجوم على مأرب
وإزاء هجومهم المستميت على مأرب منذ نحو ثمانية أشهر، قالت غرينفيلد، "لا تزال الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ من هجوم الحوثيين على مأرب التي تضم أكثر من مليون نازح داخلي، ولقد أدى التصعيد الكبير إلى سقوط مئات القتلى".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما أكدت أن "الولايات المتحدة تدين على وجه الخصوص، وبشديد العبارة، الهجوم الصاروخي الحوثي على مأرب بتاريخ 3 أكتوبر (تشرين الأول)، الذي أسفر عن مقتل طفلين وإصابة نحو 33 مدنياً آخرين".
وكانت ميليشيات الحوثي الانقلابية جددت في 3 من الشهر الحالي قصفها بالصواريخ الباليستية أحياء سكنية عدة في مدينة مأرب، شمال شرقي اليمن تسبب في مقتل وجرح العشرات بينهم أطفال ونساء.
حصار العبدية
وتطرقت السفيرة الأميركية إلى الحصار الذي فرضته ميليشيات الحوثي على مديرية العبدية ومنعها الصارم دخول الغذاء والأدوية للأهالي في مسعى لإخضاع المديرية التي قاوم أبنائها المشروع الحوثي والإيراني.
وقالت، "يعرّض الحصار الذي يفرضه الحوثيون على العبدية عشرات الآلاف من المدنيين لخطر جسيم".
استهداف السعودية
وفي الاعتداءات التي تعدت الداخل اليمني إلى دول الجوار، دانت الهجمات الأخيرة التي شنها الحوثيون عبر الحدود ضد السعودية ومطاري الملك عبدالله وأبها، ما أدى إلى إصابة أكثر من عشرة أشخاص أبرياء.
وأوضحت أن هذه الأعمال المروعة تستهدف موظفي المطار المدنيين والمسافرين، وتقوض جهود السلام، وتتحدى هذه الإجراءات الإجماع الدولي والإقليمي على إنهاء الحرب.
وفي إشارة للرفض الحوثي المتكرر لجميع دعوات السلام المحلية والإقليمية والدولية، قالت، "لقد رفض الحوثيون باستمرار الالتزام بوقف إطلاق النار أو مناقشة حل سياسي للصراع، أو الانخراط بشكل بنّاء مع الأمم المتحدة وترك لهذا المجلس أمر الضغط بشكل فردي وجماعي على الحوثيين للمشاركة بشكل هادف".
انتهاكات
وفي إشارة إلى الانتهاكات الإنسانية التي تشهدها المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية، قالت غرينفيلد، "تثير تقارير الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان الأساسية وسيادة القانون في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، قلقاً بالغاً، ولا سيما الإعدام العلني بتاريخ 18 سبتمبر (أيلول) لتسعة أفراد، أحدهم قاصر".
وبهذا، أكدت أنه يجب على الحوثيين احترام حقوق الإنسان الأساسية، ويجب أن يتمتع جميع اليمنيين بحق الحصول على محاكمات عادلة والإجراءات القانونية الواجبة بموجب القانون الدولي.
وحذرت من أنه "سيتحمل الحوثيون المسؤولية الكاملة عند حدوث تسرب أو انسكاب أو انفجار، ولكن الأسوأ من ذلك هو أن الشعب اليمني سيتحمل وطأة المعاناة".
الحاجة لإنهاء العنف
وفي أول إحاطة له منذ توليه مهامه مطلع أغسطس (آب) الماضي، جدد المبعوث الأممي الخاص لليمن، هانس غرندبيرغ، التأكيد على حاجة اليمن "إلى تسوية سياسية شاملة تفاوضية تنهي العنف كلياً، وتعيد لمؤسسات الدولة قدرتها على العمل، وتمهد الطريق أمام النهوض الاقتصادي والتنمية، وتؤدي إلى حكم خاضع للمساءلة، وإلى العدالة وسيادة القانون، وتعزز وتحمي كامل حقوق الإنسان لليمنيين".
وتهيئة لوقف جميع أشكال العنف أكد غرندبيرغ في إحاطة قدمها عبر دائرة الاتصال المرئي من مكتبه في عمان، ضرورة إيقاف الحوثيين للتصعيد العسكري في محافظة مأرب ومحيطها، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين المحاصرين في مديرية العبدية منذ أكثر من شهر.
وأكد أن المبعوث الأممي، أنه "يتابع عن كثب التطورات في العبدية".
وأشار إلى التأكيد في لقاءاته الأولى التي عقدها مع العديد من الأطراف اليمنيين على اختلاف توجهاتهم، "على أهمية التصدي للهموم الاقتصادية والإنسانية، وأن بلادهم لا يمكن أن تحكمها مجموعة واحدة بفاعلية، وأن تحقيق السلام المستدام يتطلب التعددية".
فجوة ثقة
وفي انطباع أولي عقب جولته الأولى التي التقى خلالها جميع الأطراف اليمنية، أكد المبعوث الأممي، أن "فجوة الثقة بين الأطراف كبيرة وآخذة في الاتساع"، مشيراً إلى مشاوراته مع "الحكومة اليمنية في الرياض وفي عدن، وكذلك بـ"أنصار الله" (ميليشيات الحوثي) في مسقط".
وخلص إلى أن مسألة اتباع نهج متسلسل من الخطوات المؤقتة المحلية لا تزال هاجساً يطغى على الحاجة إلى البدء في نقاش محددات تسوية سياسية للنزاع". وأضاف، "على الرغم من أنه لا بد من إحراز التقدم في الأمور الاقتصادية والإنسانية العاجلة، لا يمكن تحقيق حل مستدام إلا من خلال تسوية سياسية شاملة قائمة على التفاوض (...)، لا ينبغي أن يكون هناك شروط مسبقة لإجراء المحادثات".
واعتبر المبعوث عودة رئيس الحكومة إلى عدن "خطوة مهمة نحو تعزيز عمل مؤسسات الدولة وقدرتها على مواجهة الحاجة العاجلة للتعافي الاقتصادي وتوفير الخدمات الأساسية"، مستدركاً، "إلا أن التحسينات المستدامة لن تكون ممكنة إلا إذا عمل الفاعلون السياسيون معاً متخطين الانقسامات السياسية".
ولفت المبعوث إلى ما شهده اليمن في الأسابيع الأخيرة من "إعدامات علنية وأحداث إخفاء قسري وقتل واستخدام الذخيرة الحية ضد المحتجين في مختلف أنحاء البلاد"، معرباً عن أسفه "لعدم تجديد ولاية مجموعة الخبراء البارزين".