Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"حزب الله" يواجه تحقيقات المرفأ بتفجير الشارع وتعطيل مجلس الوزراء

لوّح بالانسحاب من الحكومة وإسقاطها بضربة "الفيتو الطائفي" و"الثلث المعطل"

تظاهرة لأهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت للتنديد بالتهديدات التي تطاول القاضي بيطار (رويترز)

بشكل واضح وصريح، أعلن الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله أن "القاضي طارق بيطار لا يجب أن يبقى المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت"، ليستكمل سيناريو التهديد المباشر الذي وصل إلى بيطار على لسان مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا.
تهديد "حزب الله" بإقالة القاضي بيطار لم يبقَ مجرد إعلان لفظي، إذ كان للوزراء المحسوبين على "الثنائي الشيعي"، تحرّك لافت داخل مجلس الوزراء بهدف حث الحكومة على إزاحة القاضي واستبداله بآخر، وذلك بعد ردّ النيابة العامة التمييزية لدعاوى الارتياب التي تقدم بها المتهمون بقضية مرفأ بيروت. إلا أن التوتر الذي ساد بين الوزراء دفع رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة نجيب ميقاتي إلى تأجيل الجلسة لموعد آخر.

المحكمة الدولية

وتشير المعلومات إلى أن "حزب الله" مصمم على تنفيذ قراره بإزاحة بيطار عن تحقيقات انفجار المرفأ تحت ذريعة أن التحقيقات مسيّسة وتستهدفه بشكل مباشر، ولو أدى ذلك إلى شلل الحكومة وتطييرها، الأمر الذي يعيد إلى الأذهان الحملة التي شنّها الحزب على المحكمة الدولية الخاصة بلبنان عقب اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، إذ أعلن حينها رفضه الاعتراف بقراراتها، وقال نصر الله وقتها "لن نسلّم أي من الذين تتهمهم المحكمة الدولية ولو بعد 300 سنة".

وتداولت حسابات ومواقع تابعة للثنائي الشيعي أن "حزب الله" و"حركة أمل" بصدد التحضير لتحرك شعبي واسع أمام قصر العدل في بيروت، عنوانه المطالبة بكفّ يد القاضي بيطار واستبداله، كما انتشرت مقاطع صوتية لمسؤولين ميدانيين يتوعدون بمشهد قريب لما حصل في 7 مايو (أيار) 2008، حين اجتاح الحزب وحلفاؤه العاصمة اللبنانية.

"تفجير" الحكومة

ويتخوف مصدر وزاري من أن يؤدي مطلب الحزب بإدراج قضية إزاحة بيطار كشرط لانعقاد أي جلسة لمجلس الوزراء، إلى "تفجير" الحكومة التي تشكّلت أخيراً بعد 13 شهراً من الانتظار، لافتاً إلى أن الحزب يلوّح بالانسحاب من الحكومة، بالتالي إسقاطها بضربة "الفيتو الطائفي" إذ إن "الثنائي" استأثر بمقاعد جميع الوزراء الشيعة، كاشفاً أن الحزب أيضاً يمتلك ثلثاً معطلاً داخل الحكومة من خلال ستة وزراء شيعة ووزيري تيار المردة ووزيرين مقربين منه من ضمن حصتَي عون وميقاتي.
وحول موقف رئيس الحكومة، يشير المصدر الوزاري نفسه إلى أنه في أولى جلسات مجلس الوزراء، أعلن ميقاتي أنه سيتجنّب مناقشة القضايا الخلافية داخل الحكومة، موضحاً أن "الهدف هو أن يكون عمل الوزراء كفريق عملاً إنقاذياً وليس كممثلين منتدبين من الأحزاب إلى مجلس الوزراء".

تجاوز المجلس النيابي

وعلى وقع تهديدات الحزب للقاضي بيطار، نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول لبناني قوله إن الحكومة اللبنانية أجّلت جلستها يوم الأربعاء 13 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، المخصصة لبحث إمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن التحقيق في انفجار مرفأ بيروت.
وفي هذا الإطار، أرسلت الأمانة العامة لمجلس النواب كتاباً إلى وزارة الداخلية والبلديات اعتبرت فيه أن "السير بالإجراءات اللازمة في ما يتعلّق بجريمة انفجار مرفأ بيروت لا يعود اختصاصه إلى القضاء العدلي"، مشددةً على أن "أي إجراء من قبله يتعلّق بأحد الرؤساء والوزراء والنواب يُعتبر تجاوزاً لصلاحيته".

تصفية الطبقة السياسية

وأوضح مصدر مقرب من "حزب الله" أن تحرك الحزب لا يهدف إلى زيادة التعقيدات في المشهد الداخلي، إنما هو بصدد "تصويب مسار التحقيق الذي بات وكأنه عملية سياسية مدعومة خارجياً لتصفية حسابات مع الطبقة السياسية والانتقام من الحزب عبر إلصاق التهمة ظلماً به"، مذكراً بما قاله نصر الله، "لن تصلوا إلى العدالة، القاضي بيطار يوظّف الدماء خدمة لاستهدافات سياسية".
وأوضح المصدر ذاته أن الحزب يسعى إلى الحفاظ على الحكومة، إلا أنه لن يقبل أن تبقى ساكتة عن تجاوزات بعض القضاة ومحاولاتهم دخول معترك السياسة من بوابة الاستفادة من موجة الرأي العام الغاضب من السلطة والمؤيد للتجرّؤ على السياسيين من مختلف الطوائف. وكشف أن قرار "الثنائي" بسحب ملف التحقيق من القاضي بيطار حاسم ولو وصل الأمر إلى حدود الاستقالة من الحكومة والعصيان المدني.
في السياق، رأى النائب عن "حزب الله" حسن فضل الله أن "تدخل وزارة الخارجية الأميركية مجدداً في قضية التحقيق في كارثة انفجار المرفأ من خلال تصريحاتها المناهضة لرافضي التسييس، والداعمة للسياسات المعتمدة من قبل المحقق العدلي، تُعدّ محاولة مكشوفة لترهيب المسؤولين اللبنانيين بهدف منعهم من إعادة التحقيقات إلى مسارها القانوني وإخراجها من دائرة التسييس". وأضاف "نحن أمام انتهاك أميركي جديد للسيادة اللبنانية، وانكشاف مستوى التدخل للتحكم والسيطرة على التحقيقات في انفجار المرفأ، لفرض إملاءات من أجل تقويض العدالة".

أولياء الدم

في المقابل، جدد أهالي ضحايا المرفأ خلال وقفة رمزية لهم أمام قصر العدل دعمهم للتحقيق الذي يجريه القاضي بيطار، معلنين تأييدهم لمساره القضائي وتضامنهم معه بوجه الحملة التي يتعرّض لها، وقالوا في بيان "نحن أولياء الدم لن نسمح بذهاب دماء شهدائنا هدراً أمام تلك التجاذبات والعرقلات والتحايل على القانون".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف البيان "نتوجه إلى مجلس الوزراء مجتمعاً، مصرّين على احترام فصل السلطات، بالتالي عدم التدخل بعمل المحقق العدلي طارق بيطار وعرقلة التحقيق"، محذرين من مغبّة التفكير باستبدال القاضي أو ترهيبه مهما زاد منسوب التهديد، وطالبوا السياسيين بأن يكفّوا أيديهم عن القضاء.

موظف غير عادي

وحول إمكانية نجاح الضغط السياسي في إزاحة القاضي العدلي من موقعه، أشار الباحث الدستوري الدكتور أنطوان صفير إلى أن "القانون حدّد صلاحيات واسعة للمجلس العدلي وسلطة تقديرية واسعة للمحقق العدلي من دون أحقية الاعتراض على قراراته، فلا سلطة تعلو عليه ولا تقديم مراجعات، لا استئنافاً ولا تمييزاً بوجهه، من هنا القاضي بيطار ليس بموظف عادي". ولفت صفير إلى أن "جريمة مرفأ بيروت كبيرة جداً والقاضي بيطار يؤدي دوراً لا يتلاءم مع الأجندات السياسية القائمة في لبنان"، مشدداً على أن "السياسة تتدخّل في كل الأمور وقانون أصول المحاكمات الجزائية لم يُشِر إلى سحب المحقق العدلي من أي ملف، والموضوع له أصول قانونية لا يمكن تغييرها، بالتالي لا مادة قانونية تعطي مجلس الوزراء الحق في استبداله بقاضٍ آخر".

منطق مقلوب

وتعليقاً على الهجمة الشرسة ضد التحقيق والمحقق، قال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع إن "المنطق المقلوب السائد في لبنان منذ أعوام والمقرون بلغة الفرض والتهديد والقوة والإكراه والخطوط الحمر والصفر، بغية تزوير الحقائق وقلب الوقائع ومزج السم بالدسم وقتل القتيل والمشي بجنازته بهدف استباحة السيادة أكثر فأكثر".

واعتبر جعجع أن "ما يحصل مع القاضي بيطار وما حصل قبله مع القاضي (فادي) صوّان (المحقق العدلي السابق الذي كُفّت يده عن التحقيق)، لا يشذّ عن هذه القاعدة. إما رأس القاضي بيطار أو رأس الحكومة، إما إزاحة بيطار أو تفجير الشارع وتفجير البلد وبطبيعة الحال تفجير الحكومة"، لافتاً إلى أن "الخضوع المتتالي لمعادلات الترهيب المتواصلة منذ أعوام، أوصل اللبنانيين إلى ما هم عليه اليوم، لذلك فإن أي ابتزاز إضافي تخضع له رئاستا الجمهورية والحكومة بخصوص تحقيقات جريمة المرفأ هو بمثابة مسمار إضافي، وربما أخير، في نعش ما تبقّى من دولة لبنانية".
وشدد رئيس حزب القوات على أن "المطلوب من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والحكومة مجتمعةً، أن يتحمّلوا مسؤولياتهم في رفض الإذعان لترهيب حزب الله".

المزيد من العالم العربي